الولايات المتحدة و «عاصفة الصحراء ـ 2» مخرج أم مأزق؟!

تستعد الإدارة الأمريكية على مختلف الأصعدة لتنفيذ عدوانها على الشعب العراقي ومن أجل ذلك اتخذ البيت الأبيض الإجراءات التالية:

 زيادة كمية النفط الاحتياطي من 580 مليون برميل إلى 700 مليون برميل.

 بدأ المجمع الصناعي الحربي بزيادة إنتاج السلاح والذخيرة وغيرها.

 تهيئة القواعد الأمريكية العسكرية في الخارج، وبخاصة في منطقة الخليج.

 نقل القوات الأمريكية البشرية إلى هذه القواعد.

 استخدام القواعد الأمريكية الموجودة في الكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان والأردن والسعودية وتركيا لهذه الغاية.

ولاشك أن بريطانيا ستشارك في العدوان، وبالتعاون والتنسيق مع بعض القوى السياسية المعارضة لنظام الحكم لإسقاطه.

والشيء الجديد في «عاصفة الصحراء ـ 2» هو أن غالبية دول الاتحاد الأوروبي واليابان ليست مع السيناريو الأمريكي، إذ أعلنت هذه الدول موقفها بشكل علني ورسمي، وخاصة فرنسا وألمانيا، وهذا يعكس معارضة هذه الدول للسياسة الأمريكية بشكل موارب، ليس حباً بصدام حسين، بل لأنها تدرك الأبعاد والمخاطر الرئيسية لهذا السيناريو، إذ أنه سيؤدي إلى هيمنة واشنطن على أكثر من 75% من النفط العالمي، وبالتالي ستستخدم هذه السيطرة للتسلط على رقاب هذه الدول كما أنها ستتحكم بالسياسة الإنتاجية والسعرية للنفط على الصعيد العالمي وفقاً لمصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية.

أما الموقف الروسي من المخطط العدواني الأمريكي فيشوبه الضبابية والتذبذب نظراً للطبيعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنظام الحاكم، فمعارضة هذا النهج يعني للرئيس بوتين إثارة المتاعب له ولبلاده سياسياً واقتصادياً وعسكرياً من قبل أمريكا وحلفائها من قوى اليمين المتطرف في روسيا، وإزاء هذه المعادلة السياسية المعقدة «أقدم النظام الحاكم في بغداد على عقد صفقة مغرية جداً مع روسيا بقيمة 40 مليار دولار لإغراء الأوليغارشية الروسية بهذه الصفقة الدسمة وزجهم في » معركة« مع أمريكا».

أما الموقف الرسمي لغالبية الحكام العرب من السيناريو الأمريكي المعارض  لـ «عاصفة الصحراء ـ 2» فيعود لسببين:

1. امتصاص نقمة الشارع العربي والخوف من كل الاحتمالات الممكنة وغير الممكنة لأن الحكام العرب يدركون مدى حقد الشعوب العربية على الولايات المتحدة، إضافة إلى موقفهم السلبي من عملية الإبادة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي للشعب الفلسطيني المدعوم أمريكياً بقوة.

2. يخشى غالبية الحكام العرب أن يتكرر هذا السيناريو ويطبق عليهم تحت ذرائع مختلفة فما فعلته أمريكا «الديمقراطية» ضد سلوبودان ميلوسوفيتش اليوغسلافي، وتمزيق الدولة اليوغسلافية، وما تنوي فعله ضد صدام. فإن «البل» سيصلهم لا محالة والهجوم الأمريكي الأخير على السعودية مؤشر على ذلك.

احتمالات تقويض الحكم

منذ آذار 2002 اتخذ الرئيس بوش قراره لإسقاط نظام صدام حسين وتجري الاستعدادات من أجل ذلك وتشير الدلائل إلى وجود ثلاثة احتمالات:

 الاحتمال الأول: ويتكون من عمليتين متزامنتين ومترابطتين ومكملتين إحداهما للأخرى، الأولى: هي القيام بانقلاب عسكري بالاعتماد على كبار ضباط الجيش العراقي بمشاركة قوات خاصة من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وقوات خاصة من البحرية الأمريكية للقضاء على راس النظام وفريقه. والثانية: قيام قوى مسلحة في شمال العراق بانتفاضة ضد صدام بهدف استفزازه فيواجهها النظام بالقوة والعنف، وفي خلال ذلك تطلب القيادة  المساعدة والنجدة من الولايات المتحدة  وبريطانيا للتدخل، وستستغل واشنطن ذلك لتقويض النظام في بغداد، وتشير المعلومات إلى أن تنفيذ هذا الاحتمال سوف يكون ما بين شهري أيلول وتشرين الثاني عام 2002.

