عبر نضالنا ضد الشرطة أصبحنا اشتراكيين

عبر نضالنا ضد الشرطة أصبحنا اشتراكيين

لقاء مع تروي روسل: حول الاحتجاجات ضد العنف العنصري من قبل الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية، وعن حركة «Black lives matter”(حياة السود مهمة)، عن سياسة الهوية وسياسة الطبقة، عن إرث حركة النمور السود، وفيما إذا كان بيرني ساندرز قادراً أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.

ترجمة: ديما النجار

مورغ: منذ أكثر من خمس سنوات قتل في مدينة أمريكية صغيرة تدعى فيرغسون شاب أفرو- أمريكي مراهق يدعى ميشيل بروان على يد شرطي أبيض. نتيجة لذلك تطورت حركة احتجاجية ضد عنف الشرطة العنصري. لقد كنت في الاحتجاجات منذ البداية. كيف تطورت الحركة الاحتجاجية؟
روسل: في البداية كانت كواحدة من تلك الاحتجاجات النمطية الأمريكية، كالتي قادها الدكتور مارتن لوثر كينغ في الستينات: مظاهرات، هتافات ولافتات ضد الظلم. التصعيد الأخير كان نتيجة لعنف الشرطة. كلما تعاملت معنا الشرطة بقمع أكبر، وكلما كانت أكثر عدوانية، كلما زادت عدوانية التظاهرات. نحتج منذ أكثر من سنة، منذ 400 يوم نحن يومياً في الشارع.
مورغ: الاحتجاجات في فيرغسون كانت جزءاً من حركة على امتداد الولايات المتحدة، ثم جزءاً من حركة عالمية عرفت بـ«حياة السود مهمة». في مقالتك «الاعتراف بالانتفاضة»، انتقدت قائلاً بأن الحركة قد تحولت إلى نقيضها، كيف حدث ذلك؟
روسل: لقد كانت نتيجة احتجاجات فيرغسون بالنسبة لحركة Black Lives Matter“ الأكثر جذرية وموقفها السياسي الأكثر يسارية. لم نكن منفتحين على المساومة. هذا ما لا يريده الليبراليون أمام الرأي العام، وهذا ما لا يريده الإعلام الليبرالي. هم لا يريدون أن تتعلم الطبقة العاملة التفاوض دون تقديم تنازلات. فهم يبحثون عن أشخاص لطيفين من الطبقة الوسطى أو من البرجوازية الصغيرة ممن يجيدون الكلام. وقد وجدوا مبتغاهم. وهذا ما سبب تصاعد الحركة، فأعضاء الحراك البسطاء أكثر جذرية، أولئك الذين في الشارع والذين لديهم مشروع للمجتمع. لكن الكثير من قادة حركة «“Black Lives Matter لم يساندوا تصعيد الحركة في الشارع، لقد استسلموا.
مورغ: كيف سارت عملية التجذير السياسي للحركة بالنسبة لك ورفاقك في النضال؟
روسل: في البداية كان من المفروض توضيح موقفنا السياسي. وتطوير الوعي الطبقي، الذي لا يكون أبداً صافياً 100% من البداية. بدأت الأمور لدينا بموقف من الشرطة، بعدها فقط أصبحنا ضد الرأسمالية، خلال نضالنا ضد الشرطة أصبحنا اشتراكيين. فاليوم يمكننا أن نعبر بوضوح ما هي مطالبنا. فلدينا برنامج، ولدينا منصة، ولدينا مهمة! نحن اليوم عند نفس النقطة التي كان عندها حزب النمور السود عندما طرحوا برنامج العشر نقاط: نحن نتحدث عن مشكلات السكن، تماماً كما نتحدث عن معاداة العسكرة ومعاداة الإمبريالية.
مورغ: هل تعملون من أجل هذا الهدف مع اشتراكيين غير سود؟
روسل: بالطبع. رؤيتنا للموضوع بأن الماركسية لا لون لها. تحرر السود لن يتم دون سيطرة الاشتراكية على وسائل الإنتاج، والتي عبرها يمكن الوصول إلى تغيير توزيع ثروة المجتمع. نحن السود كنا دائماً عمالاً. وكذلك اللاتينيون. بالطبع لدينا جزء مع برنامج نضالنا تضامني مع نضال الحركة العمالية ككل. نريد أن نبني جبهة اشتراكية عالمية.
مورغ: بعد فوز ترامب في الانتخابات، وما تلاه من فوز العديد من السياسيين اليمينيين في العالم، بدأ نقاش واسع بين الحركات اليسارية في العالم فيما إذا كان جرى التركيز على سياسات الهوية بشكل مبالغ، وإذا ما كان من اللازم إعادة الطبقة إلى مركز الصراع. إن كنت قد فهمتك بشكل صحيح فأنت تقول إن السؤال ليس هنا، لأن النضال الصحيح الخاص بسياسات الهوية هو دائماً مرتبط بالنضال العام من أجل السياسات الطبقية.
