الخدمة الأخيرة التي يستعد الأردن لتقديمها!

الخدمة الأخيرة التي يستعد الأردن لتقديمها!

يصف عدد من السياسيين والدبلوماسيين منطقة «الشرق الأوسط» بأنها قطعة أرضٍ قائمة على تلةٍ من البارود، ويرد هذا التوصيف إلى وجود ملفٍ أو أكثر في كل بلدان المنطقة قادرٌ على تفجير الأوضاع الداخلية فيه، حتى أنه لا يحتاج إلى دفعٍ مباشر من دولٍ خارجية في كثيرٍ من الأحيان.

إن كان هذا التوصيف المجازي يعبر بشكلٍ عام عن واقع تعيشه هذه المنطقة، إلا أن قليلاً من المراقبة يقودنا للقول: إن دول العالم كلها باتت تعاني من مشاكل مشابهة، فعلى الرغم من أن بعضها يعيش استقراراً نسبياً، إلا أن التغييرات السريعة في العالم تضع الجميع أمام مواجهات مصيرية، كما لو أن أمام الجميع أحجيات سياسية ينبغي حلّها ضمن وقت قياسي، وإلّا ستكون الفوضى مصير من يتأخر أو يفشل.
عند العودة إلى منطقتنا، نستطيع من خلال نظرة عامة أن نرى أن الجميع فشل في حل هذه الأحجيات، أو أنه على وشك أن يفشل، وعلى الرغم من أن مسؤولية تقع على الخارج، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية في توتير الأوضاع، إلا أن الضربة القاضية جاءت في كثير من الحالات من الداخل، وتحديداً من الأنظمة القائمة، فعدم قراءة الواقع بشكلٍ صحيح، وتجاهل المشكلات المتفاقمة والتي نتجت عن سياسات اقتصادية واجتماعية ليبرالية في الداخل، وعن إرثٍ أصيل لدى الأنظمة القائمة في التبعية للغرب وقوى الاستعمار بشكلٍ يناقض مصالح شعوبها.

الأردن نموذجاً

الأردن على سبيل المثال، يواجه خطراً حقيقياً يتعاظم كلّ يوم، ويبدو أن القيادة الأردنية لم تستطع إيجاد المخرج بعد، فالقصة بخطوطها العامة ترتكز على جملة من العناصر، أولها: حالة من عدم الرضا الشعبي، وتشمل تردي الوضع المعاشي والصحي، وتصل إلى حالة عالية من عدم الرضا عن السياسات الخارجية للأردن، والتي استندت في تاريخها وحتى اللحظة على مبدأ تقديم خدمات سياسية على حساب أمن المنطقة وأمن الشعب الأردني. مثل: التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتقديم خدمات له، على الرغم من كونه خطراً يهدد المنطقة كلها بما فيها الأردن.
«الأحداث الغامضة» التي جرت مؤخراً والتي يصفها البعض بمحاولة انقلاب، ويخفف البعض الآخر من حجمها ليصفها بـ «محاولات لزعزعة الأمن في المملكة» فرضت على المملكة تحديات جديدة، وعلى الرغم من التحركات السريعة التي قامت بها أجهزة المخابرات، إلا أن التفاعلات لن تنتهي بانتهاء المحاكمات الجارية، فالبحث في الأسباب الداخلية والخارجية لما يجري سيقود دون شك إلى ضرورة إجراء تغييرات جذرية في نظام الحكم على كافة الأصعدة، بما فيها تغيير الدور الذي يلعبه الأردن في كامل الإقليم. وهذا ما لا يجري حتى اللحظة، بل يبدو أن الأردن يشعر أنه قادرٌ على إدارة خيوط اللعبة دون تحصين جبهته الداخلية، ودون إجراء تغييرات جدية في سياسته الخارجية.
والمشكلة الأكبر اليوم، أن الذهاب نحو إشعال الأردن لن يكون خطوة نحو تغيير النظام، بل على العكس تماماً قد يحول المنطقة الحيوية التي يشغلها هذا البلد إلى مركزٍ جديدٍ للفوضى، مما يزيد من تعقيد الأوضاع على المستوى الإقليمي والعالمي. لعب النظام الأردني منذ تأسيسه دوراً سلبياً في كل قضايا شعوب المنطقة وقد يكون آخر مهامه وأكثرها سلبية، هو أن يسير معصوب العينين نحو تفجير داخلي ليحول المملكة الأردنية التي خدمت طوال تاريخها مصالح الغرب الاستعماري، لتكون- وبقرارٍ طوعي- قرباناً جديداً يخدم مشروع الفوضى الأمريكي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1026