 الاحتمال الثاني: ويقوم على استخدام قوات عسكرية أمريكية خاصة على غرار ما حدث في أفغانستان، حيث ستشارك في هذا العدوان أكثر من 300 طائرة مقاتلة و11 قاذفة من نوع (B -52) و (14) بارجة حربية وحاملات الطائرات، وسيتم قصف المدن العراقية وخاصة بغداد جواً وبحراً وبراً، وبعد هذا التمهيد ستتوجه القوات العسكرية الأجنبية مع حلفاءها في الداخل نحو العاصمة بغداد من ثلاثة محاور.

 الاحتمال الثالث: في حالة فشل الاحتمالين السابقين سيكون الاحتمال الثالث هو البدء بهجوم أمريكي واسع النطاق على العراق بمختلف أنواع الأسلحة والصواريخ وستكون الولايات المتحدة وحدها في هذه العملية أو بالتعاون مع بعض حلفائها وخاصة بريطانيا، وأن هذه الاحتمال سيتم تنفيذه في خلال الفترة ما بين عام 2002 وربيع عام 2003 ويمكن حدوثه في خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني من العام الجاري.

إن هذه الاحتمالات مفتوحة وجاهزة وقابلة للتنفيذ، غير أن الرئيس بوش لم يتخذ حتى الآن القرار النهائي حول أي الاحتمالات الثلاثة سيقع عليها التنفيذ.

أهداف عاصفة الصحراء ـ 2

ثمة ثلاثة أهداف لسيناريو عاصفة الصحراء ـ 2:

1. هدف اقتصادي: هو تأمين هيمنة  الإمبريالية الأمريكية هيمنة تامة ومباشرة على نفط الشعب العراقي الذي يعتبر ثاني احتياطي نفطي في العالم لتصريف جزء من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعاني منها النظام الرأسمالي الأمريكي. إذ أصبحت الحرب غير  العادلة «ضرورة وحتمية ومشروعة» للاحتكارات النفطية الأمريكية وللوبي اليهودي الأمريكي وللمجمع الصناعي الحربي الأمريكي.

2.  هدف سياسي: القضاء على نظام الحكم في العراق، وتنصيب رئيس وحكومة عراقية موالية موالاة كاملة للولايات المتحدة، ولسوف تعمل واشنطن وحلفاؤها على إعطاء النظام السياسي واجهة «ديمقراطية شكلية» وسوف تؤسس لها حزبين يتداولان السلطة.

3.  هدف عسكري: توجيه ضربة سريعة ومكثفة لشل كامل القوات العراقية وتدميرها، ومحو البنية التحتية للاقتصاد العراقي.

4.  الانتقال إلى مرحلة تالية وهي العدوان على إيران وسورية ولبنان والقضاء على هذه البلدان  وتأمين السيطرة الأمريكية الكاملة لتحقيق الأهداف الإمبريالية والصهيونية وحل القضية الفلسطينية كما تريدان.

إن الهدف الرئيسي من تنفيذ هذا السيناريو باحتمالاته الثلاثة هو إنقاذ الرأسمالية الأمريكية من أزمتها القاتلة، ولايستبعد فيما بعد من أن تمارس الاحتكارات الأمريكية ضغوطاتها المختلفة على كثير من دول العالم تحت ذرائع واهية كـ «الإرهاب و التطرف» و«غياب حقوق الإنسان والديمقراطية» لأنها تتحكم بأهم مصدر للطاقة وهو النفط والغاز، وأن مثل هذا النهج سيدخل العالم في مرحلة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري.

إن الحرب غير العادلة هي إحدى  أهم «الوسائل» الفاعلة في تصريف أزمة النظام الرأسمالي العالمي. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن يستمر هذا السيناريو طويلاً؟

 

إن مسؤولية كبرى تقع على جبهة الشعوب وجميع قوى التقدم والحرية والديمقراطية في العالم لمواجهة هذا النهج العدواني الخطر وإفشاله وإن كل الإمكانيات متوافرة إذا أمكن توحيدها وتوجيهها ضد العدو المشترك: الإمبريالية العالمية وخصوصاً الإمبريالية الأمريكية. لقد أصبح الوضع: إما القضاء على الإمبريالية الرأسمالية أو القضاء على الشعوب، وقد أثبت التاريخ أن الشعوب ستبقى وأن الظالمين والمعتدين سيذهبون إلى غير رجعة كما حدث للنازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية في القرن الماضي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
182