أحداث أيلول لم تُغيِّب بوصلة حركتهم الدولية مناهضو العولمة يتحدَّون الإرهاب الرأسمالي في قلب نيويورك

يبدو أن محاولات التباكي المقترن مع تبرير القمع الأمريكي في قلب نيويورك المنكوبة لم تُجدِ كثيراً أمراء الشمال الغني الذين أرادوا الهروب من منتجعات سويسرا الخلابة إلى جوار أنقاض مركز التجارة العالمي لعقد اجتماعات منتدى دافوس الاقتصادي ظناً منهم أن ذلك كفيل بأن يجنبهم سماع أصوات الاحتجاج الشعبي من أنصار القوى والفعاليات المندرجة ضمن إطار الحملة الدولية المناهضة للعولمة والسياسات الرأسمالية والتي أخذت حركتها بالتصاعد والتنامي منذ سياتل 1999 وفي كل مدينة لاحقة جاعلة قادة دول الشمال الغني ومؤسساته يفكرون كما سبق للرئيس الكوبي فيدل كاسترو أن علق متهكماً بأن يعقدوا اجتماعاتهم في محطة الفضاء الدولية يوماً ما…

وقد صُوِّر للقائمين على المنتدى السنوي أن نقل مكان انعقاده من دافوس، التي انقلبت على مدى دورتين سابقتين إلى مصدر إعاقة أمامهم بفعل التظاهرات الاحتجاجية العارمة، والتي لم تنجح كل وسائل الشرطة في قمعها، في قلب أكثر البلدان تشدقاً بالديمقراطية، صُوِّر إليهم أن إقامة المنتدى في نيويورك التي كانت مسرحاً لأحداث أيلول التي يراد منها رسم تاريخ جديد للعالم يكرس النهب والاحتكار قد يردع المتظاهرين تحسباً، طبقاً لما توهمه هؤلاء القائمون، لتهمة الإرهاب الدارجة منذ ذاك التاريخ كون الاجتماع ينعقد في ذات المدينة التي كانت ضحية له بشكل أو بآخر بغض النظر عن المسؤول الحقيقي عنه…
 ولكن يبدو أن السحر انقلب على الساحر من جديد، حيث خرج آلاف المتظاهرين إلى شوارع المدينة احتجاجاً يطالبون الدول الغنية بإنهاء أنانيتها ومساعدة الدول الفقيرة وينددون بالرأسمالية والإمبريالية وسياساتها العسكرية والحربية، ووقعت مواجهات عنيفة لم تغب عنها موجة اعتقالات واسعة تكذّب من جديد زيف ادعاءات الديمقراطية الأمريكية والغربية…

 وبعد مؤتمر الدوحة الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي انتهى بخلافات عميقة بين ممثلي الشمال والجنوب يبدو أن موجة تظاهرات نيويورك وما رافقها من فعاليات المنتدى الاجتماعي الموازي لدافوس والمناهض للعولمة في بورتو الليغري البرازيلية أجبرت مدير منظمة التجارة العالمية مايك مور على الاعتراف بأن جولة جديدة من مفاوضات ما يسمى بالتحرير الكلي للتجارة العالمية لن تنجح ما لم تفتح الدول الغنية أسواقها أمام المنتجات الزراعية الواردة من الدول النامية وهي القضية التي كانت إحدى أبرز نقاط الخلاف في مؤتمر الدوحة، في حين اضطر هوبير فيدرين وزير الخارجية الفرنسي في معرض تعليقه على الحدث من نيويورك إلى التأكيد أن الائتلاف ضد ما أسماه الإرهاب ينبغي أن يُستكمل بآخر ضد الفقر والصراعات الإقليمية…  

معلومات إضافية

العدد رقم:
168