واشنطن: «لا أريد لهذه الحرب أن تنتهي»!
إدامة الاشتباك تعني تأخير إعلان المنتصر! هذا ما تعمل عليه واشنطن اليوم، ويمكننا رصد هذا السلوك بشكل واضح إذا ما قمنا بمسحة بانورامية لسلوكها العالمي...
ينبغي على المرء أن يكون أعمى تماماً وأصمّ وجاهلاً حتى يغيب عنه أننا نعيش مرحلة تاريخية من التغير في ميزان القوى الدولي، والذي من المرجح أن يؤدي إلى التحول من مرحلة الهيمنة الأمريكية أحادية القطبية إلى عالم جديد عبر مرحلة انتقالية من القطبية المتعددة. وأمر كهذا لا يسرّ الولايات المتحدة، ولا الغرب على العموم، لأنه سيعني إعادة توزيع وتقاسم وتشكيل مجالات النفوذ؛ حيث يفقد القطب «الحالي» على الأقل أجزاء من نفوذه لمصلحة قطب أو أقطاب ناشئة أخرى. نتيجة لذلك، بدأنا نرى المزيد من الجهود الصارخة من قبل الولايات المتحدة للحفاظ على الوضع الراهن، والتي تتجلى بطرق مختلفة لها موضوع واحد مشترك: خلق ما يكفي من الفوضى لمنع أو -على الأقل- تأخير التغيير الحتمي... عملاً بقاعدة هي ربما أكثر القواعد بساطة ووضوحاً ووقاحة: ما دامت الحرب مشتعلة «وإنْ كانت حرباً غير مباشرة، وإنْ كانت حرباً بدماء الآخرين وعلى أراضي الآخرين» فلا يمكن القول بأن أحداً قد انتصر، ولا يمكن القول بأن أحداً قد هُزم... كما لا يمكن للمنتصر أن يحتفل بانتصاره ولا للمهزوم أن يحصي خسائره... لذا فلتكن حرباً، وليكن خراباً، وليكن جحيماً... المهم ألا يقع القضاء المحتوم، وألا يصل العالم الأمريكي «الجميل» إلى نهايته...
ظهر مع انتهاء الحرب العالمية الثانية توازنٌ دوليٌ جديد أحدث تحولات هائلة في العالم، لتشكل الولايات المتحدة أحد قطبيه بمقابل الاتحاد السوفيتي، إلا أن هذا التوازن بدأ يختل منذ أواسط السبعينيات بشكل واضح وانتهى مع حلّ الاتحاد السوفيتي في أواخر 1991، لتحتكر الولايات المتحدة بعد هذا التاريخ المسرح العالمي، وانتقلنا لعصرٍ جديد سادته الأحادية القطبية، فرسخت السياسات الخارجية للولايات المتحدة هذه الحالة ما جرى ترجمته عبر تحويل الجميع لمجرد خدمٍ لمصالح الولايات المتحدة التي باتت تفرض حالة من الهيمنة في جميع المحافل الدولية القائمة. لكن ومع ذلك كان واضحاً تماماً ومنذ البداية أن العالم أحادي القطب هو عالمٌ غير متوازن وبالتالي غير مستدام...
دور واشنطن المفسد
مع ابتعاد العالم عن الأحادية القطبية – وهو ما أصبح واقعاً تعترف به الغالبية العظمى – وبعد أن أيقنت واشنطن أنها لن تستطيع فرض سيطرتها من جديد ولن تستطيع الاعتماد على أذرعها التي استخدمتها للتحكم في الأنظمة والهيئات الدولية المختلفة بالطرق وبالدرجات السابقة، وجدت نفسها أمام خيارات ضيقة، عنوانها المشترك هو التخريب من الداخل لإحداث فوضى كافية لإبقاء العالم منشغلاً بغرض تأخير التحولات العالمية الجارية. لذلك لعبت واشنطن دور المفسد في المجتمع الدولي وخصوصاً بعد أن بات أصدقاؤها وأعداؤها يظهرون نزعة متزايدة لرفض الخضوع، ويظهرون خوفاً أقل من التهديدات الأمريكية.
دور المفسد الذي نتحدث عنه بات يظهر بأشكالٍ مختلفة ومتزايدة، وبات من الضروري مراقبة سلوك الولايات المتحدة في المنتديات الدولية المختلفة لرصده ومعاينة جميع الجبهات التي تحارب بها واشنطن في مواجهة العالم. يبدو بالمعنى النظري أن أمام الولايات المتحدة اليوم خياران، إما قبول الواقع الجديد وإعلان خسارتها أو استخدام ما تبقى من نفوذها لمعاقبة من لا يقبل تلقي أوامرها، ويجري ذلك عن طريق خلق مشاكل كافية لجعل الجميع يقاتلون الجميع وعلى كل المستويات – الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية والسياسية والقانونية...إلخ – لأن استمرار هذه المعارك تؤخر إعلان الخاسر والمنتصر أي تؤخر تمظهر الواقع الجديد... ويبدو أن هذا هو خيار واشنطن.
