قمة بريكس: التعاون والاستمرارية والتوحيد والتوافق
جرت يوم الخميس 9 أيلول قمة لرؤساء مجموعة دول البريكس برئاسة ناريندرا مودي، وفق موضوع التعاون من أجل الاستمرارية والتوحيد والتوافق، وقد حمل الاجتماع وبيانه الختامي رسائل عديدة للمجتمع الدولي.
كانت المشاركة الأساسية والأكبر ضمن الاجتماع هي لكلمات رؤساء الصين وروسيا بالدرجة الأولى، حيث طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ 5 مقترحات للتعاون بين دول البريكس، بينما تطرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الملف الأفغاني بشكل رئيسي، وقد ناقش الاجتماع عموماً قضايا أزمة كوفيد-19 عالمياً والتعاون الاقتصادي والأمن الدولي والسيبراني.
مقترحات الصين
أكد الرئيس الصيني خلال كلمته على الحاجة إلى: ممارسة التعددية دولياً، والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وحماية الأخيرة بوصفها «النظام المركزي الدولي»، وتعزيز التضامن العالمي ضد كوفيد-19 وتوحيد الجهود لمواجهته، واعتماد «منهج علمي لتتبع منشئه» بعيداً عن التسييس، وتعزيز الانفتاح والنمو عبر الابتكار من أجل تسهيل عملية التعافي العالمية، وذلك من خلال «دعم نظام تجارة متعددة الأطراف المتمركزة حول منظمة التجارة العالمية» و«التأكد من أن نتائج التقدم العلمي والتكنولوجي الأخيرة تعود بالفائدة على جميع البلدان، والدفع نحو عولمة اقتصادية أكثر انفتاحاً وتوازناً وفائدة للجميع»، وتعزيز التنمية المشتركة و«تنفيذ كامل خطة التنمية المستدامة لعام 2030» والاستجابة بشكل فعال لتغيّر المناخ والانتقال إلى التطوير الأخضر والمنخفض الكربون، وبناء على تلك الحاجات قدم بينغ 5 مقترحات للعمل وفقها:
أولاً: تعزيز التعاون في مجال الصحة العامة وفق عقلية التضامن، عبر «دعم بعضنا البعض» وتبادل المعلومات ذات الصلة، والتعاون العملي حول اللقاحات، بما فيه البحث المشترك والإنتاج والاعتراف المتبادل بالمعايير الموضوعة.
ثانياً: تعزيز التعاون الدولي فيما يخص اللقاحات والوصول العادل للجميع، وأشار إلى أن الصين قد قدمت أكثر من مليار جرعة إلى أكثر من 100 دولة ومنظمة، و«ستسعى إلى توفير ملياري جرعة بحلول نهاية هذا العام» وبالإضافة لتبرع الصين بـ 100 مليون دولار لبرنامج كوفاكس ستتبرع الصين بـ 100 مليون جرعة إضافية من اللقاحات للدول النامية الأخرى خلال العام الجاري.
ثالثاً: تقوية التعاون الاقتصادي وفق المنفعة المتبادلة، مؤكداً على الحاجة «إلى التنفيذ الجاد لإستراتيجية الشراكة الاقتصادية لمجموعة بريكس 2025» ورحبت الصين بالتقدم الكبير «الذي تم إحرازه في توسيع عضوية بنك التنمية الجديد (NDB)»- تم مؤخراً إضافة الإمارات والأوروغواي وبنغلاديش كأعضاء جدد في البنك- وأشار إلى استضافة بريكس في «مركز ابتكار الثورة الصناعية الجديدة» الذي تم إطلاقه في شيامن وتخطيط المركز لعقد منتدى حول تطوير الانترنت الصناعي والتصنيع الرقمي، داعياً إلى وجود مشاركة فعالة من حكومات ومجتمعات أعضاء البريكس.
رابعاً: تعزيز التعاون السياسي والأمني بشكل منصف وعادل، مشيراً إلى «الحاجة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية لمجموعة بريكس» والاستفادة من الآليات التي أفرزتها بريكس كاجتماع وزراء الخارجية واجتماع الممثلين الأمنيين رفيعي المستوى و«تنسيق مواقفنا بشكل أفضل حول القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية» و«تنفيذ خطة عمل بريكس لمكافحة الإرهاب» بجدية حقيقية.
