القضية الفلسطينية.. والنفاق الأمريكي

لقد تبين بوضوح لا لبس فيه أن التصريحات الأمريكية التي أدلى بها الرئيس بوش ووزير خارجيته كولن باول عن ضرورة إقامة دولة فلسطينية، هي تصريحات «منافقة وانتهازية» كما وصفها الصحفي البريطاني «باتريك سيل» وكانت غايتها حشد العرب وراء الولايات المتحدة في التحالف الدولي الذي تقوده ضد ما يسمى بـ «الإرهاب» وفي عدوانها الوحشي على أفغانستان، أما اليوم وقد قضي على حكم طالبان ومنظمة القاعدة، عادت واشنطن إلى موقفها السابق المؤيد لإسرائيل تأييداً كاملاً، وتبرير سياسة شارون المجرمة في عدوانه على الشعب الفلسطيني ومؤسساته الرسمية.

 مضمون التصور الأمريكي
وكان باول قد خصص جانباً كبيراً من تصوره عن الشرق الأوسط، والواجب المترتب القيام به من خطوات، لكي يتسنى لـ «مسيرة السلام» المضي قدماً نحو الحل النهائي، وإن لهجته كشفت حقيقة هذا التصور الأمريكي ومضمونه لما يسمى بـ «الدولة الفلسطينية».
إن الأساس الذي يقوم عليه التصور الأمريكي هو الربط بين الإرهاب و«عملية السلام» مع الفلسطينيين والذي جاء مقلوباً تماماً، إذ يؤكد باول بأن مصدر الإرهاب في المنطقة هم الفلسطينيون لا إسرائيل، ومن أجل «السلام» المزعوم يجب القضاء على الانتفاضة الفلسطينية.

رمي الكرة إلى الملعب العربي
وقد وصف محللون محايدون المناخات التي تسود الأجواء الدولية والشرق أوسطية وقالوا: إن الأمريكيين يحاولون رمي الكرة إلى الملعب العربي الفلسطيني تحديداً، وفي حال قبول الرؤية الأمريكية بعجرها وبجرها يتوجب أولاً وقف العنف الذي يفهم منه في الخطابين الأمريكي والإسرائيلي هو وقف الانتفاضة، وسيكون هدية ثمينة لشارون على حساب الحقوق الفلسطينية، ويمكن أن يطال أهدافاً أخرى، كسورية وحزب الله، الأمر الذي سيجعل المعركة الدولية ضد الإرهاب غطاء للإجهاز على الحقوق العربية وسبيلاً للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية المطلقة على المنطقة.

ضوء أمريكي أخضر
ومن هنا نعلم أن شارون عندما عاد من واشنطن كان يحمل معه ضوءاً أمريكياً أخضر ليواصل حربه ضد الشعب الفلسطيني بدعم علني أمريكي لم يسبق.
كما أن شارون يعلم أن منظمات المقاومة الفلسطينية تعتبر من أهم أهداف الحملة الأمريكية على ما يسمى بـ «الإرهاب» ولن يفوت أي فرصة لتصفية هذه المقاومة، وحتى تصفية عرفات نفسه، إذا وجد أن واشنطن صارت على قناعة بأن عرفات لم يعدمهما في «العملية السلمية» بالمفهوم الأمريكي، مع العلم أن الولايات المتحدة أخر ما تفكر به هو حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً، بل إن ما تفكر به هو كيف بإمكانها السيطرة على المنطقة، وإرهاب العرب وتصفية القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيوني.
إن الولايات المتحدة واهمة إن ظنت أنها تستطيع إخماد الانتفاضة الفلسطينية والقضاء على آمال الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه، ,وإذا ظنت فإنها تكون قد ركبت رأسها ,وأعمت عينيها، وليسأل بوش صديقه شيراك الذي زار المغرب العربي ورأى بعينيه الغليان السائد في أوساط الشعب المغربي نتيجة سياسة شارون العدوانية والتأييد الأمريكي غير المحدود لإسرائيل، وإن الشعوب العربية جميعها ليست أقل غضباً وغلياناً من الشعب المغربي الشقيق على هذين العدوين اللدودين للعرب والإنسانية جمعاء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
165