اغتيال العقول المقاومة  يستوجب ردع «الموساد»
رامي أبو زبيدة رامي أبو زبيدة

اغتيال العقول المقاومة يستوجب ردع «الموساد»

استقبلت فلسطين والعالم بألمٍ، خبر اغتيال العالم الفلسطيني الدكتور فادي البطش في العاصمة الماليزية كوالالمبور، تعيد هذه العملية للأذهان عمليات الاغتيال التي نفذها الموساد «الإسرائيلي» بحق العقول المقاومة على امتداد العالم.

لم تنقطع عمليات اغتيال العلماء والأكاديميين العرب طيلة العقود الماضية، وقد رصد الكيان الصهيوني لتلك العمليات أجهزة ومعدات ومتخصصين وأموالاً، لإدراكه أنها جزء من الحرب الدائمة والمفتوحة في إستراتيجيته المعلنة والمستترة، ناهيكم عن كونها جزءاً من الحرب النفسية ضد المقاومة، سواء بمحاولة إضعافها وجعل الشك يتسرب إلى صفوفها، أو بالتخلص من العلماء أو منع أصحاب العقول من السير في الطريق نفسه حتى لا يلاقوا المصير نفسه.
استهداف المقاومة
لم يُكشف عن الجهة المنفذة لاغتيال البطش بعد، إلا أن بصمات التنفيذ وطبيعة الشخصية المستهدفة، تشير إلى اتهام جهاز «الموساد»، لتضاف إلى قائمة من انتهاكاته في العديد من الدول، دون أن تلتفت إلى انتهاك سيادتها، فهي تحظى بغطاءٍ دولي، تقابله مواقف إدانة خجولة، لا تتجاوز حد الشجب والإدانة من الدول المستهدفة.
موشي ديان قال يوماً «إذا امتلك العرب أية كمية من الذرة، فإن جنونهم لن يردهم عن المغامرة»، واستعداداً لذلك أنشأت دولة العدو شعبتين، الأولى: تابعة «للجيش الإسرائيلي»، والأخرى: تنتمي إلى الموساد «مخابرات الاحتلال الإسرائيلي»، لغرض جمع المعلومات وتقصي الحقائق ومتابعة نشاط العلماء العرب، المختصين بالذرة والعلوم النادرة في جميع أنحاء العالم، كما أضفت حكومة الاحتلال على الاغتيالات الطابع المؤسسي، وكانت رئيسة وزراء الحكومة السابقة غولدا مائير قد استحدثت جهازاً خاصاً بعمليات الاغتيال أطلق عليه «المجموعة إكس»، وألحقت به وحدة مختصة بالاغتيالات من جهاز الموساد.
وهكذا ظل الكيان الصهيوني يسعى لإحباط أية محاولة لامتلاك المقاومة للخبرات العلمية والتكنولوجية، وعرقلة مساعيها للحصول على وسائل ترد فيها على عدوان وجرائم الاحتلال، الذي يحرص على تكريس تقدمه العسكري والتكنولوجي على حساب المقاومة.
خوف الكيان
بالنسبة لدولة العدو فإن للاغتيال أهدافاً مركبة، فمنذ نشأة الدولة لم تتوقف عن سياسة الاغتيالات، ويحفل تاريخ الكيان الصهيوني بملاحقة واغتيال شخصيات عربية وفلسطينية، فقد تعرض عدد من العلماء للاغتيال، لأنها لا تريد للعرب التقدم أو الازدهار علمياً، بالإضافة إلى بعض الكتّاب والأدباء الذين لم يسلموا من القتل بسبب معاداتهم لـ «إسرائيل» وأمريكا.
يهدف الاحتلال من وراء اغتيال العقول المقاومة ممن تخصصوا في مجالات من شأنها تحقيق تقدم علمي وتكنولوجي للمقاومة الفلسطينية، إلى جملة من الأهداف، من بينها: تحديات الحروب المقبلة التي تواجه العدو، حيث يهدف الاحتلال من خلال استهداف العقول المقاومة إلى تحسين قدراته ومكانته في حال دخوله أية حروب مستقبلية مع المقاومة، وفي هذا الإطار جاءت عملية اغتيال المهندس «محمد الزواري» التونسي الخبير في تصميم الطائرات بدون طيار في كانون الأول 2016، بمدينة صفاقس التونسية وتورط المخابرات «الإسرائيلية» في الحادث.
وقد ارتبطت هذه العملية برغبة الكيان الصهيوني في تحسين مكانته في أية حرب مستقبلية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك بعد أن تغيرت القدرات القتالية والميدانية للمقاومة بشكل واضح منذ أن شرع «القسام» بالتزود بالطائرات من دون طيار، التي كان الزواري أحد المسؤولين عن تطويرها لصالح «القسام»، حيث إن الطائرات من دون طيار باتت مركباً أساسياً من مركبات القوة العسكرية للمقاومة في غزة وأحد مصادر التهديد الجديّة للكيان الصهيوني.

بالإضافة إلى هدف الحفاظ على التفوق النوعي العسكري، حيث قام الكيان الصهيوني بمحاولات عديدة بهدف القضاء على أية مشروعات في المنطقة تسعى لاستخدام الطاقة النووية والتكنولوجيا العسكرية، من أجل انفراد الكيان الصهيوني بقدرات عسكرية تمنحه تفوقاً نوعياً عسكرياً واستراتيجياً.
الخلاصة
استهداف الكيان الصهيوني للعقول المقاومة على مدار التاريخ يأتي ضمن استراتيجية ترتكز على مجموعة من السياسات والأدوات الخاصة باغتيال العقول المقاومة سواء بطريق مباشر، أو غير مباشر، هذه الإجراءات تم استخدامها للحفاظ على تفوق الكيان في شتى المجالات، ومن الواضح أن هنالك تركيزاً «إسرائيلياً» على العقول المقاومة التي تسهم في تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، إذن سوف يبقى الكيان الصهيوني يخطط ويسعى للوصول إلى العقول المقاومة، وهنا ينبغي على المقاومة حتى تستمر في بناء وتطوير برامج ووسائل المقاومة أن يكون لديها القوة الرادعة التي يحسب لها «الموساد» ألف حساب حين يفكر أن تمتد يده إلى أي عالم من علماء المقاومة، وألا يستسهل القتل أكثر فأكثر لدرجة الوصول إلى القتل لمجرد التفكير بالعمل مع المقاومة.
ولعلنا هنا نستذكر «الأمير الأحمر» حسن سلامة الذي تولى قيادة العمليات الخاصة ضد مخابرات الاحتلال في العالم من لبنان عام 1970، ولاحق موساد الاحتلال الصهيوني، واغتال عددًا من ضباط المخابرات حول العالم، وكشف عددًا آخر من عملاء الاحتلال في الوطن العربي وخاصة في لبنان، لعله حان الوقت ليكون للمقاومة الذراع القادر على ردع موساد الاحتلال، وبظني لن تعجز المقاومة الفلسطينية عن ذلك، وتلقين الاحتلال دروساً قوية في حرب الأدمغة الدائرة مع المقاومة.

شبكة القدس الإخبارية

آخر تعديل على الخميس, 03 أيار 2018 16:37