«بريكست» يُعيد أيرلندا 100 عام للخلف ويذكرها بأزمتها
كان من المفترض أن يقيم «الوحدويون» الأيرلنديون، مع البريطانيين عموماً، «احتفالات» إعلان «أيرلندا الشمالية» في يوم الاثنين، الإعلان الذي صدر في 3 أيار عام 1921، حين جرى اقتطاع البلاد وضمّها إلى المملكة المتحدة بعد خلافات ومعارك بين «الوحدويين» المؤيدين للانضمام إلى بريطانيا (بعد احتلالها) و«الجمهوريين» الرافضين تماماً لهذا الطرح ويدفعون باتجاه وحدة أيرلندا كاملة كدولة مستقلة تماماً... الذكرى التي تعود لتعتمل من جديد الآن مع تداعيات «بريكست».
يرى الأيرلنديون أن المناسبة ذكرى مأساوية بحق بلادهم، وهي تذكيرٌ بأزمةٍ لم تحل يوماً، وإنما جرت تسويتها مؤقتاً بالتركيب مع علاقات وقوانين الاتحاد الأوروبي رغم التقسيم، حيث كان لسكّان «أيرلندا الشمالية» الخاضعة لدستور وقوانين المملكة المتحدة و«جمهورية أيرلندا»، بوصفهما عضوان في الاتحاد الأوروبي، حرية الحركة والتجارة فيما بينهم.
لكن أدى انسحاب بريطانيا من الاتحاد إلى إعادة فتح جرحٍ لم يندمل، ويذكّر الأيرلنديين بحدودٍ تفرّق فيما بينهم، ولتعود على إثرها أزمة سياسية حادة بين «الوحدويين» و«الجمهوريين» من جهة، وبين الأيرلنديين والبريطانيين عموماً من جهة أخرى، وقد شهد الشهر الماضي أسبوعاً من أحداث عنيفة كبيرة في أيرلندا الشمالية بين مؤيدين ومعارضين، وبين متظاهرين وقوات الشرطة والأمن، تخللتها عمليات تخريب وحرق واسعة في بعض المدن ومنها بلفاست، واعتبر البعض أنها مواجهات غير مسبوقة منذ عام 1998، التي امتدت أزمة لثلاثة عقودٍ قبله تُعرف باسم «الاضطرابات- The Troubles»، ليبدأ الحديث الآن بتوقعٍ عن اضطراباتٍ من نسخة ثانية!
في الأول من الشهر الجاري دخل اتفاق «بريكست» حيز التنفيذ كاملاً، بما يعني إتمام جميع الإجراءات الخاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع بقاء معضلة الحدود الأيرلندية من غير حلول قانونية بعد، وفي حين تصرح جميع الأطراف عن سعيها نحو «عدم السماح بظهور الحدود» بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، وأن تدخل المساومات وحسابات المصالح والمكاسب والخسائر بين جميع الأطراف، مما يفتح باباً لمدّ عمر أزمة الحدود الجارية واشتعال تناقضات الملف الأيرلندي مجدداً، الأمر الذي لن يكون له مخرجٌ في نهاية المطاف إلا بوحدة الأرض أكانت جمهورية مستقلة أو جزءاً من «المملكة المتحدة» بيد أن الأخيرة تقلّ حظوظ وحدتها بجميع أجزائها أصلاً بمرور الوقت.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1016