د. رفعت سيد أحمد د. رفعت سيد أحمد

الإخوان.. والخليج.. الثورة!

إذا صحت الأخبار المتداولة، عن توافق (إخواني/ عسكري) مع ضغط أمريكي– خليجي (قطر، السعودية تحديداً) على أن يكون د. نبيل العربي (78 عاماً) رئيساً لمصر، وأن تلك الدول الخليجية ربطت مساعدتها المالية لمصر بحتمية اختياره، فإننا نكون أمام نهاية فعلية للثورة.. ويمكننا ساعتها أن نقول للثوار ، ولأسر شهداء الثورة (1100 شهيد) والجرحى (12 ألف جريح) ؛ البقية في حياتكم.. لقد ماتت ثورتكم؟!.

أما لماذا؟ فأسجل في إجابتي الآتي:

أولاً: من المعلوم للكافة أن السيد / نبيل العربي، لا علاقة له من قريب أو بعيد لا بالثورة ولا حتى بمعارضة مبارك، ولو بكلمة واحدة تشفع له أن يكون مرشحاً لهذا الشعب الذي قدم آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين في عهد النظام المخلوع، بل على النقيض من ذلك، كان الرجل موظفاً متواضع الإمكانات والعلم في الخارجية المصرية وكان أحد مهندسي اتفاقية العار بين مصر والعدو الصهيوني (اتفاقية كامب ديفيد)، وساهم في تقوية أواصر التبعية لواشنطن عبر عمله الدبلوماسي طيلة الـ20 سنة الأولى من عهد حسنى مبارك، ثم عندما أتت الثورة به من على دكة الاحتياطي بعد أن أصبح على المعاش ليصبح وزيراً للخارجية ؛لم يتخذ قرارات ذات قيمة أو أهمية تبرر له بأن يصبح رئيساً لمصر، ثم عندما جاء إلى أمانة الجامعة العربية، كانت أغلب قراراته؛ مجرد تنفيذ لمطالب مجلس التعاون الخليجي خاصة تجاه سورية وتحولت الجامعة في عهده إلى سكرتارية لهذا المجلس الذي توجد به 11 قاعدة عسكرية أمريكية، (ومع ذلك يتبجح حكامه بمطالبة الدول العربية الأخرى مثل مصر وسورية بأن تحترم حقوق الإنسان والاستقلال الوطني!)، فأية مؤهلات تلك تسمح لنبيل العربي بأن يستحق شرف رئيس مصر بعد ثورة ضحى فيها الشعب بالغالي والنفيس؟!.

ثانياً: حتى لو كان (نبيل العربي)، يمتلك من المؤهلات، ما لا تمتلكه الملائكة (وهذا غير صحيح بالمرة)، فإن طريقة طرحه ومجيئه هو أو منصور حسن أو عمرو موسى (أبناء نظام السادات ومبارك الذي ثار الشعب ضده) لا تليق، بهذا الشعب وبتلك الثورة، وأن يعقد الإخوان والمجلس العسكري وبعض الأحزاب اتفاقات أو صفقات لحكم مصر تتم بهذه الطريقة لهو إهانة شديدة القسوة لهذا الشعب الذي كان له الفضل الأول في مجيئهم جميعاً من (الظل) إلى بؤرة الضوء؛ إن أبسط قواعد احترام إرادة الشعب ، هو أن يتم التعامل معه باعتباره يفهم ويختار بنفسه، وأنه لم يعد طفلاً صغيراً حتى يختار له (العسكري) أو (الإخوان) أو غيرهم من سُراق الثورات والفرح رئيسه القادم؟ ففي ذلك إهانة له، ما بعدها إهانة.

ثالثاً: إن ربط حكام الخليج المحتل أمريكياً، مساعدتهم لمصر باختيار (نبيل العربي) لهو إهانة مزدوجة ينبغي الرد عليها: الوجه الأول فيها إهانة للسيد نبيل العربي نفسه حين يعتبره الخليج المحتل (وتحديداً قطر والسعودية) رجلهم في مصر أو أداتهم لاختراق وترويض الثورة؛ وأن طاعته العمياء لهم في جامعة الدول بشأن قرارات تفكيك البلاد العربية، من اليسير أن تتكرر مع رئاسة مصر، لهو إهانة للرجل لو يعلم أو يفهم دلالاتها! أما الوجه الآخر للإهانة فهو لمصر، التي تجوع ولا تأكل بكرامتها من هؤلاء (البدو) الذين بلا دساتير أو حياة ديمقراطية، والذين دأبوا على التعامل مع الدول الكبيرة في المنطقة، وفى مقدمتها مصر، بأساليب التآمر، والدونية، وكأنها ولاية عند آل حمد أو آل سعود، وبأن ما يشغلنا فقط هي أموالهم الملوثة بدم العمالة لواشنطن، إن النظام السابق هو الذي تسبب في هذا الفهم الخليجي العفن لقيمة وكرامة مصر والمصريين؛ ولقد آن لهؤلاء الخليجيين أن يفهموا أن مصر اليوم في ثورة، وهي لا يمكن أن تكون كذلك إلا بأن تثور على مثل هذا الفهم، وتلك الدول الخليجية – الأمريكية النشأة والدور – وعلى مرشحيها ووكلائها في مصر، هنا فقط تكون الثورة، ثورة حقيقية.

رابعاً: ولكن.. إذا ما استمر الإخوان والسلفيون الوهابيون وبعض الأتباع من السياسيين والعسكريين في ممارسة تبعيتهم للخليج، وللمشروع الأمريكي الجديد للمنطقة (وهو شرق أوسط أمريكي بقشرة إسلامية) وإظهار هذه التبعية كل فترة من خلال مواقف أو ترشيحات (مثل حكاية نبيل العربي) تلك، وإذا ما ثبت صحة ما يقومون به، وأصروا عليه، مثل ذلك الإصرار الإخواني على معاداة دول المقاومة في الوقت الذي يستقبلون فيه مسؤولي المخابرات والسفارة الأمريكية داخل مكتب الإرشاد ومجلس الشعب، إذا أصر القوم على منهجهم، فأقول لكم وكلي أسف: البقية في حياتكم فى هذه الثورة؟ واستعدوا لثورة جديدة تكنس هذا الواقع الأمريكي/ الخليجي - المتأسلم - الجديد في مصر!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
542
آخر تعديل على الإثنين, 19 كانون1/ديسمبر 2016 12:48