الحكام العرب يتفرجون..  والكيان الصهيوني يشن عدواناً همجياً على الأراضي الفلسطينية

الشعب الفلسطيني يفرض خيار المقاومة الشاملة

المقاومة هي القمة!

صعدت إسرائيل من عدوانها الهمجي على الأراضي الفلسطينية بهدف احتلالها والقضاء على المقاومة الباسلة فيها. ومن اجل ذلك أرسلت المئات من الدبابات ومختلف أنواع الأسلحة، بادئة باحتلال مدينة رام الله بالكامل، وقطعت عنها الماء والكهرباء وعزلت الناس في دورهم، وهاجمت مقر السلطة الفلسطينية ودمرته بالكامل وهددت حياة الرئيس الفلسطيني والقادة الآخرين وعزلت المدينة عن العالم الخارجي حتى لا يعرف أحد ماذا يجري فيها من أعمال هدم وتقتيل واعتقال القادة الميدانيين. حيث سقط أكثر من 30 شهيدأ من شهداء المقاومة.

مقاومة شعبية عارمة

وقد جوبه هذا العدوان بمقاومة شعبية عارمة. وأكدت القوى الوطنية أنها ستواجه هذا العدوان بحزم. وبكل ما لديها من وسائل، وقد جرت عدة أعمال استشهادية بطولية في عدة مدن إسرائيلية سقط فيها العشرات من الإسرائيليين بين قتلى وجرحى، وأعلنت مختلف القوى الفلسطينية أنها ستتابع النضال حتى دحر العدوان على الرغم من أنهم يقاومون وظهورهم للجدار حين لم يجدوا من الحكام العرب غير الكلام وتركوهم وحدهم يقاتلون.

غضب الشعوب العربية

وقد أثار العدوان الإسرائيلي غضب الشعوب العربية فقامت المظاهرات الشعبية العارمة في البلدان العربية من محيطها إلى خليجها منددة بالعدوان الإسرائيلي والتواطؤ الأمريكي كما حيت المقاومة الباسلة، ودعت إلى دعمها بكل الوسائل حتى تستطيع مواصلة الكفاح وإفشال المخططات الصهيونية الأمريكية.

دمشق.. مظاهرات يومية

وكان للعاصمة السورية دمشق نصيب وافر في ذلك، فبعد أن تكرس يوم «الخميس الفلسطيني» تحت شعار: «مشوار الألف ميل، يبدأ بحرق علم إسرائيل»، وشعار: «العدو صهيوني، والسلاح أمريكي».. تحول هذا التقليد الى مظاهرات يومية في المخيمات وفي دمشق ذاتها، منددة بالعدوان وداعمة للمقاومة الفلسطينية الباسلة، وتنطلق المظاهرات من مقر مكتب الأمم المتحدة لتسير في مختلف شوارع دمشق، رافعة شعارات دعم المقاومة والتنديد بالعدوان،  ولم يكن صدفة توجه التظاهرات العفوية نحو ساحة الشهيد يوسف العظمة، رمز المقاومة والتصدي للعدوان، وأن تصل تلك التظاهرات لموقع تمثال صلاح الدين الأيوبي ـ أمام قلعة دمشق ـ الذي حرر القدس من براثن الصليبيين، وذلك بعد أن سُدت الطرقات المؤدية الى السفارة الأمريكية، والتي سبق للشبان السوريين أن أسقطوا علمها مرتين في السنوات القليلة الماضية..

قمة بيروت

وكانت القمة العربية قد انعقدت في العاصمة اللبنانية بيروت يوم 27 آذار المنصرم، وبغياب 12 زعيماً، وبعد مناقشات دامت يومين صدر عنها بيان بالإجماع تضمن الاتفاق على:

1. رفض أي تهديد بالعدوان على العراق الشقيق.

2. المصالحة بين البلدين الجارين العراق والكويت.