روسل: إن مطلب التعويضات عن الفترة الاستعمارية وعن العبودية هو مطلب طبقي. فالأمر متعلق بكميات عمل مسروقة. الأمر لا يتعلق بالحصول على الأموال، بل هو يتعلق بإخراج الطبقة العاملة السوداء من الوحل. عندما يروج يسار، كذلك الذي مثل البيض المتقدمين للرئاسة الأمريكية كبيرني ساندرز أو إليزابيث فارنه لطبقة مباشرة، فإنهم لا يأخذون هذه الخصوصية بعين الاعتبار، فعندما يخبرونني ما الذي يحتاجه الإنسان الأسود في الولايات المتحدة، فإن هذا لا يمسني. فهم لا يفهمون أن نقطة الانطلاق للبيض والسود مختلفة. فعندما يدخل علينا أحدهم ويجرح كلانا بسكين، لكنه يجرحني جرحاً أعمق من جرحك، ثم يأتي الطبيب ويعطي كلينا نفس كمية الدم، عندها سأموت! الأمر بنيوي. فما تحتاجه الطبقة العاملة البيضاء ليس متطابق كلياً مع متطلبات الطبقة العاملة السوداء. لذلك علينا أن نناضل لكلا الأمرين السياسات الطبقية وسياسات الهوية.
مورغ: ما مدى أهمية قضية التعويضات، لكسب السود في الولايات المتجدة الأمريكية لفكرة معاداة الرأسمالية؟ إذ من الواضح أن هذا المطلب لا يمكن تنفيذه في ظل الرأسمالية، وخاصة في ظروف الإمبريالية.
روسل: يسعدني أن تطرح علي هذا السؤال، لأن لا أحد سألني إياه في الولايات المتحدة. الأمر يتعلق هنا بحقيقة غير مستحبة، أيضاً بالنسبة لأولئك الاشتراكيين الديمقراطيين مثل بيرني ساندرز، الذين يرشحون نفسهم للانتخابات. كيف للمرء أن يطبق الاشتراكية في الولايات المتحدة ما لم يتطرق بنفس الوقت لموضوع تركز الثروة؟ كيف يمكن لهذا أن ينفذ بدون الاستيلاء على ملكية وسائل الإنتاج؟ عندما نتكلم عن تعويضات (عن فترات العبودية وفترات الاستعمار) نتكلم تماماً عن موضوع السيطرة على وسائل الإنتاج، عن تأميمها ودمقرطتها كشرط مسبق لحل مشكلة «العرق» أيضاً. لنأخذ مثلاً مطالب التأميم لشركة المناجمLonmin- Mining في جنوب إفريقيا (اليوم ملك لشركة اشترتها هي Sibanye-Stillwater، المحرر)، واحدة من أكبر شركات مناجم البلاتين في العالم، كما أعلن حزب EFF (Economic Freedom Fighters). فالأمر يتعلق هنا بشركة رأسمالية عملاقة، تربح وضوحاً من العنصرية. إنَّ نقل ملكية هذه المناجم إلى الملكية العامة، نقل ملكيتها إلى أيدي عمالها، وأن يوفر أماكن السكن لهؤلاء العمال في الأماكن المحيطة بالمناجم. هذه أفكار ماركسية لينينية.
مورغ: يبدو أن برنارد ساندرز، الذي يصف نفسه بأنه «اشتراكي ديمقراطي» لديه فرص واقعية بأن يصبح المرشح الديمقراطي للولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، هل يحمل معه أملاً للاشتراكيين من السود، أمثالك؟
روسل: إذا نظرنا إلى انتخابات 2016، فإنها كانت صراع اثنين من الرأسماليين على الحلبة، أحدهم فاشي، والأخرى صاغ إيديولجيتها هنري كيسنجر. كان يراد للأمور أن تكون كذلك، لقد عملوا بنشاط لإعاقة ترشيح ساندرز. علينا أن نحلل ذلك، لماذا حدث ذلك سابقاً؟ هل ساندر ماركسي؟ لا! هل هو اشتراكي؟
مورغ: ربما بمعنى ما.
روسل ضاحكاً : نحن نقول: الاشتراكي الخفيف، كولا دايت.
مورغ: ربما مثل الاشتراكيين الديمقراطيين في أوروبا في الستينات.
روسل: يشبه ذلك نعم، الآن علينا أن نسأل أنفسنا، هل رئيس مثل بيرني ساندرز سيوفر لنا ظروفاً أفضل لنضالنا من أجل دولة اشتراكية؟ نعم، لكن هذا سيعني أن علينا أن نكثف عملنا التنظيمي. لقد رأينا في أوروبا. يتم تخدير الناس بالتنازلات المقدمة من دولة الرفاه والرعاية الصحية الرخيصة ونظام التعليم المجاني وما إلى ذلك. فيفكرون: إن هذا قريب من الاشتراكية، لكن الأمر ليس كذلك. ربما يفترض أن ساندرز يساري، لكن عليك أن تضغط عليه، فيما يتعلق بقضية التعويضات، وفي أمور معاداة الإمبريالية. لقد قال بعض الأشياء الرهيبة فيما يتعلق ينيكولاس مادورو، الأمر الذي لا نوافق عليه، وفيما يتعلق بفنزويلا وكوبا لا نساوم أبداً. أو فيما يخص فلسطين.
مورغ: ما الأمور التي تغيَّرت عليكم في ظروف الصراع الطبقي بعد مجيء ترامب؟
روسل: ترامب يجعل العمال البيض يعتقدون أن لديهم سلطة. نحن نعلم أن الكثير من الشرطة مقتنعون بـ«سلطة البيض»، هم قوميون بيض، بل نازيون جدد. لكن يجب ألا يجعلنا ذلك نتراجع. نحن نرد على عدوانيتهم بالمثل.
مورغ: هل تتوقع إعادة انتخاب ترامب من جديد؟
روسل: لا أعتقد أن من الممكن لبيرني أن يفوز عليه. لقد قلت قبل 4 سنوات إن ترامب سيفوز بالانتخابات، واليوم أقولها من جديد. للأسف، لكن ربما ستقوينا تجربة أن نعيش بداية نشوء الفاشية الحقيقية: إذا قمنا بتنظيم أنفسنا والتعلم كيف نلحق الهزيمة بها.

عن جريدة اليونغه فيلت الألمانية

معلومات إضافية

العدد رقم:
956