أسرى الجولان وانتهاكات حقوق الانسان

أصبح التعذيب في سجون المعتقلات الإسرائيلية أمراً قانونياً ومشروعاً منذ أن أقرته المحكمة العليا ففي الجولان السوري المحتل يستمر الكيان الصهيوني بممارسة سياساته القمعية التعسفية التي ربطت كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية بقرارات ومواقف المسؤولين العسكريين الصهاينة التي لا تعير أدنى اهتمام لحقوق المواطنين الجولانيين.

وأبرز ما تعانيه المرأة الجولانية هو الاعتقالات المتكررة لمعظم أفراد أسرتها فمنذ الاحتلال الصهيوني وخلال سبعة وثلاثين عاماً دخل المعتقلات الإسرائيلية أكثر من ثلاثة آلاف مواطن سوري وهذه الاعتقالات طالت حتى النساء والأطفال، وقد تتعرض المرأة في الجولان أثناء زيارتها لذويها في المعتقلات لإجراءات جائرة وضغوطات قاسية من قبل جنود الاحتلال وقد وضع مؤخراً حاجز زجاجي يمنع الزوار من الحديث مع المعتقلين. والاكتفاء بالنظر عن بعد مما يزيد من القهر النفسي للزائر والمعتقل معاً كما ان المواطنين السوريين في الجولان المحتل جميعاً يقاسون من مأساة انفصال عائلاتهم عن بعضها إذ يبقى قسم داخل الوطن الأم وقسم آخر داخل الجزء المحتل وكذلك فإن قوات الاحتلال تمنع زيارات الأهل فيما بينهم وخاصة زيارات أولئك الموجودين تحت سيطرة الاحتلال حيث ترفض القوات الإسرائيلية منحهم موافقات للقاء أبنائهم وذويهم في الوطن الأم.

وسبق أن قام وفد نسائي بتقديم طلب لوزارة داخلية الاحتلال لزيارة الأهل في الوطن الأم إلا أن الطلب قوبل بالرفض كالعادة وكثيرات رفضت طلباتهن رغم تضحيتهن بأبنائهن دون أن يتاح لهن أن يلقين عليهم نظرة الوداع الأخيرة، ولذلك فإن أبناء الجولان المحتل يضطرون لاستخدام المكبرات في شرق قرية مجدل شمس المحتلة للحديث مع ذويهم وأخبارهم من خلف الأسلاك الشائكة التي فرضها الاحتلال للفصل بين الأهل وبات يطلق على هذه المنطقة تل الدموع لما يكابده الأهل من ألم وحسرة وضغوطات نفسية بسبب عدم تمكنهم من الاقتراب لتحية أبنائهم.

ولقد توفيت عدة سيدات على هذا الشريط نتيجة المرارة والألم، ورغم هذا الوضع المأساوي الذي يفرضه وجود الاحتلال فإن المرأة في الجولان المحتل تتحلى بالصبر والقوة والإيمان بالتحرير واندحار المحتل وبخاصة أن أبناء الجولان الذين وقفوا صفاً واحداً لمواجهة محاولات المحتل الصهيوني فرض قوانينه وفرض الهوية الإسرائيلية مازالوا متمسكين بموقفهم الصامد وبهويتهم السورية وبشعارهم الذي أطلقوه في تلك الفترة وأثناء انتفاضتهم ضد العدو وهذا الشعار «المنية ولا الهوية الإسرائيلية».

ورغم التكتم الشديد الذي تبديه إسرائيل حول قضية التعذيب، فقد أصبح العالم يعرف كيف يعامل السجناء العرب على أيدي جلادين حاقدين من الصهاينة والمدربين على فنون التعذيب والإرهاب ولقد أوردت صحيفة نوفيل أوبزرفاتور على لسان جنرال صهيوني قوله حول صحة ما ينشر من أخبار التعذيب في سجون الاحتلال الصهيوني: «إن لدينا أساليب حديثة في هذا المجال، وأنه لمن الغباء التظاهر كما يفعل البعض ـ بأننا لا نحتاج إلى اللجوء للتعذيب بدعوى ان العرب جبناء وانهم سرعان ما يبوحون بكل ما لديهم من معلومات، إذ أن الحقيقة غير ذلك، إن العرب الذين نعتقلهم ليسوا على استعداد للكلام ولذا فإني أرفض حضور مندوب الصليب الأحمر الدولي عند استجوابهم».

و تتحدث المحامية فليتسيا لا نجر عن التعذيب وهي التي قابلت المئات من مواطنيها ممن تعرضوا للتعذيب فتقول: «يهدد المتهم بالضرب وإذا لم يجد التهديد نفعاً، يباشر به فيعرى المتهم تماماً ويتعاقب عليه أشخاص عديدون يتناوبون على ضربه مع مراعاة أن يكون الضرب على رأسه في مكان معين وعلى العينين وعلى الأعضاء الجنسية ويسكب الماء البارد عند كل إغماءة.

 

وبعد ذلك يستكمل التحقيق بالمياه الشديدة البرودة، تعقبها الشديدة الحرارة أو أن تطفأ السجائر في يدي المعتقل وجسده أو أن يضعوا على جسده مواد حارقة أو يعرض لتيارات كهربائية وهذا كله إلى جانب سحق أصابع القدمين واليدين ونزع الأظافر ونتف الشعر ثم التهديد بمضاجعة زوجته أو أخته أو أمه وأن يعلق من يديه بطرق مختلفة من علو مرتفع أو يكبل بيديه وقدميه لمدة طويلة. ويتطلب اليوم من روابط الحقوقيين واتحاد المحامين العرب أن يقفوا وقفة حق وعدل وإنصاف في كافة مواقعهم لتأكيد مباديء القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإرادة الشرعية الدولية وما انبثق عنها من مواثيق واتفاقيات دولية وعلى رأسها اتفاقية مناهضة التعذيب من ممارسات السلطات الإسرائيلية وقرارات المحكمة العليا التابعة لها وعليهم أن يتخذوا موقفاً حازماً مؤكداً حرية وكرامة الإنسان العربي وحقوقه في السجون والمعتقلات الإسرائيلية وإخضاع جلاديه لمحاكمة دولية عادلة تتحقق من خلالها المسؤولية الجزائية الدولية لأن التعذيب بالمحصلة هو جريمة دولية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
228