خامساً: تعزيز التبادل العلمي بين الشعوب، واقترحت الصين إنشاء تحالف بريكس للتعليم المهني وإنشاء منصة للتبادل والتعاون في الكليات المهنية والشركات ضمن البلاد الخمس، ومعلناً أن الصين ستستضيف ندوة حول الحوكمة، ومنتدى لدول البريكس حول تبادل الأفراد والثقافة.
الأزمة الأفغانية
من جهته تطرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الأزمة الأفغانية ضمن الاجتماع قائلاً: إن انسحاب القوات العسكرية الأمريكية وحلفائها من أفغانستان بالشكل الذي جرى قد أدى لصنع «أزمة جديدة» وبناءً عليه، ينبغي على دول البريكس أن تعطي اهتماماً خاصاً لهذا الأمر، ولضرورة إيجاد حلول لهذه المسألة تضمن الأمن والاستقرار في أفغانستان، وتمنعها من أن تصبح ملاذاً للإرهاب، وقاعدة لشن الهجمات على دول الجوار، مؤكداً على أن هذا الأمر ينبغي أن يحل بالطرق الدبلوماسية والحلول السياسية و«المساهمة في تعزيز حوار شامل بين الأفغان».
الهند ومبادئ بريكس
بدوره قال الرئيس الهندي ناريندرا مودي: إنه «علينا ضمان أن تحقق بريكس مزيداً من النتائج خلال السنين الـ 15 القادمة، مؤكداً على موضوع الجلسة من تعاون واستمرارية وتوحيد وتوافق على أنها «المبادئ الأساسية لشراكة دول البريكس»، ومشيراً أنه رغم حالة الوباء خلال السنة السابقة، فقد أقيم أكثر من 150 اجتماعاً مرتبطاً ببريكس، و20 منها كانت على مستوى الوزراء.
البيان الختامي
أكد البيان الختامي لقمة رؤساء دول مجموعة البريكس على تسوية الوضع بالأزمة الأفغانية «بالطرق السلمية» داعين إلى ترتيب حوار أفغاني- أفغاني شامل لضمان الاستقرار والسلام في البلد، وجددت بريكس عبر بيانها على ضرورة الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، وتسوية القضية الخاصة بهذا الأمر، وتمسك الدول بمنع نشوب سباق تسلح في الفضاء، أو نشر أسلحة في الفضاء الكوني، مشيرين إلى ضرورة توقيع اتفاقية دولية لهذا الغرض، وأشار البيان إلى ضرورة مواصلة الجهود لتعزيز الاتفاقيات الدولية للرقابة على الأسلحة والحد من انتشارها، وتطرق كذلك إلى الحد من المخاطر المرتبطة بالمجال السيبراني.
قطار بريكس يعود للتحرك
تشير التصريحات السابقة والبيان الختامي وما تضمنه من معلومات، أن مجموعة البريكس تسير باتجاهٍ مختلفٍ تماماً عن الاتجاه الغربي المتأزم، والذي يتعرض لضربات تلو أخرى على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية، بل ويشير كل ذلك إلى الأثر الصفري لكل المحاولات الغربية بفرط عقد هذه المجموعة، ومحاولات اللعب على تناقضاتها، والأهم من كل ذلك، هو التأكيد على أن عملية كسر النظام العالمي القديم المتمثل بالأحادية الأمريكية والعولمة على طريقتها ووفقاً لمصالحها الخاصة، قد بات أمراً ماضياً، ليصبح الحديث الآن عن تعزيز وتمتين السياسات الجديدة المتمثلة بالتعددية والمنفعة المتبادلة والمتكافئة، ويشير إلى استمرار تصاعد هذه المجموعة لتستقطب دولاً جديدة إلى مدارها، كدخول بلدان جديدة في عضوية بنك التنمية على سبيل المثال لا الحصر، وقد حمل الاجتماع العديد من الرسائل إلى الغربيين، من بينها ما يتعلق بالجائحة الفيروسية ومنشأ كوفيد-19، وسعيهم إلى حل الأزمة الأفغانية وفق الطرق السياسية، والدفاع عن منظمة الأمم المتحدة بوجه المحاولات الأمريكية لتشويهها، والحدّ من هيمنتها عليها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1035