شبح الـ«فريكسيت»: هل ستكون فرنسا خارج الاتحاد؟
تعهدت رئيسة «الجبهة الوطنية الفرنسية»، مارين لوبان، في حوار مع صحيفة «الديمقراطية» اليونانية، بالخروج من الاتحاد الأوروبي في حال فوزها بالانتخابات الفرنسية القادمة، مؤكدة أن «الفريكست- أي انسحاب فرنسا من الاتحاد الأوروبي- هو جزء من سياستي».
دعت لوبان دولاً أخرى- مثل البرتغال وإسبانيا وإيطاليا واليونان- للخروج من الاتحاد الأوروبي، قائلة: إن على سكان أوروبا «التحرر من العبودية وابتزازات المسؤولين في بروكسل، والاهتمام قبل كل شيء بالسيادة الوطنية»، مشيرة إلى أن «البريطانيين أدركوا هذا، ولذلك صوتوا لمصلحة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي».
وأشارت لوبان، إلى أن البريطانيين ما كانوا ليوافقوا على إحلال اليورو محل الجنيه الإسترليني، لأنه أينما استُخدم اليورو لوحظ ارتفاع الأسعار والضرائب والبطالة، وانخفاض المرتبات والمعاشات التقاعدية، وبالتالي، زاد فقر الناس. وبحسب قولها، يجب إلغاء صندوق النقد الدولي، لأنه يساعد على إفقار الشعوب. كما تنظر لوبان إلى عضوية فرنسا في «الناتو» بعين الشك، لأنه بحسب قولها يخدم مصالح الولايات المتحدة فقط.
باريس ليست لندن
تشير نتائج استطلاع الرأي، الذي أجراه مركز «TNS Sofres» في شهر حزيران الماضي، إلى أن 33% من الفرنسيين الذين شاركوا في الاستطلاع يؤيدون خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، فيما لو جرى الاستفتاء حينها. وأن 45% من المشتركين لا يريدون الانسحاب منه. أي أنه حتى بعض المتعاطفين مع «الجبهة الوطنية» لا يعبرون عن موقف موحد من هذه المسألة، حيث إن 74% من أنصار «الجبهة» نفسها أعربوا عن تأييدهم الخروج من الاتحاد الأوروبي.
من جانب آخر، بينت نتائج الدراسة التي أجراها «Pew Research» في الشهر نفسه، أن 38% فقط من الفرنسيين لديهم موقف إيجابي من الاتحاد الأوروبي في حين أن 61% موقفهم سلبي. ووفق رأي الخبراء، ليس من مصلحة باريس الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما هو الحال بالنسبة للندن.
وتقول رئيسة مركز الدراسات اليورو-أطلسية والأمن العالمي في الأكاديمية الدبلوماسية لوزارة الخارجية الروسية، تاتيانا زفيريفا: إن «علاقة فرنسا بالاتحاد الأوروبي تختلف تماماً عن علاقة بريطانيا، لأن موقف البريطانيين من الاتحاد الأوروبي كان سلبياً دائماً. فهي لم تساهم في عملية التكامل الأوروبي كما ساهمت فرنسا. لقد حصلت بريطانيا على استثناءات عديدة في نشاط الاتحاد، حتى أنها لم تشارك في عدد من نشاطات الاتحاد. إضافة إلى أنها حجبت العديد من المبادرات الفرنسية والألمانية، بشأن تطوير عملية التكامل. في حين تنسب فرنسا إلى الدول المبادرة فيه».
هناك مكان للمفاجآت
وتشير زفيريفا: إلى إن المزاج العدائي للاتحاد الأوروبي بدأ مع بداية القرن الحالي، فـ«الاتحاد الأوروبي توسع، وهذا أثار مشكلة للفرنسيين، حيث قبل كل شيء، ظهرت لديهم مخاوف إزاء الحفاظ على أماكن عملهم. لأنه مع نمو العولمة تعززت الشكوك بالاتحاد الأوروبي وأزمة اللاجئين الأخيرة تأثرت فرنسا سلباً». ومع ذلك، تقول زفيريفا: إن المزاج المعادي للاتحاد في فرنسا ليس قوياً كما كان في بريطانيا، فـ«الأحزاب الكبيرة لا تطرح هذه المسألة، على الرغم من أنها ترفع شعارات تعود إلى لوبان. فمثلاً: أثرت في فرنسا أزمة ديون منطقة اليورو، ما اضطرها إلى شد الأحزمة خلال السنوات الخمس الأخيرة، خلال الأزمة. وهذا أثر في مزاج السكان أيضاً». وتدل معطيات مركز «يوروباروميتر»، التي نشرت في خريف هذه السنة، أن المسائل الرئيسة التي تقلق الفرنسيين هي البطالة (49%) والهجرة (19%). ومع ذلك ينظر (56%) نظرة تفاؤل إلى مستقبل الاتحاد الأوروبي.
من جانب آخر، بينت نتائج استطلاع أجراه مركز «YouGov» أن 63% من سكان فرنسا يتعاطفون مع «الشعبوية الشمولية». أي تحتل المرتبة الثالثة بعد رومانيا 82%، وبولندا 78%، مع أن لوبان تحظى وفق الخبراء فقط بدعم 30 – 35% من السكان. أي أنها لن تفوز بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في ربيع السنة المقبلة.
ويبقى انتظار نتائج الانتخابات الفرنسية، والتي قد تكون رغم آراء الخبراء، مفاجئة، فهم أكدوا سابقاً احتمالات فوز كلينتون وهزيمة ترامب في الولايات المتحدة، وجاءت النتائج عكسية، الأمر الذي قد يحدث في أوروبا وفي فرنسا كذلك. وإن كان من توقعات محتملة، فهي فوز تيارات سياسية رافضة للهيمنة الأمريكية، وداعية لعلاقات جيدة مع روسيا، أما إن كانت لوبان أم غيرها، فذلك يتصل مباشرة بضرورات «النخب» الفرنسية حتى موعد الاستحقاق الانتخابي.