«التقرير الغائب» قبل أحداث سجن (أبو غريب) وبعدها: ما الذي يقف وراء الجنون الأمريكي في العراق؟

■ وقائع رهيبة جري التكتم عليها.. وظلت مقصورة على أفراد قلائل داخل البيت الأبيض والبنتاجون..

■ الجنود الأمريكيون يقطّعون أعضاء الأسرى وهم أحياء.. ويتلذذون بهذه المشاهد..

■ قطع اطراف الاطفال، وضربهم على الرأس بواسطة آلات حادة، وحرقهم بالنار في اجزاء من أجسادهم...

قبل أحداث سجن أبو غريب وبعدها معلومات وصور عن التعذيب في العراق، والأسباب التي أدت إلى ذلك، لكن هذا ليس كل شيء. فمن بين المعلومات هناك معلومات أخرى  غاية في الخطورة لاتزال طي الكتمان والسرية. نعرض هنا ملخص المعلومات التي جاءت في محضر تحقيق سري جرى مع اثنين من أهم القيادات الأمريكية المعنية بجرائم التعذيب والاغتصاب في العراق جرى التكتم علي وقائعه:

القصة من البداية:

أشارت المعلومات إلى أن 46 ضابطا أمريكيا منهم 23 ضابطا يحملون رتبا عسكرية رفيعة من قيادات الجيش الميداني أرسلوا مذكرات ورسائل إلى البنتاجون ولجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، يهددون بالتمرد على تعليمات القيادة وعدم اطاعة الأوامر العسكرية وأشاروا أنهم على استعداد للمثول أمام المحاكم العسكرية لمحاكمتهم إذا لم يتم نقلهم إلى خارج العراق في خلال شهر من تاريخه. 

مما أدى إلى ترحيل ما يقرب من 250 ضابطا أمريكيا وأكثر من 150 جنديا أمريكيا، وتجري محاكمتهم في سرية تامة داخل الولايات المتحدة، لتنقطع كافة وسائل الاتصال بينهم وبين ذويهم منذ قرار الترحيل الذي جري خلال شهري شباط وآذار الماضيين.

التقرير مرة أخرى:

يضم التقرير 250 صفحة يتعرض فيها لوقائع جرى التكتم عليها وظلت مقصورة علي أفراد قلائل داخل البيت الأبيض والبنتاجون.

يقول التقرير: 'إن التقديرات التي قدمت للإدارة الأمريكية حول استعداد العراقيين للتعاون مع الجيش الأمريكي لإسقاط صدام حسين كانت خاطئة، وأنه حتى بعد زوال النظام 'السابق' لم يغير العراقيون كثيرا من مواقفهم، بل ظلوا ينظرون للقوات الأمريكية على أنها قوات محتلة جاءت لتخريب العراق والاستيلاء على ثرواته'.

وأشار إلى أن المقاومة في العراق انطلقت منذ الأيام الأولى لسقوط بغداد في التاسع من نيسان 2003 وأن أشكال المقاومة تعددت من عمليات 'الإرهاب' إلى المقاومة السلمية وعمليات التحريض إلا أن الأخطر هو هذه الحركة السرية التي انطلقت علي يد مجموعة من الشباب اطلقت علي نفسها 'جماعة الله' هدفها اقناع الضباط والجنود الأمريكيين بدخول الإسلام والزواج من المسلمات العراقيات.

خطف الجنرال

وكان اختطاف الجنرال هو الذي فجر الأحداث، وهو ليس إلاّ نائب الجنرال 'أبي زيد' قائد المنطقة الوسطى، والذي يجري التكتم علي اسمه حإلىا، ويرمز له بالحروف 'A - H' وأشارت المعلومات إلى أن هذه القيادة الأمريكية كانت رأس قوة أمريكية في مأمورية عمل ليلية في إحدي ضواحي مدينة بغداد، وأنها كانت مسؤولة عن تأمين القوات الأمريكية في العاصمة العراقية، وهو مسؤول التخطيط الاستراتيجي الأول للعمليات الأمريكية ضد المقاومة العراقية وأن جميع العمليات الأمريكية في العراق كان لابد أن تحمل موافقته.

قرر A_H  أن يقود احدى العمليات بنفسه على رأس قوة أمريكية عالية المستوى قوامها 150 ضابطا وجنديا وتمت بالقرب من شارع المنصور في بغداد وترتب عليها سقوط عدد كبير من القتلى العراقيين. وبعد انتهاء العملية ونجاحها من وجهة النظر الأمريكية استطاعت المقاومة العراقية أن تجمع عناصرها وأعدت كميناً للقوة الأمريكية المنسحبة، ترتب على هذا سقوط 106 قتلى من الجنود الأمريكيين، ومع استمرار الاشتباكات سقط حوإلى 25 شخصا آخرين من أصل 44 كانوا يتولون حماية A-H، فاضطر إلى الاستسلام، قبل أن تصل التعزيزات التي طلبها بالرغم من أن العملية استمرت حوإلى 35 دقيقة، وبالتالى أسر الجنرال ومن بقي معه من جنود يصلون إلى 19 ضابطا وجنديا.