3. وكان القرار الثالث هو الموافقة الإجماعية على مبادرة الأمير عبدالله، والتي نصت على :

ـ انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية إلى حدود 4 حزيران 1967، وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.

ـ إقامة علاقات «طبيعية» بين إسرائيل والبلدان العربية جمعاء!!

ـ تأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين والتأكيد على الرفض التام للحلول الرامية إلى توطينهم خارج ديارهم.

ـ توجيه التحية للشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة.

التمسك بالثوابت والحقوق

وقد ألقى الرئيس بشار الأسد كلمة شاملة في القمة أكد فيها التمسك بالثوابت والحقوق العربية، كما تحدث عن الإرهاب ومقاومته، وعن الحق المشروع في مقاومة الاحتلال.

ومن النقاط البارزة في خطابه:

ـ تشويه المصطلحات: وقال: إن المصطلحات قلبت بشكل كلي ودعا إلى التدقيق في المفاهيم التي تطرح من الخارج، أو التدقيق في المفاهيم التي تطرح دائماً وخاصة في مؤتمرات القمة. وأضاف: بعد 11 أيلول انتشر الخوف في كل مكان، وأصاب الخوف جزءاً من العرب. فالبعض كاد يخلع جلده، وقال: لو كان الأمر بيدي لغيرت هويتي وديني!! والبعض الآخر طالب بالتنازل عن بعض الحقوق بحجة استيعاب العاصفة، وكان البعض يعتقد بأنه بذلك ينحني للعاصفة، لكنهم لم يفرقوا بين الانحناء للعاصفة واقتلاع الجذور من الأرض حتى قبل أن تأتي العاصفة.

ـ إسرائيل مجتمع عسكري: «طُرح علينا مصطلح سمعناه اليوم هو مصطلح ضرب المدنيين والأبرياء» وأضاف: «نحن الآن أمام حالة احتلال وعندما يكون هناك احتلال فالموضوع شيء آخر. المحتل لا يوصف بالمدني والعسكري، وفي الحالة الإسرائيلية الكل مسلح، المستوطنون مسلحون كالجيش الإسرائيلي». وأضاف: «المصطلح المعتمد بالنسبة لنا هو أن المقاومة حق مشروع ضد الاحتلال، فأي محتل هو محتل».

ـ الدور الأمريكي: أما عن الدور الأمريكي فقال: «إن الراعي ـ أي الأمريكي ـ خلال السنوات العشر الماضية كانت بوضوح رعايته فاشلة بكل المقاييس مع تفاوت بالفشل بين مرحلة وأخرى، وإسرائيل كوفئت وهي تقف ضد السلام، بينما العرب عوقبوا وضغط عليهم واتهموا مع أنهم مع عملية السلام».

مآخذ على قرارات القمة:

وقد سجل المعلقون السياسيون عدة مآخذ على مقررات القمة وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية:

ـ لم يوجه البيان الختامي أي نقد للولايات المتحدة التي تدعم بجميع الوسائل إسرائيل، وبصراحة ووقاحة لا مثيل لها.

ـ اعتبر البعض أن قرارات القمة ليس فيها أي جديد، بل هي مكررة وليست على مستوى خطورة الأحداث في المنطقة العربية وعلى مستقبلها.

ـ حيى البيان الانتفاضة وحيى الشعب الفلسطيني ولكن لم يَرِد فيه أي ذكر لدعم هذه الانتفاضة الباسلة والوسائل الكفيلة لاستمرارها.

ـ هناك تراجع في حق العودة حسب قرار ا لأمم المتحدة 194، لأن هذا الحق لا يجب التخلي عنه بأي شكل من الأشكال.

الرد الإسرائيلي

ولقد جاء الرد الإسرائيلي سريعاً قبل أن يصدر البيان الختامي. فقد أعلنت إسرائيل رفضها للانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران. وحق العودة للفلسطينيين، ولم تكتف بذلك، فقد كانت أعدت خطة مبينة بالتعاون مع واشنطن للقيام بعدوان واسع النطاق على أراضي السلطة الفلسطينية بحجة حماية إسرائيل من الإرهاب بينما هدفها هو:

1. تصفية كوادر المقاومة الوطنية الفلسطينية تصفية تامة.

