العراق.. وعودة احتجاجات 2019

حيث قالت بلاسخارت خلال إحاطة لها في مجلس الأمن الدولي حول العراق:
«شعب العراق لا يزال ينتظر فرص عمل مربحة ومنتجة، وينتظر الأمن والأمان، وخدمات عامة مناسبة والحماية الكاملة لحقوقه وحرياته، والعدالة والمساءلة والمشاركة الفعالة للنساء والشباب، على سبيل المثال لا الحصر... بالطبع: يمكن أن يسامح المرء على صبره على مرحلة مطولة يستغرقها تشكيل الحكومة، إذا ما كنا نشهد حوارات حيوية حول توجهات السياسات، ومسارات التنمية وخطط الإصلاح الاقتصادي. إن كان ذلك هو ما يحرك المفاوضات يكون الصبر فضيلة بالفعل، ولكن حتى الآن، ما نشهده هو العكس تماماً: عرقلة التغيير والإصلاحات التي تحتاجها البلاد بشدة... إضافة إلى ذلك، وكما أشرت مراراً وتكراراً: إن الجبهة الداخلية الضعيفة تؤدي إلى الضعف، على سبيل المثال: في مواجهة تنظيم داعش المستعد لاستغلال أي فراغ سياسي وأمني. وكذلك الضعف إزاء التدخلات الخارجية المستمرة. وفي حالة العراق، هذه النقطة ليست افتراضية.. في غضون ذلك، يُمتحن صبر العراقيين. ففي تشرين الأول 2019 بلغ هذا الصبر أقصاه وخرج الكثير والكثير من العراقيين إلى الشوارع احتجاجاً على انعدام الفرص الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ونحن نعلم كيف انتهى ذلك، قتل المئات وأصيب الآلاف».
رغم عدم وضوح ما هي طبيعة التغيير والإصلاحات التي تشير إليها بلاسخارت، إلا أن توصيف الوضع الجاري في العراق، سواء بتدني المستوى المعيشي بكافة جوانبه- والذي ينذر بعودة الاحتجاجات- أو عرقلة التغيير، أو الجبهة الداخلية الضعيفة التي تؤدي في نهاية المطاف إلى استمرار التدخلات الخارجية، كل ذلك يعتبر صحيحاً.
لكن من جهة أخرى، يرى بعض العراقيين أن حديث بلاسخارت، رغم صحة توصيفه، يأتي محذراً من التحركات الشعبية وعدم الثقة بها، ففي حين بلاسخارت تعلم– من وجهة نظرها– كيف انتهت احتجاجات 2019 لمنحى سلبي تخلله العنف ومقتل المئات وإصابة الآلاف وفقاً لأقوالها، يرى العراقيون أن تلك الموجة تحديداً عززت تكاتف العراقيين ووحدتهم، وقد أعلن خلالها العراقيون رفضهم للانقسامات الطائفية والقومية في البلاد، وسعيهم لبناء نظام وطني جامع، عوضاً عن منظومة المحاصصة الحالية، وهي من فرضت على البرلمان العراقي إصدار قراره بإخراج القوات الأجنبية، فضلاً عن ضحايا الموجة التي يتحمل مسؤوليتهم النظام العراقي أولاً والقوى السياسية المرتبطة به.
وفيما يتعلق بعرقلة التغيير والإصلاحات، لا يوجد لدى العراقيين أي وهم بأن أي من القوى السياسية المنخرطة في المنظومة ستقدم على أدنى تغيير أو إصلاح، وأنه في نهاية المطاف لن يُنجز هذا التغيير سوى من قبل الشعب العراقي والقوى السياسية الممثلة له فعلاً، بدءاً بإخراج القوات الأجنبية، وعلى رأسهم الأمريكية بشكلٍ كامل من البلاد، تنفيذاً للقرار البرلماني ودون التفاف عليه.