ملفات حقيبة الرئيس... حكومة وأوهام!

حرص الرئيس محمود عباس وطاقمه الاستشاري داخل جدران المقاطعة في رام الله المحتلة، على أن تكون زيارته المقررة يوم الخميس 28 أيار لواشنطن ذات نتائج ايجابية! فبالإضافة لتجهيز ملفات القضايا المثارة،

فقد عمل على تشكيل الحكومة الجديدة التي رأت النور بعد مخاض عسير. وإذا كانت صفة «حكومة تسيير الأعمال» قد رافقت التشكيلة السابقة لتلك الحكومة، فإن عبارة «الحكومة المؤقتة» ستبقى اللازمة الضرورية التي ترافق هذه التركيبة الوزارية. ولهذا تبقى الحقيقة الموضوعية التي تؤكد أن هذه الحكومة ليست الصيغة الأقرب لـ«الوحدة الوطنية»، كما يدعي بعض المشاركين فيها. فقد عاد  للوزارة الجديدة، عدد من الأسماء التي دار حولها الكثير من التساؤلات، بسبب مواقفها الإشكالية، الخارجة عن أولويات الصراع مع العدو الصهيوني، كما عبرت عنها توجهات وتصريحات رياض المالكي في السياسة الخارجية والمنابر الإعلامية(!) والتي لاتختلف عن البرنامج السياسي لحكومة تسيير الأعمال، إلاً بدرجة فجاجتها واستفزازيتها المباشرة.

إن تشكيل الحكومة الجديدة قد أعاد تسليط الضوء مجدداً على السؤال المحير: هل هناك حقيقة حوار وطني جاد وهادف؟ وصيغة السؤال الاستفهامي، تنطلق من الحالة المحيطة بكلتا «الحكومتين». فماتحدث به رئيس السلطة في رام الله المحتلة أمام أكثر من لقاء وتجمع، كان آخره المؤتمر الخامس لاتحاد المرأة الفلسطينية قبل أيام قليلة، يعكس بدقة حقيقة الموقف من جلسات الحوار بالقاهرة. كما أن الإعلان عن تشكيلة الوزارة في هذه المرحلة التي ترافقت مع جلسة الحوار الخامسة بالقاهرة، تدفع للاستنتاج بأن تفاوت التصريحات مابين التفاؤل الحذر كما جاء في كلام «نبيل شعث» والتشاؤم المبطن كما عبر عنه «عزت الرشق» يشير إلى حقيقة تباعد موقف الطرفين (فتح وحماس). ولهذا جاء تشكيل الحكومة ليعكس درجة الخلاف بين أكثر من طرف داخل الساحة الفلسطينية. بعض الفصائل الفلسطينية، المؤسسة لمنظمة التحرير الفلسطينية، رأت في الإعلان عن الحكومة الجديدة «خطوة للوراء، وعاملاً سلبياً سيعيق تطوير الحوار، بل وسيزيد من تعميق الانقسام» وهذا ماأعلنته الجبهة الشعبية، بالإضافة للفصائل التي تعاني من انشقاقات داخلية، واصطفافات مع طرفي الخلاف. ناهيك عن مواقف الرفض المعروفة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي. كما أن كتلة فتح البرلمانية اعترضت على التشكيلة، وطالبت بمقاطعتها إنطلاقاً من «تهميش دور الحركة»- وليس على البرنامج والتوقيت. فبرنامج عمل الحكومة هو برنامج الرئيس، والحكومة هي حكومة الرئيس كما أكد رئيسها سلام فياض. كما أن العديد من منظمات العمل الشعبي «النقابات» سارعت للإعلان عن مقاطعة الحكومة التي وصفتها «بالمولود المشوه ولا اتفاق عليه لا جماهيرياً ولا فصائلياً». إن سرعة الإعلان عن الحكومة، فرضته حاجة رئيس السلطة لملء الفراغ الحاصل نتيجة فشل الحوار في الوصول إلى توافق على الملفات المطروحة، خاصة، الوزارة وبرنامجها. ولأن الحكومة السابقة كانت قد قدمت استقالتها قبل بضعة أسابيع، مما يتطلب من الرئيس، الذي سيزور واشنطن ويلتقي أوباما من أن يكون مستنداً على «سلطة المؤسسات» حتى لانقول «دولة المؤسسات»! لأن «الدولة» التي يتحدث عنها الرئيس الأمريكي، لاتعدو أن تكون سجناً بعدة زنازين.
لكن الرهان على إحراز أية اختراقات تحققها زيارة الوفد الفلسطيني لواشنطن، على صعيد قطف ثمار «التغيير» الخاصة بتوجهات السياسة الأمريكية فيما يخص قضية الصراع العربي/الصهيوني، ستصطدم بجدار الرؤيا الأمريكية لطبيعة أسس هذا الصراع، وطريقة التعامل مع أطرافه. وفي قراءة سريعة لما جاء  في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده أوباما مع رئيس حكومة العدو نتنياهو، في الثامن عشر من الشهر الجاري، تتوضح وظيفة ودور هذا الكيان في مشروع الهيمنة الأمريكية على العالم. فقد أشاد الرئيس الأمريكي بكيان العدو، لكونه (الحليف الراسخ والنموذج الديمقراطي الوحيد) في منطقة الشرق الأوسط، الذي يشكل مصدر (الإعجاب والإلهام للشعب الأمريكي). كما جدد تعهده بالعمل على ضمان أن يكون أمن هذا الكيان جزءاً من الأمن القومي الأمريكي، والعمل على سلامة وأمن الكيان كـ(دولة يهودية مستقلة).
والواضح أن هذه التصورات ستكون الأساس الذي ستنطلق منه رؤيته التي سيتضمنها خطابه «الموعود» في أثناء زيارته للقاهرة في الأسبوع الأول من شهر حزيران. هذه الرؤية التي نشرت بنودها الرئيسية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية قبل أسبوعين تقريباً، والتي تنص على (إعلان دولة فلسطينية خلال أربع سنوات، عاصمتها في شرق القدس، تكون مجردة من السلاح، وتدويل البلدة القديمة في القدس، وإسقاط حق اللاجئين في العودة إلا لهذه الدولة، ومكافأة من لا يريد  العودة بالتجنيس حيث هم، وإعطاء السيادة على الحرم القدسي الشريف لمنظمة المؤتمر الإسلامي مقابل اعترافها بدولة الاحتلال والتطبيع معها، وإجراء مبادلات واسعة في الأراضي لضم المستعمرات الكبرى، وبخاصة في القدس ومحيطها إلى كيان العدو).
في ظل نتائج زيارة مجرم الحرب نتنياهو لواشنطن، وعلى ضوء الاستعداد للمناورات العسكرية الأكبر التي ستحمل عنوان «نقطة التحول3» داخل كيان العدو، والتي ستنطلق يوم الأحد 31 الجاري، وتستمر لأسبوع تقريباً، والتي كشف عن مضمونها المجرم «ملتان فلنائي» مساعد رئيس هيئة أركان جيش العدو (نعمل على وضع السكان في ثقافة الطوارىء، لأن كافة أرجاء الدولة تقع في مدى صواريخ العدو)، والذي يأتي مترافقا مع قرع طبول الحرب عن اقتراب ساعة الصفر لشن العدوان الصهيوني على إيران كما نقلت صحيفة «هآرتس» الصهيونية مؤخراً. أمام هذا الوضع المأزوم، تأتي ملفات الزيارة، كاستحقاق سياسي وليس بروتوكولياً، للبيت الأبيض.

معلومات إضافية

العدد رقم:
406