«رايس» في المنطقة.. مهام جديدة للأنظمة.. وللشرطي الصهيوني

تندرج الجولة الأخيرة لوزيرة الخارجية الأمريكية (كونداليزا رايس) في المنطقة في إطار إنعاش واستنهاض المخطط العدواني الإمبريالي الأمريكي – الصهيوني بعد تلقيه ضربة قاسية إبان حرب الثلاثة والثلاثين يوماً في لبنان، كادت أن تطيح به وتقتله في مهده لولا بعض الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة..

فالإدارة الأمريكية التي تدرك تماماً أن مشاريعها التفتيتية في عموم المنطقة محكومة بالوقت الضيق والطرق شبه المسدودة، قد أصبحت تعي تماماً أنه ما من مجال مطلقاً للمراهنات غير المحسوبة بدقة، خصوصاً وقد أمسى (شرق أوسطها الجديد) على (شفا جرف هار) بعد الصمود المذهل الذي أظهرته المقاومة في لبنان، وتعثره المهلك في العراق وأفغانستان، واستعصائه في السودان.. لذلك فإن هذه الزيارة تسعى لإحكام القبضة على قضيتين رئيسيتين:
القضية الأولى هي: ضبط و(محاصرة) ما أمكن، جميع التداعيات (السلبية) التي نتجت عن أحداث (تموز – آب) في لبنان وانعكاساتها على بقية بقاع المنطقة..
والقضية الثانية هي: ترميم ورتق ما جرى إفساده في المخطط الاستراتيجي الأمريكي، وإعادة رسم اللوحة المستقبلية للمنطقة انطلاقاً من الأحداث – الدروس- الجديدة..
والحقيقة أن كلا العمليتين، ضبط التداعيات والترميم، تنطلقان من المواقع ذاتها، وتصبان في الاتجاه ذاته، وكذلك أدوات التنفيذ لن تتجاوز ما كانت عليه طوال الفترة الأولى من المخطط، أي: الأنظمة العربية من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى..
في المعادلة الأمريكية الجديدة التي لا تختلف كثيراً من حيث الجوهر رغم إضافة بعض التفاصيل، ستحاول رايس على مستوى الأنظمة العربية العميلة المرتبطة مباشرة بالمشروع الأمريكي، تفعيل ومباركة أدواتها التنفيذية (العربية)، وهي المجموعة التي يطلق عليها اليوم اسم (مجموعة: 6 + 2 ) أي أنظمة دول الخليج العربي بالإضافة للنظامين المصري والأردني، بعد تلقين كل نظام- أداة، دوره ووظيفته المرحلية بدقة، وسيكون على هذه الأنظمة التي ترتعد خوفاً من أن تطالها رياح التغيير، أن تقوم بالمهام التالية:

- الاستمرار في دعم حكومة السنيورة في لبنان والضغط باتجاه إقالة الرئيس اللبناني إميل لحود، ومحاصرة حزب الله والقوى الممانعة والداعمة لنهج المقاومة والاستقلال..
- إحكام الحصار السياسي والدبلوماسي والاقتصادي على سورية، والسعي عبر عراب من هذه الدول (تحديداً قطر) لخلق خط مساومة يدفع بسورية للتنازل عن مواقفها الرافضة للهيمنة ومساندتها للمقاومة في كل من لبنان وفلسطين والعراق.
- إطباق الحصار الشديد والمحكم على حكومة حماس لإجبارها على الاعتراف بـ«إسرائيل» والتخلي عن خيار المقاومة، والعمل على تأزيم أوضاع حكومتها مالياً وسياسياً،  حتى ولو كان ذلك عبر خنق الشعب الفلسطيني معاشياً واجتماعياً- اقتصادياً، أو حتى الدفع به للاقتتال الداخلي، وهذا ما بدأت نذره تحدث على أرض الواقع.
- الاستمرار في خلق كل أشكال التوتر في العلاقة مع إيران، وقذف التهم إليها، والعمل على خلق مناخ إقليمي رافض لمشروعها النووي، تستفيد منه الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن..
- قمع وإجهاض أي تحرك في الشارع العربي مناهض للمشاريع الأمريكية والصهيونية سواء أكان عفوياً أو منظماً، والتضييق على القوى الشريفة والثورية الموجودة أو التي قد تنشأ..
- التسويق الإعلامي للمخطط الأمريكي، والقيام عبر وسائل الإعلام بهجمات دعائية مركزة ومتواصلة ضد جميع القوى والدول التي تعارضه سياسياً أو عسكرياً، والتمهيد للخطوات اللاحقة.

أما بالنسبة للكيان الصهيوني فبالإضافة للدور الاستراتيجي المركزي الذي يشغله في التخطيط والإعداد، وما يمكن أن يظفر به في المحصلة العامة بعد تفتيت المنطقة وإغرافها في الفوضى الخلاقة، فإن دوره التنفيذي الذي عاد ليقوم به بعد عقدين من (الالتزام بالتهدئة) و(ضبط النفس)، سيتطور في المرحلة الحالية بعد دخوله كلاعب منفذ في العدوان الأخير على لبنان، وربما سيصبح أكثر فاعلية على المستوى العسكري بعد (البروفة اللبنانية)، وإن كان استمرار خنقه للشعب الفلسطيني ومحاصرة لبنان والتلويح بالعدوان ضد سورية هو جل ما يمكن أن يقوم في المرحلة الحالية، وهذا لا يعني أن إمكانية مشاركته الحاسمة في أي عدوان ضد إيران أو غيرها من الدول ليس قائماً..

معلومات إضافية

العدد رقم:
283