جورج سوروس: بكل صراحة ووقاحة!

في كتابه: «المجتمع المفتوح في خطر» الصادر عام 1998، يقول جورج سوروس المضارب المالي المعروف وحامل لقب الدكتوراة الفخرية .من عدة جامعات، أن النظام الرأسمالي العالمي سيدخل مرحلة جزر، سيأتي بعدها مرحلة انتقالية وثم انزلاق كارثي إلى الأسفل

لم يخف جورج سوروس أبداً مواقفه المعادية للشيوعية، ولعب دوراً هاماً في الاسهام بتخريب الاتحاد السوفييتي، بمباركة صديقه غورباتشوف الذي قدم دعماً لا محدوداً له من خلال «صندوق الثقافة» الذي ترأسته زوجة غورباتشوف آنذاك، وهو اليوم يقول: «إني أتنبأ بالانهيار المحتوم للنظام الرأسمالي العالمي وهو ما يمكن تحليله على أساس التحليل الملموس للأسواق المالية العالمية والتفاوت والتناقض في التطور الاقتصادي العالمي، وكذلك لتعمق الهوة بين البلدان الفقيرة والغنية، ذلك التعمق القادر على زعزعة استقرار النظام الاقتصادي العالمي» وهو يهاجم بهذا الكتاب موضوعة عدم وجود خيار آخر سوى خيار السوق الحرة، ويبرهن على خطر هذا الطرح على المجتمع العالمي إذ أسماها بـ «أصولية السوق» حيث يقول: «إن الانسياق الأعمى وراء قدرة الرأسمالية على ضبط نفسها ذاتياُ وتنظيم نفسها فدون توجيه هو الذي أدى إلى الأزمة الحالية».

ويرى سوروس أن العامل الأساسي في التناقض الحالي المذكور، هو رأس المال العالمي، الذي تمتع بحرية مطلقة في الثمانينات من القرن الماضي بفضل سياسات تاتشر وريغان اللذان ساهما في إضعاف قدرة الدولة على التحكم بالاقتصاد مما أعطى هذا الاقتصاد الدور القيادي في ا لاقتصاد العالمي.

ـ يقول سوروس حرفياً: «إن النظام الرأسمالي يقارن اليوم بإمبراطورية شمولية. أكثر شمولية من أية إمبراطورية ظهرت حتى الآن. تتحكم بكل البشرية، ولها مركز وأطراف حيث يحصل المركز على الامتبازات بفضل الأطراف. وهذا النظام مريض بمرض التوسع، وهنا مكمن مقتله.»

ويقول أيضاً فيما يخص مستقبل الرأسمالية: «إن هذا النظام لن يصمد أمام ضغط نواقصه، وإذا ما صمد هذه المرة، فإنه لن يصمد في المرات القادمة، وأنا أرى بدء ولادة الأزمة النهائية التي ستكون سياسية بطابعها. وأنا أرجح ظهور حركات سياسية محلية في بلدان عديدة ستسعى إلى مصادرة أملاك الشركات المتعددة الجنسيات وإعادة الثروة الوطنية لأصحابها. وإذا ما تساءلنا: هل سيحدث ذلك الآن أم في الأزمة القادمة؟ سيكون الجواب: أن ذلك مسألة وقت فقط».

هذه الاستشهادات هي استشهادات حرفية فما هو جوهرها وماذا تعني؟

هل أصبح سوروس الملياردير المعروف والمضارب اليهودي الماهر الذي تلاعب بمصير اقتصاد بلدان عديدة من خلال البورصات، وذو الصلة الوثيقة بالاستخبارات المركزية الأمريكية، هل أصبح عدواً للرأسمالية يبشر  بسقوطها؟

لا طبعاً، إنه يحذر تلك الشرائح الرأسمالية التي لم تخضع بعد لسلطة الرأسمال العالمي الذي يمثل أحد أركانه الأساسية من أن عدم خضوعها سيأتي بالعدو إلى السلطة.

وهو يردد القول: إذا أردتم الخروج من الأزمة الحالية ومقاومة أثارها السياسية فلا بد لكم أن تعطونا السلطة والصلاحيات التي انتزعناها في الثمانينات من الدول المحلية كاملة غير منقوصة كي نمارسها هذه المرة على النظاق العالمي!! حيث يلوح لنا من حديثه أن كل الدعاية حول الدور الضار للدولة اقتصادياً واجتماعياً والذي تنتهي موجته اليوم، كان يهدف من خلال تحطيم هذه السلطة إلى إحلال سلطة الرأسمال العالمي محلها وهو ما يدعو له

جورج سوروس بكل صراحة ووقاحة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
181
آخر تعديل على الأحد, 18 كانون1/ديسمبر 2016 16:32