طريق المساومات لا يؤدي إلى فلسطين!

طريق المساومات لا يؤدي إلى فلسطين!

الدعم كله الذي قدمته الإدارة الأمريكية السابقة، عبر نقلها ملايين الدولارات للكيان الصهيوني، ومن ثم «صفقة السلاح المتطور» التي قدمتها له، لم تستطع أن تبدد حالة القلق التي يعيشها الكيان إزاء المتغيرات الاستراتيجية التي تضع وجوده كله على طاولة البحث. 

مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مثقلاً بشعاراته الدعائية المساندة للكيان، يشعر الأخير أن هناك فرصةً يجب استثمارها عن طريق تثبيت جملة من العوامل الداخلية، التي قد لا يمكن تطبيقها في مراحل لاحقة. على هذا الأساس، وبالرغم من قرار مجلس الأمن الذي يدين الاستيطان، يكثف الكيان الصهيوني اليوم عملية بناء المستوطنات في أراضي الضفة الغربية.

وخلال الأسبوع الماضي، ارتفعت حدة التصريحات الأمريكية العدائية لإيران، مما زاد من «ارتياح» حكومة الاحتلال، لكن هل يعني هذا التصعيد توجهاً استراتيجياً أمريكياً صهيونياً ضد ايران؟ وتوجهاً صهيونياً نحو نسف «حل الدولتين» وبدء مرحلة جديدة من التصعيد العسكري المباشر؟ أم أن ما يجري كله يدخل في إطار المساومات، على المكشوف ومن تحت الطاولة، بهدف إنتاج «حلول» لا تعكس موازين القوى الدولية التي يمكن ترجمتها بالحالة الفلسطينية بانتصار كبير لقضية الشعب الفلسطينية، وبالحالة الصهيونية انهزام كبير لفكرة الكيان ككل؟

تشريع المستوطنات الهدف المساومة عليها

الكيان الصهيوني من حيث الشكل هو كيان غير مستقر، وتابع بشكل عميق لحركة مشغليه الغربيين، ومتأثر بشدة بحركة موازين القوى العالمية. فهو يتقدم مع تغير الموازيين لصالح الغرب، ويتراجع في حالة تراجعه. وبما أن الغرب يعيش حالةً من التراجع والانقسام، والتفكك في بعض النواحي، فإن التصعيد الجاري كله لا يعكس سوى رغبة أمريكية بتمييع الوقت وخلط الأوراق وتعقيد الأمور بهدف منع إنجاز حلول خلال هذه الفترة الانتقالية على المستوى الدولي، لأنه وبحكم المنطق الأمريكي مع الإدارة الجديدة، فإن الهدف يكمن في عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الساحة الدولية، بعد إنجاز عملية إصلاح داخلي. وبغض النظر عن مدى إمكانية تحقيق ذلك، إلا أن ما هو ثابت حالياً أن الأولوية الأمريكية اليوم مصوبة نحو جبهة الداخل، وربما تكون العامل الحاسم في تحديد طبيعة العلاقات الخارجية لاحقاً.

مسألة المستوطنات

أقر «الكنيست» الصهيوني، يوم 6/2/2017، ما يسمى بـ«تبييض قانون المستوطنات» بصفة نهائية بعدما أقره بالقراءة الأولى مطلع كانون الأول لعام 2016. ويشكل القانون خطوة في اتجاه ضم أجزاء جديدة من الضفة الغربية، وهو ما يدعو إليه وزراء في حكومة الاحتلال علناً. وينص القانون على أنه يحق لكيان الاحتلال مصادرة حق استخدام أراضٍ فلسطينية خاصة من أصحابها، مما يعني مصادرة أراضٍ فلسطينية خاصة مملوكة لأشخاص، لغرض الاستيطان.

ويكرس ما يسمى بـ«تبييض قانون المستوطنات»، بعد إقراره بشكل نهائي، مصادرة 8183 دونماً (نحو 800 هكتار) من أراض فلسطينية خاصة، كما أن القانون سيؤدي إلى تشريع 55 بؤرة استيطانية غير شرعية بأثر رجعي، وقرابة 4000 وحدة استيطانية جديدة.

