اليمن على دريئة الاستهداف!

حزام التوتر العالمي يتأجج ناراً في معظم نقاطه، ويهدد بانفجار ربما يكون حتمياً بانتظار توفر الظرف الإقليمي المناسب، ولعل هذا هو جزء صغير من تفسير ما يجري في اليمن؛ «حرب صعدة» التي مالبث الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أن أعلن انتهاءها في تموز من 2008 إلاّ وتجددت اشتباكات هنا وهناك أسفرت عن ضحايا في صفوف الجانبين: الحكومة اليمنية ومجموعة «الحوثيين» (نسبةً لزعيمهم عبد الملك الحوثي).

مضى على بدء المعارك المتتالية في محافظة صعدة اليمنية أربع سنوات، وخلّفت حتى الآن آلاف القتلى والجرحى دون أن يطفو على السطح أي دليل على سبب اندلاعها الحقيقي، اللهم سوى ثلاثية إهمال المركز الحكومي في صنعاء لتردي الأوضاع الاقتصادية المعيشية لليمنيين في الأطراف القائمة على التسلح والتمترس العشائري والقبلي، وارتباط هذا المركز بما تسميه واشنطن «الحرب على الإرهاب» واستعداده ضمن منطقها لاستعداء أي يمني يقول «لا» لأمريكا أو المصالح الغربية في بلاده، وإلا اتهم بأنه من «القاعدة» أو منفذي تدمير المدمرة الأمريكية «كول» أو المسؤولين عن استهداف السفارات الأجنبية واختطاف الأجانب مقابل الفدية، وثالثة الأثافي إدخال اليمن في دائرة التحضير لبؤرة نفوذ أمريكية جديدة بذريعة مكافحة القرصنة في منطقة باب المندب، ويزيد ذلك ارتضاء أقسام من اليمنيين أن يكونوا ضحايا «لموضة» التفتيت الطائفي والقبلي الدارجة في المنطقة العربية والإسلامية تحت ستار التمرد على المركز وتلبية «الطموحات» العشائرية أو الدينية.
وكان رهان صالح الأخير لإنهاء الحرب معلقاً بالكامل على الوساطة القطرية في حزيران 2008، ولكن هذه الوساطة ما لبثت أن ارتبكت هي الأخرى بعد شهور قليلة، وها هي الأحداث اليوم تتجدد في صعدة.
وفي جلبة الأحداث الدائرة شمال غرب اليمن تظهر بوادر أزمة لن تنتهي قريباً، وإذا كانت الأمور تقاس بنتائجها فإن الأفق صريح في ما ينذر به؛ رقعة الحرب ستكون أوسع خلال الشهور القادمة وقد تمتد لتشمل بلداناً أخرى، إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن الحكومة اليمنية تربط بين «الحوثيين» وبين إيران مركزةً في مباحثاتها مع الولايات المتحدة على مبدأ: لنا عدو مشترك. وكل ذلك في المحصلة إنما يخدم أولاً وأخيراً المصالح الأمريكية في المنطقة عموماً، وفي اليمن الكبير المرابط على مدخل البحر الأحمر خصوصاً، ويضعه على دائرة الاستهداف الأمريكية الصهيونية، وفي هذا ما يضمن لأمريكا تأجيج نار الحروب حول العالم حين تجد نفسها محكومةً بساعة الصفر المؤذنة بانتهاء عهد إمبراطوريتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
416