2. وبالتالي القضاء على المقاومة الباسلة قضاءً مبرماً.

3. التهجير الكامل للفلسطينيين إلى البلدان العربية كما حصل عام 1948 وإلى الأردن خاصة.

أمريكا تتجاهل العدوان

أما الموقف الأمريكي فقد عبر عنه بوش، بعد وزير خارجيته باول وقال فيه إن الولايات المتحدة تدعم ما أسماه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وتجاهل كلياً العدوان الإسرائيلي الشرس على رام الله ومحاصرة الرئيس عرفات وإلقاء القبض عليه وربما  القضاء عليه جسدياً واغتيال المناضلين الفلسطينيين بالجملة، وطلب من الرئيس الفلسطيني المحاصر أن يعمل على وقف العنف!!

بؤس الحكام

وأما الحكام العرب فقد وضعهم شارون في زاوية ضيقة، بعد سقوط مشروعهم الذي لم يجف حبره بعد بتجريد الحملة العسكرية الضخمة على الأراضي الفلسطينية، فلا هم مستعدون لاتخاذ موقف عملي لدعم الإنتفاضة ولاهم على استعداد لتوجيه أي تهديد أو نقد لواشنطن على موقفها المعادي للحقوق العربية.

عودة الجماهير الى الشارع

وقد كان رد الفعل الشعبي هو النقطة المضيئة، إذ جوبه العدوان الإسرائيلي بمظاهرات غاضبة احتجاجية صاخبة في كل مكان داخل فلسطين وفي البلدان العربية والعالم أجمع والتي نددت جميعها بالبربرية الإسرائيلية وطالبت بوقف العدوان ودافعت عن الشعب الفلسطيني بحقه في دولته المستقلة.

طريق المقاومة والصمود

ولمواجهة هذه الهجمة الإمبريالية الصهيونية لابد من التساؤل: ما هو سبيل الخروج من هذا الوضع الصعب؟ لا طريق إلا طريق المقاومة والصمود  ولتحقيق ذلك لابد من :

1. تقديم كل دعم ممكن وضروري للمقاومة الوطنية حتى تستمر في كفاحها لتحقيق أهدافها.

2. تقوية التضامن والتكاتف بين جميع القوى الوطنية والتقدمية في كل بلد عربي، وفي البلدان العربية جميعها، وتقوية العلاقات مع قوى الحرية في العالم.

3. رفع مستوى النهوض الجماهيري الشعبي في كل مكان، وذلك برفع أي قيد أمامها وخاصة في سورية العربية لأن في ذلك دعماً لها من أي محاولة لتهديدها أو العدوان عليها ولتكون الجبهة الداخلية قوية ومتراصة. وهي بدورها ستساعد على النهوض الشعبي في البلدان العربية الأخرى، وبالتالي سيرفع من معنويات المقاومين الفلسطينيين بأن وراءهم قوى تدعمهم وليسوا وحدهم في المعركة.

لقد صمدت سورية سابقاً وانتصرت وستصمد الآن وستنتصر وستكون قاعدة صلبة للنضال العربي وخصوصاً إخوتنا المقاتلين في الأراضي الفلسطينية.

 

إن الحكام العرب الذين خانوا القضية الفلسطينية عام 1948 أطيح برؤوس الكثير منهم آنذاك وإن الشعوب العربية وقواها الوطنية والخيرة ستنهض وستنتفض أيضاً، لتطيح بالحكام الخونة المتواطئين مع العدو الإسرائيلي والأمريكي، وإن النصر لامحالة سيكون حليف الشرفاء المناضلين في سبيل استراداد حقوقهم وأراضيهم المغتصبة وإن غداً لناظره قريب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
172