استخدم الأمريكيون أبشع أنواع التعذيب. ليعثر بعد أسبوع من العملية على جثث ثلاثة جنود أمريكيين كانوا من بين الذين اختطفوا مع الجنرال الأمريكي لتتجلى مشكلة حقيقية في إدارة الأزمة العسكرية في داخل العراق.

أما العملية الأخرى والتي أدت إلى حدوث الجنون الأمريكي فكانت  أكثر قوة. اتفقت القيادات العسكرية الأمريكية العليا  على اختيار أحد الأماكن الاستراتيجية المهمة لإدارة العمليات العسكرية الأمريكية في ذلك الجزء من العراق. هذا المقر سري حيث خصص لعدد من قيادات التخطيط وقادة الفرق العسكرية، يقام فيه اجتماع اسبوعي في السابعة من مساء كل اثنين، حيث تشارك 14 قيادة عسكرية امريكية وتتولي حمايته فرقة مكونة من 200 جندي خبير، بالإضافة إلى الطائرات والدبابات. في الاجتماع الذي عقد يوم 13 آذار رصدت المقاومة العراقية ما جرى في أوقات سابقة وأعدت لعمليتها الكبرى جرى  خلالها أطلاق صواريخ ووابل كثيف من النيران في الساعة السابعة والنصف مساء، أربك حركة القوات الأمريكية وترتب علي هذه العملية سقوط حوالي 90 قتيلا أمريكيا بالإضافة إلى جرح عدد كبير وهروب آخرين.

وكان الخطأ الاستراتيجي حسب التقرير هو هروب القيادات وعدم التزامها بتعليمات قائد السرب الجوي حتى تتحرك الطائرات وتتعقب عناصر المقاومة، إلا أن القيادات قررت الهروب اثر القنابل التي أحاطت بالمكان. ومع الهروب تلقفتهم المقاومة واحدا بعد الآخر فأوقف قائد السرب الجوي إطلاق النيران حفاظا على حياة القيادات. التي كان من بينها الجنرال 'جون ابي زيد' والذي تمكن من الهرب مع حراسه الذين يزيد عددهم على 20 جنديا وضابطا. بالرغم من أن المقاومة أطلقت الرصاص عليه إلا أنها لم تنجح في قتله، أعلن الخبر يومها إلا أنه جرى التكتم على المهمة الحقيقية لأبي زيد بالقرب من الفلوجة.

استطاعت المقاومة أن تأسر ثمانية من القيادات وقتلت ثلاثة في حين نجا ثلاثة آخرون من الموت إلى جانب ' أبي زيد' ورصدت الطائرات الأمريكية بعض التحركات أشارت إلى أن المقاومة اتجهت بالقيادات إلى الفلوجة وتحصنوا بها، وهو السبب الرئيس لشراسة العمليات الأمريكية في الفلوجة.

في أعقاب العملية شنت القوات الأمريكية حملة كبيرة من المداهمات والاعتقالات ومارست أقسى أنواع التعذيب علي أهإلي الفلوجة خاصة الاطفال الذين لم تتم رحمتهم.

وكانت هذه الجرائم التي ارتكبت ضد بعض الأطفال والصبية محل تساؤل مباشر من اعضاء لجنة القوات المسلحة إلى الجنرال رونالديورجس مدير الاستخبارات بالبنتاجون ورئيس القسم القانوني في سلاح البر الجنرال 'توماس رويج'. برر 'يورجس' التعذيب ضد أطفال العراق بأنهم أبناء وإخوة العناصر 'الارهابية' التي اختطفت القادة الأمريكيين الثمانية، وأنه يجب ممارسة أقسى أنواع التعذيب ضدهم حتي يتم الافراج عن القيادات الثمانية.

جلسة استجواب

تضمن تقرير اللجنة 'الأصلي' تسجيلا لجلسة المناقشات السرية مع هذه القيادات وجاء على الوجه التالي:

■ هل تأكدتم من أن الأطفال من أقارب 'الارهابيين'؟

■■ توماس روبيج: كانت لدينا تقارير ميدانية بذلك، وتم إطلاع الجنرال 'ستيفن كاسبون' مساعد وزير الدفاع للاستخبارات على ذلك.

■ ماذا كان رد فعل الجنرال كاسبون؟

■■ يورجس: تلقينا توجيها عاما من الجنرال كاسبون بالاستمرار في العملية من أجل الافراج عن القادة الثمانية.

■ ماهي تفاصيل هذا التوجيه؟

■■ يورجس: تعذيب الاطفال حتى يسلم ذووهم 'الارهابيون' انفسهم.

■ مات 18 طفلا، هل قتلوا جراء التعذيب؟

■■ بورجس: ربما

■ كم عدد هؤلاء الاطفال؟

■■ بورجس: يزيد على 60 طفلا.

