حتى أنصار الرأسمالية يطالبون بنموذج جديد!

تحت شعار«التحول الكبير من أجل نماذج جديدة» عقدت الدورة الأخيرة لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي الذي يشارك فيها عادة زعماء البلدان الرأسمالية وقادتها الاقتصاديون، والذي يحمل  أسم المدينة السويسرية التي يعقد فيها سنويا. لا يمكن للرأسمالية أن تبقى كما هي، حسب قول «كلاوس شواب» أحد مؤسسي منتدى دافوس، وفي الوقت نفسه جاء الرد من  بورتو أليغري البرازيلية ،الواقعة في الطرف الآخر من المحيط الأطلسي، والتي تبعد 12 الف كيلو متر: «نحن 99 في المائة من الكوكب نواجه الواحد بالمائة من الأغنياء»، حيث عقد المنتدى الاجتماعي العالمي* تحت شعار «الأزمة الرأسمالية، عدالة اجتماعية وبيئية - عالم آخر ممكن» في المكان الذي انطلق منه قبل أحد عشر عاما. لقد كانت دافوس سابقا أحد المصحات للمصابين بأمراض السل الرئوي واليوم تحج لها نخبة الرأسمال السياسية و الاقتصادية لتتحاور حول الرأسمالية. حضر منتدى هذا العام 40 زعيم دولة ورئيس وزراء، و 1600 من الوزراء و رجال الأعمال يمثلون 19  بلدا من بلدان قمة العشرين. كانت اللقاءات السابقة مناسبة للاحتفال بمزاج المنتصر بعولمة الليبرالية الجديدة، أما هذه المرة فقد كان اليورو المريض والاقتصاد العالمي المصاب بالسل ، وكذلك أزمة الرأسمالية والخوف من الركود والكساد على جدول الأعمال. «نحن مصحة العالم» هكذا حاول «كلاوس شواب» تهدئة الحضور في جلسة الافتتاح.

 

نظام تجاوزه الزمن
سبق لكلاوس شواب أن قال في مقابلة مع النسخة الألمانية من «الفاينانشال تايمز» في إطار التحضير للمنتدى الاقتصادي العالمي «إن النظام الذي قادنا إلى الأزمة قد عفا عليه الزمن، ولكننا ننكر هذه الحقيقة على حساب مصلحتنا»، وأكد على ضرورة إجراء حوار نقدي على خلفية «حركات لنحتل الان » الحركات الاحتجاجية خطرة عندما ينظر إليها بوصفها كفاحا طبقيا. آرثر روبنشتاين، أحد مؤسسي شركة  - كاريل - الامريكية للاستثمارات المالية كان في «دافوس» ايضا وهو يرى:«اللعبة ستنتهي  قريبا  مع هذا النوع من الرأسمالية التي شهدناها حتى الآن، ولدينا ثلاث إلى أربع سنوات لحل مشاكلنا»
ما عدا الحديث حول «الرأسمالية المستدامة» و«الخضراء» وتنظيم أفضل للأسواق المالية يظل السؤال،عن الكيفية التي يمكن أن تبدو فيها النماذج الجديدة للرأسمالية في دافوس عمومية و مثيرة للجدل إلى حد بعيد.
ورغم أن كل مشارك حصل على أوراق المؤتمر في حقيبة كتب عليها «عقدت العزم على تحسين حالة العالم»، ولكني اعتقد ان هذا مرهون بالاستفادة من هذه «ثلاث أو أربع سنوات لاستغلال العالم بشكل أفضل».

وصفات فاشلة تقترح على أوربا
بالتوازي مع منتدى دافوس عقد في البرازيل المنتدى الاجتماعي العالمي، وقد فضلت رئيسة جمهورية البرازيل «ديلما روسيف» البقاء في بلدها و حضور المنتدى الاجتماعي المناهض لقمة الرأسمالية على السفر إلى سويسرا والمشاركة في منتدى دافوس.
 في كلمتها أكدت الرئيسة البرازيلية «سوف لن تضحي بلداننا بسيادتها نتيجة ضغط المجموعات المالية ووكالات التصنيف الائتماني» ولفتت الانتباه إلى التطورات الجارية في القارة اللاتينية «سيبنى في أمريكا اللاتينية قطب للتنمية و الديمقراطية» وفي أمريكا اللاتينية هناك «أجوبة تقدمية وديمقراطية على  الاختلال في التوازنات الدولية»، في حين يؤدي التقشف الإجباري إلى البطالة. وبخصوص التطورات الاقتصادية و الاجتماعية أشارت «روسيف» محذرة وداعية إلى تصعيد المقاومة ضد سياسات الليبرالية الجديدة: «يجري اليوم اقتراح وصفات فاشلة لأوربا، ونحن نعرف التجربة في عقد الثمانينيات و التسعينيات، عندما قادت الليبرالية الجديدة بلدنا للركود ، وادى ذلك إلى خسارات في فضاءات  السيادة و الديمقراطية، وتعميق الفقر و الإقصاء والبطالة».

«التحولات الكبيرة» كانت أيضا على جدول أعمال المنتدى الاجتماعي العالمي هناك قال رئيس منظمة الغذاء والزراعة الدولية  (فاو):« إن النضال ضد الجوع ليس نضال حكومة منفردة، بل هو المجتمع المتحد الذي يقرر نهايته» لإنهاء الجوع يجب تجاوز الليبرالية الجديدة والرأسمالية حول هذه الرؤية كان هناك إجماع لدى الشعب المتنوع الذي ساهم في أعمال المنتدى الاجتماعي العالمي.
يمكن القول إن الرأسمالية لم تكن محط تساؤل كما هي عليه اليوم، سواء كان هذا التساؤل في معسكر أنصارها الباحثين عن  علاجات مؤقتة و بدائل من داخلها، أو في معسكر خصومها المتنوع و المتفق على ضرورة تجاوزها وبناء بديل يحفظ للإنسان كرامته و للمجتمع حريته ويحقق العدالة الاجتماعية التي بدون الوصول إليها لا يمكن الحديث عن تجاوز الرأسمالية.

 مواقع الكترونية

معلومات إضافية

العدد رقم:
542