«المساعدات الأمريكية»... قنابل الفوضى
يومٌ حاسمٌ... هكذا وُصف يوم السبت 23 من الشهر الجاري، باعتباره يوماً حدده حليف واشنطن الفنزويلي خوان غوايدو، لدخول المساعدات الإنسانية الأمريكية عبر الحدود الكولومبية...
بذريعة دخول المساعدات الإنسانية شهدت فنزويلا تصعيداً واشتباكات، لتتحقق بذلك الغاية الأمريكية في هذه الجولة، والتي أُريد منها تفجير صاعق الاشتباك الداخلي الفنزويلي، ورغم ذلك فإن نجاح المخطط الأمريكي ليس مضموناً بعدُ في ظل المتغيرات الدولية والانقسام حول الموقف وطريقة التعاطي مع الحالة الفنزويلية...
تكمن أهمية متابعة الحدث الفنزويلي اليوم في استيضاح الحيل والأساليب الأمريكية للتدخل في شؤون الدول الأخرى مجدداً، تحت مسميات «الديمقراطية» و«المساعدات الإنسانية»، وفي انكشاف الاستقطاب الدولي الناشئ بين محور يستهدف الشعوب وأمنها ومواردها متمثلاً بالولايات المتحدة والدول التابعة، وقطب آخر يعلن دعمه الحقيقي للشعب من خلال حماية مقدراته وحريته في اختيار حكوماته متمثلاً بروسيا والصين وإيران والهند وغيرها.
لم تعد الحيلة الأمريكية بمساعدة الشعوب قابلة للتصديق، وهو الأمر الذي دفع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى رفض المساعدات، موضحاً: «إنه فخ ينصبونه باستعراض أغذية عفنة وملوثة... لقد سرقوا ثلاثين مليار دولار ويعرضون أربع كسرات من الأغذية العفنة». وكانت المساعدات الأمريكية قد وُضعت على الحدود الكولومبية والبرازيلية مع فنزويلا يوم السبت، وتعهد غوايدو بإدخالها متحدياً بذلك مادورو الذي يرفض السماح بدخولها، معتبراً أنها تخفي أهدافاً سياسية، مما أدى إلى اشتباكات بين متظاهرين وقوات الشرطة على الحدود، وإحراق عدة شاحنات محملة بالمساعدات.
وكانت روسيا قد حذرت مسبقاً من الأمر، إذ قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، يوم الجمعة، إن تطور الأحداث في فنزويلا وصل إلى نقطة حرجة، وأن «من المخطط له أن يقع في 23 شباط الجاري استفزاز خطير وواسع النطاق، وهو عبور ما يسمى بالقافلة الإنسانية للحدود الفنزويلية بتحريض وإشراف واشنطن، ويهدف إلى وقوع مواجهة بين أنصار ومعارضي السلطة الحالية ما يشكل ذريعة لاستخدام القوة للإطاحة بالرئيس الشرعي».
وتبعاً لأحداث يوم السبت، أعلن غوايدو أن « ظروف اليوم تجعلني أقرر الطلب رسمياً من المجتمع الدولي أن يفتح كل الخيارات لضمان حرية الوطن...»، وهو ما يؤكد صحة التحذيرات الروسية، إلّا نجاح هكذا مخطط يبقى ضعيفاً في ظل الانقسام الدولي الرافض لموقف واشنطن، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخراً رفضه الخيار العسكري في فنزويلا، كما جرت يوم السبت في نيويورك، العديد من المسيرات التي تطالب بوضع حد للتدخلات الأمريكية في شؤون فنزويلا، كما أكد وزير الدفاع الفنزويلي، فلاديمير بادرينو، بأن ولاء الجيش للرئيس نيكولاس مادورو.
تحاول واشنطن إقناع العالم بأن تدخلها في فنزويلا دافعه إنساني، إلّا أنّ تصريحات ترامب التي قال فيها أن «أيام الاشتراكية في فنزويلا وغيرها من دول المنطقة مثل: كوبا ونيكاراغوا باتت معدودة»، بعد أيام على تصريحاته التي قال فيها: إن بلاده لن تصبح اشتراكية أبداً... يمكن من خلالها فهم هدف واشنطن الأساسي، وهو تطويع دول أمريكا اللاتينية التي تخالف الإرادة الأمريكية، والهجوم مسبقاً على التغيير الذي سيصل إلى الولايات المتحدة ذاتها عمّا قريب..