فرنسا: «ساقية» التغيير الأوروبي في «بحر» أوراسيا

فرنسا: «ساقية» التغيير الأوروبي في «بحر» أوراسيا

ازدادت فرص رئيس الحكومة الفرنسي السابق، المحافظ فرنسوا فيون، في الفوز بترشيح اليمين الفرنسي، لخوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع إجراؤها في عام 2017، بعدما اقترب من الفوز بالجولة الثانية للانتخابات التمهيدية.

 

انتصر فيون، البالغ من العمر 62 عاماً، على الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، الذي شغل فيون منصب رئيس الوزراء تحت قيادته بين عامي 2007 و2012. لكن، ما الذي يعنيه تقدّم فيون على منافسه في ضوء المتغيرات التي يشهدها العالم؟

«مفاجآت» العالم الجديد..

في إطار المواجهة الاستراتيجية الجارية اليوم على الصعيد الدولي، يتبنى رئيس الحكومة السابق، والمرشح الحالي، فرنسوا فيون، آراءً أكثر تقارباً مع روسيا، إذ رأى في تصريحات سابقة أن الغرب قد «ارتكب أخطاءً» في التعامل مع موسكو، وأنه يعتقد أن على فرنسا أن تُنحي خلافاتها مع روسيا وحلفائها جانباً، من أجل القضاء على تنظيم «داعش».

ينادي فيون بدعم العلاقات الفرنسية الروسية، والفرنسية الإيرانية، ويتعهد، في حال انتخابه رئيساً، بالتقارب مع ما يسميه خط «بوتين- ترامب»، ويُبدي، في الوقت ذاته، انتقادات لاذعة للحلفاء الأوروبيين، ولمنطق الاتحاد الأوروبي عموماً، وهذا ما سمح لبعض الخبراء للوصول إلى استنتاجٍ مفاده، أن تقدم فيون في وقتٍ كهذا هو دليلٌ على وصول الأزمة في داخل «البيت الأوروبي» إلى طريقٍ مسدود.

من المؤكد أن «مفاجأة انتخاب فيون» لخوض الانتخابات الرئاسية في فرنسا، لا تصل إلى حجم «مفاجأة انتخاب ترامب» في الولايات المتحدة، إلا أنها تأتي في الاتجاه ذاته. فالمرشح الفرنسي لم يكن من خارج الإدارة السياسية الحاكمة كما كان الأمر مع ترامب، إلا أنه لا يقل عن الأخير «جرأة» في نقد سلوكيات النخب الحاكمة «الفضائحية»، بحسب تعبيره.

تباينات في إطار الوقائع

خلافاً للكلام حول أن موقف ترامب من روسيا هو وليد ابتعاده عن الحكم وتعقيداته، ينظر الناخبون الفرنسيون إلى فرنسوا فيون، كسياسي مخضرم، دخل البرلمان الفرنسي كأصغر نائب في عام 1981، ليخوض بعدها الحياة السياسية، ممثلاً في التشكيلات الحكومية في عهدي فرنسوا ميتران، وجاك شيراك، ورئيساً للحكومة طيلة أعوام 2007- 2012، حين ترك نيكولا ساركوزي قصر الإليزيه.

اليوم، بات فيون قاب قوسين من خوض الانتخابات الرئاسية في الربيع المقبل عن أحزاب «اليمين والوسط»، نظراً لأن الدورة الثانية من الانتخابات التمهيدية ضد آلان جوبيه قد أصبحت شبه محسومة، وربما يكون الأكثر ترجيحاً للوصول إلى رئاسة الجمهورية في مواجهة مرشحة أقصى اليمين مارين لوبان.

ويهدف فرنسوا فيون، حسب ما يقول، إلى ما يصفه بـ«القطيعة الحقيقية» مع سياسات الحكم في عهدي ساركوزي وهولاند، ويمثّل، بحسب الصحافة المقربة من الحزب «الاشتراكي»، ظاهرة «الترامبية» وفق صحيفة «ليبراسيون»، لكنه بحسب الصحافة «اليمينية» يمثّل أملاً بالعودة إلى «الثلاثين سنة المجيدة» بين عامي 1960- 1990.

وفي هذا الإطار، انتقد فيون مبكراً سياسات نيكولا ساركوزي تجاه ليبيا، وتبنّى منذ عام 2012 الدعوة إلى حل سياسي بالتعاون مع روسيا في حل الأزمة السورية. وتصف الصحافة الفرنسية والعالمية والروسية فيون بالصديق الحميم لروسيا، كما يشيرون إلى أن هذه الصداقة ساهمت إلى حد بعيد في تبنّيه رؤية مختلفة عن «محرمات» النخبة الحاكمة في أوروبا، موضحين أن هاجسه الفرنسي والأوروبي يدفعه إلى التحالف مع موسكو من وجهة نظر مصلحة الأمن القومي والأمن الداخلي. ويتعهد فيون في حال فوزه برفع العقوبات عن روسيا، والتحالف مع موسكو في مواجهة الجماعات الإرهابية في المنطقة، موضحاً أن روسيا «حليف لا غنى عنه في هذه الحرب». 

ومن المؤكد أن موسكو، الساعية إلى تعزيز التوجه نحو نظام دولي متعدد الأقطاب، ورفع العقوبات الاقتصادية الغربية بحقها، مهتمة بفوز فرنسوا فيون دون أدنى تدخل منها، إذ قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، يوم الثلاثاء الماضي: إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتمتع بعلاقات طيبة مع مرشح تيار «يمين الوسط» لانتخابات الرئاسة الفرنسية، فرانسوا فيون.

الجدير ذكره، أن حملة الانتخابات الفرنسية قد عكست هذا العام تغير موازين القوى الدولية بشكلٍ جلي، ففيما يدعم المرشحان فرنسوا فيون، وماري لوبان، علاقات قوية مع روسيا (رغم التباينات في الطروحات السياسية لكل منهما)، يرفع المرشح المحسوب على التيار المعاكس، آلان جوبيه، شعاراً لحملته الانتخابية: «الأطلسية، ولكن بشروط»..!

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
786