أموال «إعادة الإعمار».. رشاوى للسياسيين!

أموال «إعادة الإعمار».. رشاوى للسياسيين!

بعد عشر سنوات من احتلال العراق وأكثر من ذلك في أفغانستان، لا تزال تلك الدول تواجه تحديات ضعف الاقتصاد والتنمية والفوضى وعدم الاستقرار، مما يستدعي التساؤل عن جدوى مشاريع إعادة الإعمار ودورها الذي رُوج له سابقاً على أنه الحل السحري القادر على ترميم مخلفات الاحتلال.

فشل ذريع

يعيش ربع سكان العراق والبالغ تعدادهم 31 مليون نسمة تحت خط الفقر، وفي ظل نقص في الخدمات والبنى التحتية من كهرباء ومياه، بعد عقد من مشاريع إعادة الإعمار، مما يثبت بشكل لا لبس فيه فشل تلك المهمة وهذا ما أقرته الإدارة الأمريكية مؤخراً بعد صدور تقرير المفتش العام الأمريكي المسؤول عن برنامج إعادة الإعمار ستيورات بوين الذي أقر فيه بفشل البرنامج الذي بدأ قبل عشر سنوات، وبلغت تكلفته حوالي 60 مليار دولار حتى الآن، بينما طالب الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في تصريح جديد من نوعه فرق إعادة الإعمار الإقليمية الأجنبية بمغادرة البلاد وترك الفرصة للسلطات الوطنية للاضطلاع بمسؤوليتها!

حاول التقرير بالإضافة إلى تصريحات بعض المسؤولين العراقيين تبرير الفشل بسوء الإدارة والفساد وعدم وجود ظروف ضامنة لاستمرارية المشاريع في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وشمل التقرير أيضاً تعليقاً لوزير المالية السابق رافع العيساوي قال فيه إن الولايات المتحدة فشلت في إقامة مشروعات كبيرة لإعادة الإعمار، كما أوضح أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي أن جهود إعادة الإعمار «أتت بنتائج غير مرغوب فيها في العموم».

من المستفيد؟

إن فشل مبالغ بحدود 60 مليار دولار خصصت لإعادة الإعمار في تحقيق تلك المهمة يجعل تفسير ذلك الفشل أكبر من تبريره بمجرد فساد وسوء إدارة، ففي تقرير أعدته صحيفة فايننشال تايمز ذكرت فيه أن عشر شركات عملاقة حققت أرباحاً طائلة قدرها 72 مليار دولار خلال عملها على تقديم الخدمات والإعمار في العراق، مبينة أن شركتين أميركيتين وأخرى كويتية تقف على رأس من حصدوا تلك الأرباح، وأن الشركات التي استحوذت على معظم العقود في ملف إعادة إعمار العراق هي شركة «هاليبرتون» وشركة «بكتل» الأمريكيتين ويذكر أن لهاتين الشركتين صلتهما بالإدارة الأمريكية، إذ إن «هاليبرتون» كان يرأسها ديك تشيني قبل وصوله إلى البيت الأبيض نائباً للرئيس الأمريكي.

قُدمت تلك الأموال لتظهر على هيئة صكوك غفران ممنوحة من الدول المحتلة للشعب العراقي ولكنها عادت مرة أخرى لتدر الأرباح على الشركات الخاصة والفاسدين الكبار وعلى حساب الشعب العراقي من خلال عقود وهمية وأخرى أكبر من تكلفتها الحقيقية، ولتشكل في جوهرها السياسي رشاوى للسياسيين لضمان أكبر قدر من التبعية تتيح إمكانية فرض أجندات معينة ومصادرة استقلالية القرار.