عبد العزيز حسين عبد العزيز حسين

أمريكا عدوة الشعوب

كل التطورات والأحداث التي مرت على المنطقة قديما وحديثا تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن تفكر يوما إلا بوحي من مصالح الاحتكارات الكبرى القائمة على استغلال الشعوب ونهب خيراتها واستعبادها، متسترة خلف شعارات رنانة، مثل الحرية والديمقراطية.. فقامت بكل ما يندى له جبين الإنسانية من عار بوحشيتها وهمجيتها.. قتلت الآلاف في فيتنام وكوريا وأفغانستان ويوغسلافيا والعراق وأمريكا اللاتينية والهند الصينية، وحتى أنها لم تخجل يوما من إن تهاجم دولة تعد من اصغر دول العالم (غرينادا).

وها هي الآن تذبح الشعب العراقي وتقتل خيرة أبنائه وعلمائه وذلك أيضا تحت الشعار البراق نفسه «حرية العراق».
إن شعوب المنطقة مازالت تذكر يوم تآمرت أميركا مع الشاه الإيراني على الثورة الكردية بقيادة القائد الكردي «ملا مصطفى البرزاني» والصفقة التي تمت بين الشاه الإيراني ونظام صدام الديكتاتوري بدعم وتأييد وتخطيط من أمريكا لتصفية الثورة الكردية ولجوء القيادة الكردية عندئذ إلى خارج العراق، ويقول السيد مسعود البرزاني في مذكراته: لقد مرض والدي بمرض السرطان وأردنا معالجته في أمريكا واتصلت مرارا مع وزير الخارجة آنذاك «كيسنجر» لتقديم الدعوة لنا ولكنه لم يستجيب واضطررنا إن نذهب على نفقتنا الخاصة من أجل المعالجة.
وقد قال القائد الكردي الراحل في وصيته وهو على فراش الموت: لا تثقوا بالسياسة الأمريكية أبداً. وكلنا شاهدنا مؤخرا الأفلام الوثائقية التي صدرت بالعراق وخاصة اللقاء الذي تم بين الديكتاتور صدام ورامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي حاليا عندما سأله الصحفيون أين كنت أجاب: كنت عن صديقي صدام. وحين ذاك كانت الثورات مندلعة في أكثر مناطق العراق وخاصة في الشمال والجنوب وكان نظام صدام قاب قوسين وأدنى للرحيل فأمده الأميريكان بالسلاح والمال والدعم السياسي ليقوم بمجازره المعروفة ضد الشيعة في الجنوب حيث قتل ما يقارب 300000 مواطن، وأباد سكان حلبجة بالسلاح الكيماوي الأميركي ثم مجازر الأنفال بالمنطقة الكردية ذهب ضحيتها ما يقارب 183000 مواطن.

هذه الحقائق وغيرها غيض من فيض تؤكد كذب ونفاق أمريكا بادعاء وقوفها إلى جانب الشعب الكردي. كذلك بطلان بعض الإدعاءات التي تقول أن أمريكا صديق للشعب الكردي أو لأي شعب آخر فمصلحة الشعب الكردي مع شعوب الدول المجاورة وبالدرجة الأولى مع الشعب العربي، وبعض المواقف الشوفونية العربية وخاصة أمثال نظام صدام الديكتاتوري يجب أن لا يكون مثالا من قضية الشعب الكردي وكم كان دقيقا ما ذكره الدكتور قدري جميل في مداخلته أمام الاجتماع السادس للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين مستشهدا بالموقف اللينيني من القضية القومية حيث قال: شيوعيي الأمة الكبرى يجب إن يناضلوا من أجل تعزيز روح الأممية عند الأمة الكبرى لدرجة أن يثقفوا جماهيرهم حتى بحق الانفصال للأمة الصغرى أما شيوعيو الأمة الصغرى فيجب أن يقنعوا جماهيرهم بضرورة الاندماج والوحدة في النضال العام ضد العدو المشترك مع الأمة الكبرى.. هكذا ديمقراطيا تحل القضية عند لينين.
الجميع بات يعلم الآن أن أمريكا أصبحت في ورطة كبيرة في العراق فالانسحاب نهاية لنظام بوش والاستمرار يكلفها الكثير عسكريا وماديا وسياسيا, وكلنا نشاهد يوميا المظاهرات الجماهيرية الواسعة داخل أمريكا وبعض الدول الأوروبية الأخرى ضد السياسة الأمريكية ومجازرها في العراق وفي مناطق مختلفة من العالم وخاصة في لبنان وفلسطين وكذلك التناقضات والصراعات الداخلية والأزمات الاقتصادية التي تعانيها أمريكا نتيجة سياستها الإجرامية.

فأمريكا تستخدم الآن بخبث السياسة البريطانية وشعارها المعروف فرق تسد في العراق فأحيانا تدعي أنها تساند السنة والسفير الأميركي يلتقي مع قيادتهم وبعد حين يلتقي مع القيادات الشيعية ومن ثمة مع بعض القيادات الكردية، وكل أبناء الشعب العراقي يعلمون جيدا دور المخابرات الأمريكية والأسرائلية في الإيقاع والتفجيرات بين مختلف الطوائف والعشائر والقوميات وخاصة ما حدث في أربيل وفلوجه وداخل الكنائس والجوامع وبين الشيعة والسنة فليس من مصلحة أمريكا وحلفاءها أبدا التلاحم والوحدة بين أبناء الشعب العراقي لأنه عندئذ لابد من الرحيل وأن الرحيل آت لا ريب فيه, وعلى القيادة الوطنية في العراق من مختلف المذاهب والطوائف والقوميات أن تدرك إن المصلحة الوطنية العليا تقتضي التآخي والتعاون الصادق مع ضرورة الاعتراف المتبادل الصادق أيضاً بالحقوق السياسة والاجتماعية والقومية لمختلف أبناء الشعب العراقي والاستفادة من التجارب التاريخية للشعوب الأخرى, وعبر التاريخ كان المستعمر يجد دائما له موطئ قدم عند بعض النفوس الضعيفة من الشعوب المقهورة، وهؤلاء كانت دائما شعوبهم تلفظهم وتتبرىء منهم. فالشوفونيين عربا وكرداً لا يمثلون شعوبهم ولا يخدمون مصالحهم, فالمصلحة الوطنية العليا للشعبين الشقيقين العربي والكردي تقتضي التآخي والتلاحم والوحدة والحذر كل الحذر من الدعايات الأمريكية والصهيونية، وأن يكرروا معاً ما جاء في الأغنية العراقية بعد ثورة 14 تموز (عاشت الإخوة الكردية العربية رمز النضال)..

معلومات إضافية

العدد رقم:
282