كاسترو: أصدقاء الولايات المتحدة يخافونها.. لكنهم لا يحترمونها!

 في أوائل تشرين الثاني 2001 ألقي فيديل كاسترو كلمة موسعة عبر قناة التلفزيون الكوبي وفيما يلي مقطعاً هاماً من تلك الكلمة:
«أنا لا أوافق الرأي أن هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو النفط في حربها في أفغانستان، إنني أربط هذا بأهدافها الجيوستراتيجية، لا أحد يرتكب أخطاءً كهذه للبحث عن النفط، خاصة عندما يجري الحديث عن قوة عالمية لديها مداخل إلى كل نفط العالم، حتى إلى النفط والغاز الروسيين، يكفيها أن توظف، أن تشتري، وأن تدفع…
حتى أنها من واقع امتيازاتها تستطيع الحصول على النفط بطبع سندات خزنية مؤجلة ثلاثين عاماً. إنها هكذا تشتري بضائع وخدمات منذ ثمانين عاماً وقد كلفها ذلك حتى الآن /5.6/ تريليون دولار.

 ـ إن العملية العسكرية في أفغانستان مليئة بالمخاطر، إنها منطقة صدامات استثنائية انجرت إلى حروب فيها في الماضي بلدان كبيران (الهند وباكستان) وبينهما تناقضات قومية ودينية عميقة وسكان الأرض المتنازع عليها (كشمير) أكثريتها مسلمة، وإذا اشتدت العواطف لا يمكن لأحد أن يثق أنه لن تنشأ حرب، فلدى البلدين سلاح نووي والمخاطرة هنا كبيرة لأنه يمكن لهذه الحرب أن تهز الحكومة الباكستانية التي أضحت في وضع استثنائي صعب جداً.

وهناك يتواجد جماعة طالبان المنتمين إلى شعب (البوشتون) الكثير العدد، ويقال إنهم لا يقلون عن عشرة ملايين نسمة وأنا أذكر هنا أقل التقديرات وهو بشكل عام متعصب دينياً.
ـ إن العسكريين الأمريكيين يدرسون عادة بعمق المسائل المطروحة عليهم وقد تعرفت على بعضهم عندما زار كمتقاعدين كوبا لأغراض علمية. وهم يكتبون كتباً ويتحدثون عن التاريخ ويقومون بدراسات سياسية ولم أدهش عندما قرأت في 29 تشرين الأول في مجلة «نيو وركر» خبراً مفاده أن هناك خطة طارئة للاستيلاء على السلاح الذري الباكستاني إن وصل إلى السلطة هناك مجموعات متطرفة.
وليس من المتوقع أن لا يقدر الاستراتيجيون الأمريكيون هذا الخطر الحقيقي.
إن كل قنبلة تسقط على أفغانستان وكل صورة للأطفال القتلى والمحتضرين والمتألمين من الجراح الفظيعة تزيد هذا الخطر وما لا يمكن أن أتصوره هو رد فعل المسؤولين عن حماية هذا السلاح النووي من عملية كهذه، ولاسيما أنها أصبحت غير سرية.
وأنا لا أعرف ما يجب أن تعرفه المخابرات الأمريكية جيداً ...أين مخابئ السلاح النووي، وكيف يحمى؟ وكيف يدافع عنه؟ أحاول أن أتصور وهذا ليس سهلاً كيف ستجري عملية كهذه باشتراك قوات خاصة فيها، يمكن أن يتحدث عن ذلك أحد ما في وقت ما.
والأصعب هو تصور اللوحة السياسية بعد عملية كهذه، لأن المعركة عند ذاك ستفتح ضد مئة مليون مسلم. لقد نفت الحكومة الأمريكية خبر وجود خطة كهذه، وهذا ما كان متوقعاً إذ لم يكن لديها مخرج آخر. لذلك ينتصب أمامي بشكل طبيعي سؤال:
هل من المعقول أن رؤساء الحكومات والدول الصديقة للولايات المتحدة الذين يملكون خبرة سياسية وعملية كبيرة لا يرون هذه الأخطار؟!
ولماذا لم يحذروها منها؟ ولماذا لم يقنعوها بأن لا تفعل ذلك؟
من المثبت أن أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية يخافونها لكنهم لا يحترمونها.
ليس من البساطة بناء افتراضات في مسائل كهذه ولكن في مسألة واحدة أنا مطلق الثقة:
يكفي أن يلجأ عشرون أو ثلاثون ألف شخص إلى الوسائل غير التقليدية للحرب حتى تستمر الحرب عشرين عاماً. إن تحقيق الانتصار على العدو الأفغاني بحرب غير نظامية، غير ممكن بمساعدة القنابل والصواريخ بغض النظر عن حجمها وقوتها ومداها. إذ أن هؤلاء قد تجاوزوا أهم حاجز نفسي فهم قد خسروا كل شيء، العائلة والسكن والأملاك وهم لن يخسروا شيئاً بعد ذلك، وإذا فكرنا بشكل منطقي فإنهم لن يلقوا السلاح حتى لو هلك قادتهم الأساسيون.
ـ إن استخدام السلاح النووي التكتيكي والذي يوصي به البعض سيزيد عدة مئات من المرات حجم الخطأ الاستراتيجي، وبالتالي الانتقادات وعزلة الولايات المتحدة، لذلك لا أصدق أبداً أن هذا التكتيك موضوع بشكل جدي بحسبان قادة هذا البلد حتى في لحظات توترهم القصوى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
166