دمشق تحرق الأعلام الأمريكية ـ الصهيونية: حماة الديار عليكم سلام.. أبت أن تذل النفوس الكرام
لم تكن دمشق المدينةَ الوحيدةَ التي شاركت في التظاهر بمناسبة اليوم العالمي لحرية واستقلال الشعب الفلسطيني والعراقي والشعوب الأخرى من نير الاستعباد الأمريكي ـ الصهيوني.. ومرور عام على الغزو الأمريكي للعراق.. فقد شهدت أكثر من خمسمائة مدينة وعاصمة في أرجاء العالم تظاهرات حاشدة توحدت على إدانة السياسات المجرمة للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الصهيونية..
إلاّ أن ما ميز تظاهرة دمشق ـ كباقي التظاهرات في المنطقة العربية ـ هو قلة عدد التظاهرات والمتظاهرين!!.. ففي الوقت الذي أعلن فيه العالم أجمع عن تضامنه معنا.. خيّم على الشوارع العربية هاجس الخوف الأمني الذي منع الجماهير من أن تعلن تضامنها مع ذاتها لمواجهة العدوان الجاثم والمرتقب...
فقد شهدت دمشق مساء يوم السبت في 20/3/2004 تظاهرة وطنية انطلقت من أمام المفوضية الأوربية بدمشق.. ورغم أن المشاركين في التظاهرة كانوا بضع مئات فقط... إلاّ أنهم شكلوا حالة ترسم ملامح الشعب السوري الأبي الذي لا يتردد في قول كلمته الفصل عندما تتعلق المسألة في الدفاع عن حياض الوطن.. وتمثلت الأسرة السورية خير تمثيل.. أطفالاً ونساءً ورجالاً.. شيباً وشباناً..
وعبرت التظاهرة الطرقات الرئيسية للعاصمة، وصولاً إلى ساحة الشهيد يوسف العظمة.. وانضم إلى المتظاهرين العديد من المواطنين الذين ملؤوا أرصفة الطرقات.. وحمل المتظاهرون الأعلام الوطنية السورية وأعلام فلسطين والعراق والرايات الحمراء وصور الثائر أرنستو تشي غيفارا.. والشعارات المنددة بالسياسة العدوانية للإمبريالية الأمريكية ـ الصهيونية.. وردد المتظاهرون الأناشيد الوطنية والهتافات المعادية للسياسات الإجرامية التي تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية ضد شعوب العالم قاطبة..
وأكد المتظاهرون على أهمية رص الصفوف لمواجهة أي نوع من المؤامرات التي تستهدف النيل من الوحدة الوطنية لتمرير الفتن، في ظل ما يُسمى بـ «قانون محاسبة سورية» والتحضير للعدوان عليها من قبل الامبريالية الأمريكية بالتعاون مع إسرائيل الصهيونية.. مؤكدين صلابة الشعب السوري في التصدي لتلك المخططات، والتي ستتحطم على صخرة الوحدة الوطنية الصلبة الممتدة على كامل التراب السوري، من ديريك ورأس العين شمالاً إلى درعا والسويداء جنوباً.. مروراً بكل مدينة وقرية في وطننا الحبيب..
وكان اسم سورية على شفاه الجميع.. مرددين:
من سورية بيعلا الصوت..
سوريين سوريين..
أرضي الحرة مابتلين..
ضد أمريكا وإسرائيل..
ضد العملاء الخاينين..
من القامشلي للجولان..
المقاومة هي العنوان..
ومن السويدا لعفرين..
شعبي واحد مابيلين..
من اللاذقية ودير الزور..
ضد الأمريكي المسعور..
من طرطوس للميادين..
يخسو كل المأجورين..
من الحسكة لراس العين..
تخسو يا طفيليين..
واستمر الهتاف.... أول مانبدا بنقول.. أمريكا هي المسؤول.. أمريكا بدا الفتنة.. ياشعبي وحدة وحدة..
... من سلطان سمعنا الصوت.. يا سورية طاب الموت.. يا أحفاد صلاح الدين.. وين الأشمر والخراط.. وشهدا العزة ملايين.. يوسف روحو عكفو.. رفاقو من حولو التفوا.. شدوا الهمة وقالوا الواجب.. نفدي ترابك سورية..
وعلى إيقاع هتافات الوطن.. شارك العديد من المواطنين المحيطين بالتظاهرة بالهتاف مع المتظاهرين: سورية راسها مرفوع.. وشعبي مابيعرف ركوع.. سورية نسرك عالي.. مارح ينزل يخسى عداكي.. العلم السوري فوق جبال.. وعلمك إسرائيل بالنار..
وعبّرت الهتافات عن بطولات الصامدين في فلسطين المحتلة والجولان والمقاومين العراقيين.. الى سورية الصامدة:
أمريكا حلما مهزوم.. طغيانها ما رح يدوم..
ياصهيوني عدّ القتلى.. فلسطيني ما رح يستنى..
من بلفور لجنيف.. فلسطيني ما يرضى الحيف..
يا أمريكي لا تتوهم.. عراقي يفاوض ويسلم..
يا أمريكي عدّ القتلى.. العراقي ما رح يهدا..
ما رح يرضى باحتلال.. ولا بحكومة أنذال..
هي أرضي وأرض جدودي.. شَرَفي وعرضي هيّ حدودي..
الشعب السوري ما رح يركع.. يخسى يخسى يللي قال.. بدو يحاسب سورية..
وقفتنا وقفة أبطال.. يوسف العظمة الجبار.. ميسلون رمز الأحرار...
وعند وصول المتظاهرين إلى ساحة الشهيد يوسف العظمة، ارتجل الرفيق حمزة منذر عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين كلمة أشار فيها إلى أن المشاركين في هذه التظاهرة ليسوا وحدهم، فهناك اليوم، وبنفس التوقيت، تتظاهر شعوب أكثر من خمسمائة عاصمة ومدينة في العالم ضد السياسة الإجرامية للإمبريالية الأمريكية وحليفتها إسرائيل الصهيونية.. وأن الخاسر الأكبر في هذه التظاهرة الوطنية هو الغائب عنها.. وأكد في كلمته على أن الشعب السوري قد اختار طريق ميسلون، طريق الشهيد البطل يوسف العظمة، ولن يختار طريق من جروا عربة غورو، عربة الذل والمهانة.. فلا خيار لنا إلاّ المقاومة والمواجهة للتصدي للتهديدات ولمشروع الشرق الأوسط الكبير السيئ الصيت.. وأن التاريخ الوطني سجل الشرف للمقاومين أمثال: يوسف العظمة، عز الدين القسام، محمد سعيد الحبوبي، عمر المختار، جول جمال، عبد الكريم الخطابي، عباس الموسوي...، الخ...، ويعطي التاريخ تقييم الذل والعار للمترددين والخائبين في الدفاع عن الوطن.
واختتم كلمته بالقول: تحت راية العلم الوطني والنشيد الوطني سندافع عن وطننا الحبيب سورية..
وقام المتظاهرون بإحراق الأعلام الأمريكية والإسرائيلية أثناء سيرهم.. كما حرقوا هذه الأعلام أيضاً على قاعدة تمثال الأحرار في سورية، تمثال الشهيد البطل يوسف العظمة..
وأنهى المحتشدون تظاهرتهم، كما ابتدؤوها، بالنشيد العربي السوري.. حيث ررد الجميع بخشوع وبصوت واحد: حماة الديار عليكم سلام.. أبت أن تذل النفوس الكرام...
■ كمال مراد
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.