■ كيف كان يتم تعذيبهم؟

■■ يورجس: أود أن أوضح أننا لم نعتقل الأطفال، ولكن نحن اعتقلنا زوجات وبنات 'الارهابيين' وهن أصررن على اصطحاب اطفالهن معهن ونحن في البداية وفرنا اقامة منفردة لهؤلاء الاطفال حتى يكونوا بعيدين عن تأثيرات المعتقلات أو بكاء أمهاتهم وأخواتهم.

■ ماذا كنتم تفعلون بالنساء؟

■■ يورجس: النساء العراقيات غير متعاونات ولديهن برود وهدوء غير عادي، كنا نريد استفزازهن حتى يدلين بالمعلومات وعندما تشاورنا في الأمر كان الرد مارسوا معهن الجنس عنوة، لأنهن بعد ذلك سيقدمن معلومات وفيرة.

■ من الذي أبلغك؟

■■ بورجس: الجنرال كاسبون قال لي: هذا الأمر جاء وعلينا تنفيذه؟

■ بصفتك رئيس القسم القانوني.. ما ردك؟

■■ رويج: المسألة لم تكن قانونية لكنها سياسية لأن هناك قيادات وجنودا أمريكيين مختطفين ونحن لا نعلم عنهم شيئا، العراقيون لم يعلنوا عنهم، ومن جانبنا فإن الاعلان عن ذلك كان سيؤثر على معنويات الجنود الأمريكيين.

■ وهل وافقتم على ذلك؟!

■■ رويج: اغتصاب عدد محدود جدا من النساء العراقيات في مقابل معرفة مكان المختطفين اعتقد أنه أمر غير محرم وأنه جائز في العمليات العسكرية.

■ ألم تكن هناك وسائل أخرى؟

■■ يورجس: نعم مارسنا وسائل أخرى كالضرب، واجبارهن علي المبيت في الماء، وبعضهن أجبر علي عدم النوم والوقوف لمدة 24 ساعة، وقمنا أيضا بحلق شعور بعضهن ولكنهن لم يستجبن أبدا، فكان لابد أن نلجأ إلى هذا الخيار.

■ من الذي تولي تنفيذ الأوامر بتعذيب الأطفال؟

■■ رويج: الأوامر نقلت إلى الجنرال 'جانيس كاربينسكي' المسؤولة عن سجن أبو غريب.

■ هل أطلعتكم 'كاربينسكي' على الاجراءات التي استخدمت ضد الاطفال؟

■■ يورجس: بعضها تم الاطلاع عليه في تقارير ميدانية، وكانت 'كاربينسكي' على علم كامل بهذه التقارير.

■ ماذا قالت هذه التقارير؟

■■ يورجس: لقد تحدثت عن قطع اطراف الاطفال، وضرب علي الرأس بواسطة آلات حادة، وحرقهم أحيانا بالنار في اجزاء من أجسادهم.

■ هل سلمتم الأطفال الذين ماتوا إلى ذويهم؟

■■ يورجس: لم نفعل ذلك، ولكن قمنا نحن بدفنهم في الصحراء، وكنا نود ألا تشارك أمهاتهم وأخواتهم في دفنهم، إلا أنهن أصررن على ذلك وكان المشهد فظيعا.

■ هل توقف التعذيب بعد موت هؤلاء الأطفال؟

■■ يورجس: نعم حيث كان هناك أمر عسكري حمل رقم 123472 يقول إن كل طفل قتل أو مات في المعتقلات توقف الاجراءات ضد أهله.

■ سؤال للسيد رويج: الوقائع تقول إن الكتيبة 372 والفصيلة 320 والفرقة 800 قاموا بأعمال تعذيب رهيبة ضد شباب عراقيين، هل لديك تفاصيل عن هذه العمليات؟

■■ رويج: لقد كتبت إلى قادتي أنني ضد الأساليب وسجلت اعتراضي، ولم يتم الاستماع إلى ما قلت.

■ إلى من وجهت هذا الاعتراض؟

■■ رويج: إلى السيد رامسفيلد ، وإلى السيدة رايس.

■ ماذا كانت تفعل الكلاب؟

■■ رويج: لدي تقارير وصور لقد تم تدريب الكلاب علي قطع العضو الذكري للرجل، وأن 'جاربينسكي' عندما أعلمتني بذلك وهي أبدت ارتياحا لهذا الأسلوب قلت لها هذا بشع وغير لائق بأي أمريكي أن يفعل ذلك.

■ كم عدد الذين ماتوا من وراء هذه العملية؟

 

■■ رويج: 300 شخص، كانوا يعيشون بضع ساعات بعد تقطيع اعضائهم في ألم شديد ثم يموتون، ومن المؤسف أن جنودنا كانوا يتلذذون بهذه المشاهد، وهذه مسألة غير اخلاقية.