الحاخام «دوف ليئور» يشارك في القمة! من رفح إلى القمة العربية..« نحن بخير طمأنونا عنكم»!

فكرة: رفح وجنين

المكان: راديو الشباب من فلسطين

المغزى: «فتاوى» و موت على الهواء!

لم أنم ليلة البارحة، بل لم أنم إلى هذه اللحظة حيث كنت ومازلت أستمع إلى هؤلاء الذين يتصلون براديو الشباب في غزة، يوجهون النداءات ويستصرخون سيارات الإسعاف والدفاع المدني لتصل إليهم وهم المحصورون تحت الركام...

طفل يقول: «بيتنا عمو جنب بيت نافذ عزام... عمو الجرافة بدها تموتنا»... يبكي ويناشد المذيع أن يفعل شيئا.. يسود الصمت وتنتهي المكالمة.. يحاول المذيع أن ينادي على الطفل ولا أحد يستجيب..

عجيب هذا الموت الفلسطيني الذي يُنقل على الهواء... نعم موت على الهواء...

 سيارة إسعاف تحت الرمال.. سائقها يختنق.. يتصل برقم الإذاعة الذي صار معروفا لكل فلسطين... كان في الطريق لينقذ من بحاجة للإنقاذ وفجأة يصبح المنقذ بحاجة لمن يُنقذه.. نداءات وصرخات وأنين... وأغانٍ حماسية عن الحرية والثورة... عن العرب والمسلمين... صرخات امرأة فلسطينية، تعدد أسماء تسعة من الشهداء وتضيف: نحن لسنا خائفين على بيتنا.. لكنا نريد إنقاذ أطفالنا... إنهم يُطلقون النار على من يحاول الخروج من تحت أو بين الركام... «مضافة» أحد وجهاء العشائر تدعو المواطنين للتوجه إليها... مدارس تُفتح للمنكوبين... وإذاعات وتلفزة عربية طروبة بشخلعة هذه وذاك وما بينهما من سوسو وكوكو ودودو وحوتو... ولله في خلقه شؤون!

«حاخامات اسرائيل»

حاخام مستعمرة كريات أربع (ورئيس حاخامات مستعمرات الضفة وغزة) «دوف ليئور» يقول لصحيفة «يديعوت أحرونوت» لا حاجة للرحمة إلا مع المدنيين اليهود...فحكم توراة «إسرائيل هي الرحمة على جنودنا ومواطنينا» واصفًا ذلك بأنه يمثل الأخلاق الحقيقية لتوراة إسرائيل! ليئور هذا ليس شخصية وحيدة، أو استثنائية في التفكير ألتلمودي والتوراتي لدولة الإرهاب المنظم, بل هو يعبر عن الخط العام للتوجه والتفكير الذي لديه نوابا في الكنيست من أمثال حاييم در وكمان ويعقوب أرئيل وزلمان ملاميد وتسافينا دروري وغيرهم من الذين لا يترددون مثل زعاماتنا السياسية والدينية من طرح المواقف علنية... والأهمية هنا هي للدم اليهودي, دون أدنى اعتبار لدماء «الكفرة» من العرب وغير العرب...

إذا من يستخدم سياسة سفك الدماء في رفح وعلى امتداد الأرض الفلسطينية وإن كانوا جنود يتلقون الأوامر من موفاز، لكن الصحيح أيضا أن «فتاوى» القتل وعدم الاكتراث بما يقوله العالم عن قتل الأطفال الفلسطينيين يعتمد أساسا على فكرة الدموية التوراتية والتلمودية التي يستنير بها السياسي وبالتالي العسكرية الصهيونية في تعاملها مع قيمة الآخر... ولا يضيرهم بعد إزهاق أرواح الفلسطينيين أن يقدموا لليهود كذبة بأن من قام بمجزرة رفح هي قنابل الفلسطينيين أنفسهم!! هذا ما قدمه تماما موقع «اروتز شيفا» للأنباء الصهيونية حيث انهالت ردود فعل اليهود من هولندا حتى الولايات المتحدة تبارك المجزرة وتدعو «إلى قتل الكلاب العرب» وعدم الرأفة حتى بأطفالهم، حتى أن بعضهم اتهم الجيش الصهيوني بالغباء لأنه لا يقوم بالمهمة على أكمل وجه، وسحقهم بناءً على فتاوى الحاخامات... ولو كان الذي يدعو في مواقع إسلامية وعربية إلى قتل الآخر بتلك الصورة لرأينا العجب العجاب من قادة العرب وهم يعتذرون ويلاحقون الناس في غرف نومهم إرضاءً لرغبة «التسامح»!

استقالة جماعية!

استيقظت صباح هذا اليوم, قبل يوم واحد من القمة، وقد أصابتني نوبة من «الشقيقة» وبما أنني صاحب خبرة مع هذا البلاء الذي أصابني فقد وجدتني أحصر تفكيري لمعرفة ما حصل لي وأنا مُستلقٍ على الفراش... وبعد جهد اكتشفت السبب.. فقد داهمني في نومي كابوس مزعج اسمه «مسؤول عربي طلب عدم الكشف عن اسمه»!، وبما أني لست بصدد مناقشة هذه الجملة التي تتكرر في وسائل إعلامنا ناهيك عن وسائل الآخرين، ربما من خوف المسؤول من المسؤول الآخر أو المواطن المغلوب على أمره، الذي وقف محاطا بجمع كبير من الإعلاميين والصحفيين «دون الكشف عن أسمائهم» ليعلن انفضاض كذبة القمة العربية وعن استقالة جماعية لأصحاب السيادة بعد أن اكتشفوا أن أفكار الحاخام كانت بوصلتهم في قراءة قراراتهم وبأن الجماهير باتت تحاصر قصورهم!

■ ناصر السهلي

 

- كاتب من فلسطين