الأمريكيون يسرقون البترول العراقي

يتصف العلماء الشيعة بأنهم متحدثون بارعون لكن آية الله أحمد البغدادي يزيد على ذلك بأنه يتحدث بصراحة حيث أعلن أن الأمريكيين احتلوا العراق كجزء من مشروع صهيوني ولن يغادروه لأنهم ينوون سرقة البترول العراقي.

ويتذكر البغدادي - وهو عالم شيعي له ثقله الكبير وله تأثير واسع حيث تجذب محاضراته الدينية طلابا من أنحاء العراق - فيقول إن الحكومة الجديدة التي عينتها أمريكا مشتركة مع الأمريكيين. وعندما طلبت منه أن يتحدث عن الموقف الحالي للشيعة في العراق هاجم سؤالي قائلا إن الإعلام الدولي مشترك في مشروع يهدف إلى إحداث هوة بين السنة والشيعة في العراق. وعندها سألته ماذا سيحدث لو غادر الأمريكيون العراق في الأسبوع القادم؟ وعندها زمجر وقال: «مستحيل!». لن يتراجع الأمريكيون من العراق لأن لديهم مصالح استراتيجية في المنطقة من أفغانستان إلى المغرب. وقال لي: «كيف تسأل مثل هذا السؤال؟».

يبدو السيد البغدادي أكبر من عمره الحقيقي 59 عاما لكنه يملك طاقة كطاقة النمر حيث قفز من على أرضية المكتبة ليتناول مجلداً في أعلى أدراج المكتبة، والذي كان عبارة عن نسخة من سير ذاتية، وأثناء ذلك كان يتحدث بصوت جهوري تتردد أصداؤه في أنحاء المكتبة لدرجة أن صوت المكيف لم يجار صوته. وعندما جلب ذلك المجلد أشار بأصبعه إلى اسم الجاسوسة البريطانية «الآنسة بل» المسكينة «جيرترود بل» التي ظنت أنها فهمت العراق لكنها لم تكن تعرف عنه إلا القليل عندما توفيت بعد الحرب العالمية الأولى. وأظنها لم تكن تتوقع أن يدرج اسمها في قائمة البغدادي للسذج.

لن تقع حرب أهلية

ويتابع البغدادي حديثه عن الأمريكيين والإعلام فيقول: «هناك تضليل إعلامي مستمد من الصهيونية الأمريكية، فهم يقولون إن هناك فقط مقاومة سنية (في المثلث السني) حيث يقوم السنة بمحاربة الاحتلال. لكن في الحقيقة هناك عمليات في كربلاء وفي الحلة والديوانية (وكلها مدن شيعية)، قبل انتفاضة (جيش المهدي)، وهذه الحقيقة تكشف قناع كذب الوكالات الإعلامية، فالمقاومة المسلحة التي قادها «جيش المهدي» كانت رمزا للروابط العاطفية لإخوانهم من المناطق السنية، والآن تقول الـ«سي آي ايه» والـ«إم آي 6» وغيرهما من الاستخبارات الأجنبية إن حربا أهلية ستقع لو تراجع الجيش الأمريكي وخرج من العراق». ويتابع البغدادي فيقول: «هذه مسرحية كتبوا سيناريوهاتها، فلن تقع حرب أهلية لأن الشعب العراقي مرتبط بأصوله العربية وبدينه، ولذلك اخترعت الخدمات الاستخباراتية شخصية الزرقاوي عندما لم ينجح تهديد «الحرب الأهلية» ثم أعقب ذلك تفجير «مسجد» أو «حسينية» أو قتل قائد شيعي. ثم قام الإعلام المحلي (الإعلام المتواطئ مع الاحتلال) وما شابهه مثل حزب الدعوة والمؤتمر الوطني التابع لأحمد جلبي بتعزيز فكرة الحرب الأهلية لو انسحب الأمريكيون». 

تسليم السلطة للمتعاونين

وماذا عن الحكومة العراقية المؤقتة: يقول البغدادي: «قام الأمريكيون بتسليم السلطة للمتعاونين معهم، سلموها لـ«علاوي والياور» لكن هاتين الشخصيتين ليس لهما تاريخ وطني، لكن الشيعة من وجهة نظر البغدادي «سيتبعون الخطوط التي رسمها لهم الأئمة ونسقوا مع السنة». ويضيف قائلا: «حتى لو كان الحاكم سنيا - وحتى لو كان ديكتاتوريا أو ظالما فإننا سنتبعه ونطيعه ولكنا لن نطيع الوثنيين، فقد قاتل أئمتنا مع الأمويين ومع العباسيين ومع العثمانيين». ثم يعود البغدادي ليستشهد بالجاسوسة البريطانية فيقول: «كتبت مس بل لوالدها ولوزارتها بأن الشيعة لن يقاتلوا الجنود البريطانيين لأن الأتراك المتعصبين قد قتلوا الكثير منهم لكن الشيعة قاتلوا البريطانيين في البصرة عام 1914م ولاحقا في عام 1920م وقاتل الشيعة والسنة معا في صف واحد وهذا ما أذهل البريطانيين حينها، واليوم هناك علاقات استراتيجية بين السنة والشيعة وسيستثمرون في مقاومة الاحتلال».

قواعد عسكرية أمريكية في العراق

وقد اكتشفت لاحقا أن والد البغدادي وجده اشتركا في المقاومة البصراوية ضد البريطانيين عام 1914م. أما سيد البغدادي فقد عاش في المنفى في دمشق لمدة عشر سنوات أثناء حكم صدام ولذلك فإنه لا يأسف على ذلك النظام، لكن ليس لديه أدنى شك في النوايا الأمريكية حيث يقول: «إن السفارة الأمريكية الجديدة هي الأكبر من نوعها في العالم، وإن هناك العديد من عملاء الـ«سي آي ايه» يعملون فيها، وقد قام الأمريكيون بإنشاء قواعد عسكرية لهم في طرفي العراق وكذلك في أعالي الجبال في الشمال حيث يتمكنون من التنصت على الشرق الأوسط كله». ثم يقول: «أمريكا ليست منظمة خيرية كي تتبرع لإنقاذ الشعب العراقي من الديكتاتورية، فصدام نفسه كان عميلا أمريكيا». وطبقا لما يؤمن به البغدادي فإن أمريكا عندما هاجمت العراق للبدء في مخططها الجديد «مشروع الشرق الأوسط» كان العراق مثل «الشاة المنهكة» قد أضناه الحصار غير المشروع والحروب. وقد «أتى الأمريكيون لسرقة البترول ولذلك كان هناك صراع بين الأمريكيين والأوروبيين وقد توصلوا الآن إلى اتفاق بتكوين «قوة متعددة الجنسيات» ومع أنهم غيروا الاسم إلا أن الاحتلال لا يزال واقعا ملموسا». 

■ روبرت فيسك

 

*كاتب بريطاني – الإندبندنت

معلومات إضافية

العدد رقم:
226