على الصعيد الاقتصادي
تمكنت الولايات المتحدة من الحفاظ على مستوى مرتفع من السيطرة الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، وذلك لعدة عوامل مثل اتفاقية بريتون وودز 1944 ومركزة النفط والتحكم فيه كمصدر رئيسي للطاقة، وما نتج عن ذلك من ربطه بالدولار الأمريكي الذي هيمن لعدة عقود كعملة رئيسية للتجارة العالمية، وهذا ما مكّن الولايات المتحدة من امتلاك أكبر قدرة على التأثير في الاقتصادات العالمية حتى وإن بأشكالٍ غير مباشرة.
لكن الوضع اختلف اليوم، إذ تقوم مجموعة أكبر من البلدان بتداولات تجارية بعملات أخرى، وكانت آخر الأمثلة على ذلك عندما أعلن البنك المركزي التركي «CBRT» تنفيذه للاتفاقية الموقعة منذ 2019 مع بنك الشعب الصيني والتي سيتم بموجبها استخدام اليوان الصيني في التجارة بين البلدين. وما يجعل من هذا الإعلان حدثاً ذا أهمية كبرى هو أن تركيا تشترك مع الولايات الأمريكية في كونهما عضوين في حلف الناتو الذي وإن كان تحالفاً عسكرياً إلا أن له آثاراً على جوانب أخرى من العلاقات بين أعضائه، وكانت واشنطن تنظر إلى أعضاء هذا التحالف بوصفهم قوى منضوية «تحت جناحها»، ومعادية للقوى الأخرى مثل روسيا والصين.
وهذا هو الحال أيضاً بين موسكو وبكين اللتين وقعتا اتفاقية في 2019 لاستخدام العملات الوطنية بالمبادلات التجارية بهدف تقليل الاعتماد على الدولار الذي تأثر بموجب هذه الاتفاقية حيث انخفض الاعتماد عليه بعد أن حافظ على نسبة 90% لعدة سنوات حتى وصل في الربع الأول من 2020 إلى 46% من مجمل المبادلات التجارية بين روسيا والصين.
ويكتسب إلغاء الدولرة هذا زخماً بين دول البريكس أيضاً، وهو ما يقلق الولايات المتحدة «وهو قلق مبرر» وخصوصاً بعد أن وصلت هذه التغيرات المتسارعة إلى الساحات التي هيمنت عليها «بشكل مطلق في بعض الأحيان» مثل صندوق النقد الدولي، الذي أعلن في 1 تشرين الأول 2016 عن ضم اليوان الصيني إلى قائمة العملات الأجنبية الاحتياطية. وعلى الرغم من أن واشنطن لا تزال المهيمنة داخل البنك الدولي وصندوق النقد إلا أن نفوذ الصين المتزايد في هذه المؤسسات خلال العقد الماضي أصبح مصدراً للقلق بالنسبة للولايات المتحدة التي استخدمت نفوذها لمنع تقديم مساعدات من هذه المؤسسات كان آخرها تلك المخصصة للمساعدة في تخفيف آثار وباء فيروس كورونا المستجد.
ويمكننا الجزم بأن الولايات المتحدة سوف تستخدم نفوذها في الهيئات الاقتصادية ضد أي اتجاه لا توافق عليه وعندما تصل إلى طريق مسدود يمكننا التوقع أن تهدد بالانسحاب من هذه المؤسسات وبالتالي سحب التمويل والدعم الذي تقدمه واشنطن أملاً في أن يتسبب ذلك بانهيار وفشل هذه المؤسسات. ويعد خير مثالٍ على ذلك تهديد واشنطن بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية والذي يمكن بسهولة التخمين بأن مرده تزايد حصة الصين من سوق التجارة العالمي.
