حول التقارب التركي السعودي الجاري
ملاذ سعد ملاذ سعد

حول التقارب التركي السعودي الجاري

تتغير العلاقات الدولية وتتطور طرداً مع التراجع الأمريكي عالمياً، ومنها ما يتعلق بالسعودية– تركيا اللتين تبدوان أنهما تمضيان نحو التقارب فيما بينهما، ويعد ملف اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي أحد المؤشرات على ذلك.

في آخر شهر آذار الماضي طلب المدعي العام التركي وقف المحاكمة الغيابية للمتهمين في قضية اغتيال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول ونقل ملف المحاكمة إلى السعودية، وهذا بدوره يتطلب أن تبدي وزارة العدل التركية رأيها في الأمر.
وبنفس اليوم أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو عن وجود خطا مهمة لتطبيع العلاقات بين تركيا والسعودية، ثم في 2 نيسان أعلنت وزارة العدل التركية عن «عدم اعتراضها» على طلب المدعي العام بنقل ملف المحاكمة إلى السعودية.
إن هذا التطور يعكس تقارباً سعودياً-تركياً جاداً، خاصة وأنه يُنهي ملفاً كان على مدى 3 سنوات، منذ 2018، يشكل أداة ضغط على السعودية، ومن الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً التي كانت تهدد السعودية وتضغط عليها من خلاله كل حين، وكان التصعيد الأمريكي الأكبر فيما يخصه قبل عامٍ واحد في شباط 2021 عندما أصدرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA تقريراً يزعم بموافقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على اعتقال خاشقجي أو قتله وذلك بعد تهديدات مطولة من إدارة بايدن بإصدار هذا التقرير.

التغييرات لا تشمل تركيا فحسب

لكن هذا الميل بالتغييرات في العلاقات السعودية سواء إقليمياً أو دولياً ليس بجديد وليس مع تركيا فقط، بل ومع أشد خصوم السعودية من وجهة النظر الأمريكية، إيران، تجري اجتماعات وحوارات علها تفضي إلى تقاربٍ ما، ودولياً لم تتخذ السعودية موقفاً يدين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا- وهي حليفة الولايات المتحدة تاريخياً في الخليج العربي- فضلاً عن الأحاديث غير الرسمية والتوقعات بأن تقدم السعودية على بيع نفطها للصين بغير الدولار.
وبذلك فإن التطور السعودي- التركي، وإن جاءت هذه الخطوة من الجانب التركي إلا أنه وبالعمق يشير إلى تغيرٍ ما يجري في سياسات المملكة العربية السعودية تجاه دول الجوار، وبعيداً عن الولايات المتحدة الأمريكية وبمعزلٍ عنها، بما يشابه التغير التركي منذ 5 أعوام، أو ما نسميه بالاستدارة نحو الشرق. الوزن الكبير الذي يمكن للسعودية أن تلعبه في المنطقة قادر على تغيير كبير في المعادلة، ويبدو أن تركيا تدرك هذا جيداً فهي وعلى الرغم من الملفات التي لا تزال تمسكها، تُقدِم اليوم على خطوات أكثر جرأة باتجاه السعودية والتي لا يمكن أن تتم إلا على حساب علاقات البلدين مع واشنطن، فالتطورات الأخيرة تمهد بشكل متسارع إلى تأسيس مناخ جديد في المنطقة تصبح فيها قوى إقليمية كبرى كالسعودية وتركيا وإيران أقرب للتعاون فيما بينها وأبعد عن الحرب والنزاعات الخطيرة المحدقة في المنطقة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1064