الحركة الاحتجاجية التونسية ترى غريمها بوضوح!

الحركة الاحتجاجية التونسية ترى غريمها بوضوح!

صادق مجلس النواب التونسي، يوم السبت 19/ تشرين الثاني الحالي، على مشروع ميزانيته لسنة 2017، والمقدرة بـ29.4 مليار دينار، مقابل 32.9 مليار دينار للعام 2016، بانخفاض قدره 10.5%، بعد أن قارب هذا العام على الانتهاء بعجز موازنة بلغ 4.5%..

 

واحدة من المشاكل الكبرى في تونس هي مشكلة البطالة، إلى جانب انخفاض نسب النمو لتقارب نسبة 1% في عام 2015، وحتى الربعين الأول والثاني من العام 2016، فيما وصلت نسب البطالة إلى أرقام كارثية، بمقدار 15.4% من مجموع القوى العاملة، بحسب المعهد الوطني للإحصاء.

الأوضاع نحو الأسوأ

عبّرت «حكومة الوحدة الوطنية» التي يترأسها حزب «نداء تونس»، علانية على لسان رئيسها يوسف الشاهد في خطابه أمام مجلس نواب الشعب في آب الماضي، عن إمكانية تبني سياسة التقشف الشاملة في حال استمرار الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وأنه لن يكون هناك من خيار آخر أمام حكومته إذا استمر تراجع أداء الاقتصاد سوى تقليص النفقات، وتسريح بعض الموظفين، وفرض ضرائب جديدة.

وهو ما يبدو نهجاً عاماً للحكومة، بالنظر إلى استمرار الأزمة الاقتصادية، إذ أن قيمة الدينار قد انخفضت بنسبة 25%، وتضاعف حجم الدين الخارجي ليصل إلى 65 مليار دينار، أي بنسبة 62% من الناتج القومي.

ويبدو إعلان النوايا للحكومة الجديدة، تتمة لسياسات ليبرالية تبنتها الحكومات السابقة، وآخرها حكومة حزب «حركة النهضة»، والقول بأنها طريق إلزامي يعطي مؤشراً على مستوى هيمنة القوى الليبرالية على الأوضاع الاقتصادية- الاجتماعية في تونس، رغم المعارضة الشديدة من قبل الجبهة الشعبية، إلى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل «النقابة المركزية للعمال»، لكن تقاليد العمل السياسي في تونس تدفع هذه القوى حتى الآن إلى تبني خيار التفاوض قبل النزول إلى الشارع الذي بات موضوعياً أقرب من أي وقت مضى.

في هذا السياق، أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل، بياناً يرفض فيه بشكل قاطع قرار الحكومة إلغاء زيادة الأجور (في الموازنة)، معتبراً ذلك ضرباً لعملية الحوار الاجتماعي. ودعا الاتحاد الذي هدد في وقت سابق بالدخول في إضراب عام بسبب قضية الأجور، العمال والهياكل النقابية كافة إلى «مواصلة التعبئة، والاستعداد لمسار نضالي للدفاع الشرعي عن حقوقهم وعن منظمتهم».

وضمن الضغوط ذاتها أعلن، بلقاسم العياري، الأمين العام المساعد للاتحاد، أن المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص ستستأنف خلال الأسبوع المقبل، منبهاً إلى أنه «في حال عدم استئناف هذه المفاوضات، فإن النقابيين سيعودون إلى النضالات في شكل إضرابات جهوية في كامل تراب الجمهورية».

من جانبه، قال أمين حزب «الجبهة الشعبية»، حمة همامي، أنه «من الضروري اليوم الاستعداد للنضال ضد ميزانية التجويع والتفقير وانتهاك السيادة الوطنية»، مضيفاً: «هذه الميزانية تكرس تجميد الزيادة في الأجور ووقف التوظيف وزيادة الأسعار..».

الشارع ناضج موضوعياً للتحرك

بالتزامن مع الأجواء التي سادت خلال بحث مجلس نواب الشعب في مشروع الموازنة المقدمة، استمرت الإضرابات في الشارع، حيث أعلن المحامون في 23 /تشرين الثاني الحالي، عن دخولهم في إضراب مفتوح دعا إليه مجلس الهيئة التونسية للمحامين، مع تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مجلس نواب الشعب، وسبقه إضراب للصيادلة بعد رفع أسعار الدواء، في الوقت الذي تظاهر فيه العشرات من أنصار حزب «الجبهة الشعبية»، أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، احتجاجاً على سياسة التقشف، واعتراضاً على الموازنة العامة لعام 2017، بعد يوم من إقرارها.

ومن المرجح أن تتصاعد الحركة الاحتجاجية في ظل استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، مع الأخذ بعين الاعتبار محدودية قدرة حركتي «النهضة» و«نداء تونس» على الاستمرار في المناورة، والتي كان آخرها إعلان تشكيل حكومة الوحدة في آب الماضي على أن تعمل هذه الحكومة على إيجاد حلول للأزمة.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
786