تفجيرات مصر: ثمة رسالة غربية وراء الدماء
عاشت مصر الأحد 9/نيسان يوماً دموياً عاصفاً، حيث فجَّر انتحاريان نفسيهما في كل من كنيسة مار جرجس بطنطا، والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وراح ضحية التفجيرين ما لا يقل عن 44 شخصاً وجرح 120 آخرين...
تكرَّرت هذه العمليات الإرهابية في مصر خلال السنوات الأخيرة ضمن توظيفات محددة، كرسائل سياسية للداخل المصري، وأيضاً كعمليات ضمن موجة تصعيد أكبر، تجتاح العالم، إذا ما نظرنا إلى ما سبق هاتين العمليتين في لندن وستوكهولم...
«داعش» يتبنى
للمرة الأولى يتبنى تنظيم «داعش» العمليتين الإرهابيتين، بحسب ما نشره عبر وسائل الإعلام التابعة له. وأكدت وزارة الداخلية المصرية، في بيان لها، أنه: «في إطار جهود وزارة الداخلية لملاحقة العناصر المتورطة في ارتكاب حادثي تفجير كنيستي (المرقسية بالإسكندرية- مار جرجس بالغربية) فقد تم فحص وتفريغ كاميرات المراقبة بموقع الحادثين، وجمع التحريات والمعلومات ذات الصلة، وتتبع خطوط سير العنصرين الانتحاريين منفذي الحادثين، وملاحقة العناصر الهاربة على ذمة بعض القضايا الإرهابية مؤخراً، لفحص صلتها بالحادثين».
وفي وقتٍ سابق، قالت السلطات المصرية: أن «جسماً غريباً» وصف لاحقاً بالقنبلة، هز كنيسة مار جرجس بشارع النحاس في طنطا بمحافظة الغربية بدلتا النيل، على بعد 120 كم شمال القاهرة، والتي أودت بحياة 27 شخصاً، وإصابة 78 آخرين، فيما ضرب التفجير الثاني محيط الكنيسة المرقسية في قسم العطارين بالإسكندرية، مما أدى بحسب وزارة الصحة المصرية، إلى مقتل 17 مواطناً وإصابة 58 آخرين.
تأطير الدور المصري
رغم موافقة البرلمان المصري بالإجماع على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر، اعتباراً من مساء 10/نيسان الحالي، إلا أن هذه الإجراءات وحدها غير كافية لدرء المخاطر عن المصريين، ذلك بالنظر إلى انتشار المنظمات الإرهابية في مصر وفي محيطها، ليس على شكل خلايا نائمة فحسب، بل كمراكز نشطة قادرة على العبور والحركة بين دول عدة وبقدرات تمويلية عالية، الأمر الذي أشار إليه رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، بالقول أن «تلك الهجمة الإرهابية كشفت ضخ أموال طائلة تتعدى المليارات لدعم الجماعات الإرهابية، وتزويدها بأحدث التقنيات التكنولوجية»، مضيفاً: «إن تلك الأعمال تستوجب إجراءات استثنائية لمواجهة هذا الخطر المتفشي».
الإجراءات الاستثنائية ضرورية فعلاً، كما تقول الحكومة المصرية، لكن إذا أردنا التعمق في نوعية هذه الإجراءات، ربما نجد أنها تستوجب نشاطاً مصرياً يفوق «الإجراءات الوقائية» ذات الطابع الأمني، وبمعنى أدق: التعامل مع حالة الإرهاب باعتبارها خطراً يهدد أمن المنطقة ككل، وليس مصر وحدها، وبمعزلٍ عن الدخول في سجالٍ سياسي حول مدى إدراك السلطة المصرية لهذا الخطر وماهيته، إلا أن ما ينبغي الوقوف عنده جدياً، هو: إنّ ما خلف هذه العمليات الإرهابية رغبة غربية جامحة نحو دفع مصر لحسم موقفها في اتجاه التورط بالمشاريع الغربية، وتدفيعها جزءاً من فاتورة هذه المشاريع، حيث بات من الواضح أن الأهداف السياسية للعمليات الإرهابية، على غرار ما يجري في أوروبا، هي: تثبيت أقدام حلفاء الولايات المتحدة داخل الحظيرة الأمريكية، وترويج الوهم حول أن الفوضى وحدها هي مصير تلك الدول، والقوى السياسية التي تخرج من العباءة الأمريكية إلى عباءات دولية أخرى. وإن كان فهم ذلك ليس عصياً، فإن الخطوة البديهية المرتبطة بمصالح الشعب المصري، تقضي العمل خلافاً للرسالة الغربية، أي الاندفاع أكثر في اتجاه القوى الدولية الصاعدة.. لا العكس..!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 806