ويمكننا في هذا السياق تقديم مثالٍ آخر هو انسحاب واشنطن من منظمة الصحة العالمية بسبب فشل مساعيها الهادفة لمعاقبة الصين وتحميلها مسؤولية انتشار الفيروس التاجي، وما إن تبين أن منظمة الصحة لن تنجز المهمة الموكلة إليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حتى قررت الانسحاب وبالتالي سحب تمويلها الكبير مما سيكون له أثر خطير على قدرة المنظمة على تقديم العون لمليارات السكان في جميع أنحاء العالم... وهذا السلوك الانسحابي قد يعكس في جوهره جانباً آخر من القضية نفسها؛ فأن تمارس منظمة ما من المنظمات الدولية سلوكاً لا ترضى عنه الولايات المتحدة وهي لا تزال عضواً في تلك المنظمة، فذلك ترجمة للتوازن الدولي الجديد ضمن المنظمة المعنية، لذا فالانسحاب ومحاربة تلك المنظمة من خارجها يغير إحداثيات النظر إلى المسألة ويبقي واشنطن في مركز التأثير والفعل، وإن عبر الصراخ والصياح والعقوبات.
الجبهتان الدبلوماسية والقانونية
هناك أمثلة للدور الأمريكي المفسد على المستوى القانوني والدبلوماسي تظهر في المنظمات والهيئات ذات الصلة مثل مجلس الأمن الدولي وغيره من هيئات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى السياسية الخارجية الأمريكية حول العالم.
ففي 31 آب 2020 استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد الدول الأعضاء الأربعة عشر الأخرى على مشروع قرار يقضي بإيجاد مجموعة تدابير للتعامل مع مقاتلي «داعش» الأجانب، لتقوم واشنطن بعد يومين من هذه الحادثة بفرض عقوبات على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، التي كانت على الأرجح إحدى القوى الرئيسية وراء توسيع تحقيقات للنظر في جرائم الحرب المحتملة في النزاعات العالمية، والتي على أساسها بدأت المحكمة تحقيقاً في جرائم حرب محتملة في أفغانستان، ارتكبها الجيش الأمريكي وجهات أخرى فاعلة في النزاع.
هذا المستوى المتدني الذي وصلت له الولايات المتحدة ليس مستغرباً، وخصوصاً أنها لم تكن من المعجبين بالمحكمة الجنائية الدولية أو القانون الدولي بشكل عام، بل يمكن القول إن واشنطن كانت معادية لهما بوجه الخصوص «ملاحظة: وقعت الولايات المتحدة على نظام روما الأساسي في كانون الأول 2000، وأعلنت لاحقاً أنها لن تصادق على هذا التوقيع». كانت إدارة ترامب تظهر عداءها بشكل صارخ ضد المحكمة الجنائية الدولية، بسبب التحقيق المذكور آنفاً بالإضافة إلى التحقيق المتعلق بفلسطين و"إسرائيل"، ليصدر ترامب نتيجة لذلك أمراً تنفيذياً يسمح بفرض عقوبات على مسؤولي وموظفي ووكلاء المحكمة الجنائية الدولية بالإضافة إلى أفراد عائلاتهم، ولاقى قرار ترامب هذا انتقادات واسعة النطاق؛ فمن المؤكد أن معاقبة اثنين من كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية ليس بالخبر الذي يمكن أن يتم تلقيه بإيجابية في أي مكان حول العالم.
تعتقد الولايات المتحدة أن سلوكها لا يجب أن يخضع للمراجعة أو التحقيق، فهي لم تمانع تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في النزاعات التي لم تتورط قواتها فيها، لكن ما إن خضعت قواتها للتحقيق سارعت في الاتجاه المشار إليه، فهي ترى أن بإمكانها فعل ما تشاء دون أي تداعيات أو استجواب وهذا سلوك مفهوم ومتوقع من أكثر بلدان العالم، ربما عبر التاريخ البشري بأسره، تورطاً في حروب غير مشروعة وفي جميع أنواع الانتهاكات للقوانين.
مثال آخر كان انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حزيران 2018، بسبب عدم رضاها عن البلاغات والانتقادات التي قدمها المجلس حول انتهاكات حقوق الإنسان بحق دول وكيانات كانت واشنطن تعتقد أنها فوق القانون، فلم تخف الأخيرة أن السبب الرئيس وراء هذا الانسحاب هو «انحياز المجلس المزمن ضد إسرائيل»
ليس المقصود مما سبق، التقييم الموضوعي لإسهام وفاعلية المحكمة الجنائية الدولية أو القانون الدولي أو أي من المنصاتال قانونية الدولية الأخرى في تحقيق العدالة، بل ما يهمنا من هذه الأمثلة هو تبيان السلوك الأمريكي داخل النظام العالمي؛ إذ لطالما رأت واشنطن نفسها أنها صانع القرار الوحيد ضمن هذا النظام وصاحبة الكلمة الأخيرة فيه، ويهمنا أيضاً إظهار الطرق والدلائل التي تشير لإنكار الولايات المتحدة وعدم قبولها للتغيّر التاريخي الحتمي الجاري الذي لم تعد تستطيع ضمنه التحكم حتى بأقرب حلفائها التاريخيين بالشكل الذي تريده.