وفي سياق الاستفزازات المكثفة التي تقوم بها حكومة الكيان، قال رئيس الوزراء الصهوني، بنيامين نتنياهو، الثلاثاء 7/شباط: « إن بداية السلام مع الفلسطينيين، هي بالاعتراف بـ«إسرائيل» كدولة يهودية»، وزعم أن «المشكلة تكمن في الرفض الفلسطيني الدائم للاعتراف بدولة يهودية في أية حدود.. هذا هو جوهر الصراع».

ويأتي هذا الهجوم الاستيطاني على خلفية المراهنة على المزايدات بين القوى السياسية الصهيونية لكسب تأييد جمهور المستوطنين، وبالاستثمار والمراهنة على مواقف الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه.

وبهدف تعقيد الأمور وكسب الوقت، يعمل الكيان على طرح قرارات مستفزة لجهود قوى دولية تسعى إلى إدخال الحل الفلسطيني ضمن الحلول التي تشمل المنطقة كلها. فالدخول الروسي مثلاً على خط الحل، والدعوات التي وجهها للتقريب من الفصائل الفلسطينية، هي عوامل تدخل في ميزان الرعب والضغط على الكيان.

البديل المقاومة!

السلطة الفلسطينية التي جددت لنفسها بعد مؤتمر «فتح» على البرنامج ذاته، أي برنامج أوسلو، لن تسطيع سوى الدخول في لعبة إضاعة الوقت على الشعب الفلسطيني، ولأن هناك واقعاً موضوعياً يسمح ببوادر جهود حقيقةٍ للعمل على برنامج واحد للفصائل الفلسطينية، فإن استمرار سلطة أوسلو بسياساتها يعني تنازلاً عن حقوق الشعب الفلسطيني، في لحظة دولية هي الأكثر ملائمةً لاستعادة تلك الحقوق.

تخسر سلطة أوسلو آخر أوراقها، مما يعني أن تغيراً قريباً مرتبطاً بجملة الحلول التي تخرج للمنطقة كفيلٌ بإعادة ترتيب الوضع السياسي، وإطلاق العنان لإنتاج قوى سياسية من رحم الشارع الفلسطيني وثوابته، ستكون قادرةً على الاستفادة من مرحلة الخروج الأمريكي التدريجي من المنطقة، بما يؤمن حقوق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. لذلك، فإنه على القوى الفاعلة في الشارع الفلسطيني الذي يشهد حراكاً متواصلاً في الضفة وغزة وخارجهما، التقاط هذه اللحظة المهمة من تاريخ المنطقة، على رافعة أساسية هي فكرة المقاومة الشعبية والسير نحو برنامج موحد يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني، التي يمكن القول: إنها اليوم أقرب مما يتصور الكثيرون للحصول على حقوقها، رغم العوائق التي يصر البعض على تظهيرها على حساب قضية الشعب الفلسطيني.

كتلة منفصلة: وفد من «حماس» في القاهرة

قالت وكالة «الأناضول» التركية، إن وفداً أمنياً تابعاً لحركة «حماس» الفلسطينية عاد، مساء السبت 4/2/2017، إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح البري، عقب زيارة قصيرة أجراها إلى مصر.

وقال مصدر في الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، رفض ذكر اسمه، لوكالة «الأناضول» إن وفداً من الأجهزة الأمنية التابعة للحركة، عاد إلى القطاع قادماً من مصر، يترأسه وكيل وزارة الداخلية في غزة توفيق أبو نعيم. وغادر الوفد غزة متجهاً إلى القاهرة، عبر معبر رفح. وكان مصدر مطلع، مقرب من حركة «حماس»، قد قال للوكالة في وقت سابق: إن الوفد توجه للقاء مسؤولين مصريين، في إطار «متابعة ما اتفقت عليه الحركة مع الجانب المصري، خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة». ولم يصدر أي تعقيب رسمي من حركة «حماس» حول الزيارة، كما لم يصدر أي تعقيب من السلطات المصرية.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
797