هندوراس مرة أخرى.. دولة أكذوبة تحتكرها 15عائلة

تحت هذا العنوان نقل موقع انتربرس سيرفيس عن مقالة لإغناثيو رامونيت مدير تحرير «لوموند ديبلوماتيك» تأكيده أن المحافظين في العالم هللوا للانقلاب في هندوراس في 28 حزيران، وتبنوا زعم مدبريه بأن الرئيس مانويل ثيلايا «انتهك الدستور برغبته تنظيم استفتاء على استمراره في الحكم». لكنها، والقول للكاتب أيضاً، أكذوبة فاحشة: ثيلايا لم ينتهك أية مادة دستورية، ولم يعقد أي استفتاء، ولم يطلب الاستمرار بعد انتهاء ولايته في 27 كانون الثاني 2010، بل ولا يمكنه، بأية حال من الأحوال، ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة ولا توجد في دستور هندوراس مادة واحدة تحظر على الرئيس استشارة الشعب.

ويوضح الكاتب أن كل ما اقترحه الرئيس ثيلايا هو تنظيم مشورة شعبية على ما يلي: هل توافق، أو ترفض، على إضافة بند رابع في ورقة التصويت في الانتخابات العامة في 29نوفمبر 2009، لسؤالك إذا كنت توافق، أو ترفض، على عقد جمعية دستورية لوضع دستور جديد للجمهورية؟» (تتضمن ورقة التصويت ثلاثة بنود انتخابية: الرئاسة، البرلمان، السلطات المحلية).
وبافتراض أن وافق المواطنون بالأغلبية على أن تتضمن ورقة التصويت سؤالاً عن موافقتهم من عدمها على عقد مثل هذه الجمعية الدستورية، فلم يكن هذا سيحدث حتى 29 نوفمبر، موعد انتخابات الرئاسة.

لماذا دبروا الانقلاب إذاً؟
ويجيب الكاتب على هذا السؤال بالقول: لأن هندوراس لا تزال «ملكاً خاصاً» لحفنة من 15 عائلة كبيرة تتحكم في  كافة الأمور في البلاد: السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، السلطة القضائية، الموارد الاقتصادية الرئيسية، سلطات الكنيسة الكاثوليكية، وسائل الإعلام، والقوات المسلحة.
والمعروف أن غالبية الحكومات التي توالت على هندوراس كانت فاسدة وملتصقة بقطاعات الأعمال الأجنبية، إلى حد أن أطلق عليها الساخر الأمريكي، أو. هنري، اسم «جمهورية الموز».
ويستشهد رامونيت بما حدث في عام 1929دليلاً على مدى سهولة رشوة نائب برلماني هندوري ما، حين قال سامويل ثامورراي (الذي عرف باسم «سام الموزي») رئيس شركة «كوياميل فروت» المنافسة لشركة «يونايتد فروت»، إن «نائب برلماني هندوري يكلف أقل من بغلة».
كذلك الأمر بالنسبة لما حدث في نهاية الثمانينات، عندما قبل الرئيس خوسيه أثكونا ديل هويو، بإخضاع هندوراس لإستراتيجية الولايات المتحدة، معترفا بأن «بلداً صغيراً كهندوراس ليس بمقدوره أن يتحمل بذخ الكرامة»!!
كما حدث في تلك الآونة أيضاً، حسبما يضيف الصحفي الإسباني، أن اقترح فريق من رجال الأعمال أن تتحول هندوراس إلى ولاية تابعة للولايات المتحدة، مثل بورتو ريكو.
هذا وتعتمد هندوراس اعتماداً اقتصادياً يكاد يكون كاملاً على جارتها الشمالية القوية، حيث ترسل 70 في المائة من صادراتها (الموز، البن، السكر) إلى الولايات المتحدة، فيما يحول المهاجرون الهندوريون نحو 3 مليارات دولار لذويهم في البلاد.
ومنذ ثلاثين عاماً، وبعد الثورة الساندينية في نيكاراغوا، قررت واشنطن تحويل هندوراس إلى قاعدة جوية لعملياتها العسكرية ضد الجماعات الثورية في غواتيمالا والسلفادور، وكذلك لدعم الجماعات المعادية للثورة الساندينية، التي عرفت باسم «عصابات الكونترا».
حينذاك، قررت الولايات المتحدة ضمن تدابيرها الأولى، إقامة «ديمقراطية قابلة للتحكم» في تيغوثيغالبا، عاصمة هندوراس. وفي عام 1981، نظمت «انتخابات حرة» فيها لأول مرة.
وبعد سنة، تم اختيار روبيرتو سوافو كوردوبا رئيساً لها، فحولها إلى «مملكة الرعب»، و«فرق الموت»، و«عمليات إخفاء الأشخاص»، والقضاء على الناشطين اليساريين.
كما وضع دستور 1982 الذي ما زال سارياً حتى يومنا هذا. فأشرفت كبرى القوى الاقتصادية في هندوراس على وضع هذا الدستور، بوازع من مشيئتها في المحافظة على أبدية واحد من أكثر نظم توزيع الدخل ظلماً على وجه الأرض.
والآن يعيش 60 في المائة من أهالي هندوراس تحت خط الفقر، وثلثهم في حالة فقر مدقع، فيما تبلغ نسبة البطالة حوالي 30 في المائة. وهذا هو الواقع الذي تطلع الرئيس ثيلايا إلى تغييره، على الرغم من انحداره من واحدة من كبرى العائلات مالكة الأراضي في هندوراس، وكونه عضواً في الحزب الليبرالي، حيث رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المائة، وأوقف خصخصة المؤسسات والشركات التابعة للدولة (الكهرباء، الموانئ، الرعاية الصحية)، وسعى إلى ضمان المزيد من مشاركة المواطنين في وضع سياسات البلاد.
وتم كل ذلك قبل التحاق هندوراس بمبادرتي «بترو كاريبي» في عام 2007، و«إلبا» (البديل البوليفاري لشعوب أمريكا» في عام 2008. فشعرت «الأوليغاركية» أي الطبقة المهيمنة على البلاد، بالقلق والحرج الشديدين من سياسات الرئيس ثيلايا الذي وصفته بـ«خائن طبقته».
ويخلص الكاتب إلى أن المسار التقدمي للرئيس ثيلايا فاق قدرة «أصحاب» هندوراس على التحمل، فتآمروا مع اثنين من «صقور» الولايات المتحدة، جون بونتينيغرو وأوتو رايخ، على انقلاب 28 يونيو الذي نفذته القوات المسلحة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
416