الاضطرابات السياسية والعسكرية «ما تفضله واشنطن»
بات من المستحيل عند استعراض بؤر النزاع والاضطراب السياسي ألا تجد يداً لواشنطن في كل نقطة ملتهبة في الخارطة السياسية، بل إن القاء نظرة فاحصة كفيلة بتوفير أدلة كافية على أن الولايات المتحدة هي أحد الأسباب «إن لم تكن السبب الأساسي» لبقاء هذه الاضطرابات قائمة لا دون حلٍ فحسب بل وفي حالة تصعيد دائمة؛ فهناك دائماً جانب مسلح للصراع يغذي الجانب السياسي والعكس صحيح.
لا داعي للبحث عن أمثلة بعيدة، بل يكفي النظر إلى السلوك الأمريكي في سورية مثلاً؛ فالسياسة الأمريكية لم تكتف بتقويض الحراك الشعبي الذي بدأ في 2011 عبر سياسات ضمنت إطالة أمد الأزمة ودفعت الأمور إلى الأسوأ على كافة الأصعدة العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وفي الوقت الذي تقوم واشنطن بدعم الحل السياسي في العلن لم تتخذ أي خطوات يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على العملية السياسية، بل على العكس تماماً، فقد كان لبرامجها والدعم الذي قدمته سياسياً وعسكرياً وحتى على مستوى المجتمع المدني تأثير سلبي على العملية السياسية، ودفع باتجاه زيادة الانقسام بين السوريين وحتى محاولات تكريس أسس لتفتيت سورية، قد لا نحتاج في الملف السوري تحديداً للكثير من التحليل لفهم السلوك الأمريكي بل يكفي التذكير بكلام المبعوث الأمريكي جيمس جيفري الذي قال بأن هدف السياسية الأمريكية هو أن تكون سورية «مستنقعاً لروسيا».
أما على المستوى الإقليمي وفي الأماكن التي تدخلت الولايات المتحدة فيها سياسياً وعسكرياً بهدف تفجير الأوضاع أو تصعيد الأحداث التي تجري ضمنها أصلاً، سواء أكان ذلك في العراق أو تركيا أو غيرها، مما فرض حالة من عدم الاستقرار وما يعنيه ذلك من تأخيرٍ للتغيير القادم في شكل العالم.
فالولايات المتحدة التي لم تكن راضية عن العلاقات الروسية التركية وحاولت تقويضها على الرغم من أن هذه العلاقة تلعب دوراً مهماً كصمام أمان للعديد من الملفات الساخنة في المنطقة، فقد حاولت واشنطن التسبب في مشاكل سياسية في داخل تركيا، وتلعب دوراً سلبياً في المشاكل الخارجية مثل أزمة شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان والدول الأوربية من جهة أخرى.
يضاف إلى هذا المثال السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالكيان الصهيوني وكان آخرها ما يسمى بـ «صفقة القرن» التي تعد وصفة لضمان عدم استقرار هذا الجزء من العالم بما يكفي لحرمانه من لعب دوره الرئيسي في النظام العالمي الجديد...
باختصار
عندما لا تستطيع الولايات المتحدة الاستمرار في الهيمنة على القرار ويكون لها الدور والنفوذ الأول أو الوحيد، فإنها ستخلق ما يكفي من الفوضى لإبقاء العالم منشغلاً بحروب غير ضرورية، وعلى جميع المستويات. ومع ذلك، فقد أصبح من الواضح أكثر أن قدرة الولايات المتحدة على التأثير في القرارات وتوجيهها على الصعيد العالمي آخذة في التضاؤل بشكل حاد، وهو الأمر الذي تعمل جاهدة على إبطائه أو إيقافه؛ فهي تخلق المشاكل وتعمل على تصعيدها عبر شن الحروب أو تشجيعها، فبالنسبة لواشنطن يكون استمرار الحرب الضامن الوحيد لعدم إعلان الرابح والخاسر، حيث يستمر الجميع في الاقتتال، مما يسمح لها بحماية هيمنتها التي ستتلاشى وتنتهي عاجلاً أم آجلاً. سلام عالمي حقيقي قائم على نظام عالمي أكثر توازناً، يعني نهاية هيمنة الولايات المتحدة وسيطرتها واستغلال الموارد البشرية والمالية والطبيعية في العالم، لذا فالتفكير ولو لثانية واحدة أن الولايات المتحدة مهتمة بأن يحل السلام في أي مكان في العالم، سيكون حماقةً على أقل تقدير.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 983