بيادق الأمريكيين في العراق تتحرك سيناريو كلاسيكي أميركي لحرب طائفية في العراق من بطولة الجلبي والكاظمي
في 11 أيلول، خرج إلى شاشات التلفزة الأمريكية، متحدث باسم المخابرات المركزية الأمريكية، قائلاً أن المخابرات كانت تمتلك معلومات عن أن التفجيرات كانت ستحصل وأن هذه التفجيرات ستتم بواسطة طائرات ركاب، مما أثار حنق الشارع الأمريكي، تم إغلاق الموضوع وأدى إلى مجموعة من الاستقالات، إلاّ أن الأمر لم ينس تماماً، فما الذي حصل حتى تمتلك الإدارة الأمريكية معلومات كتلك دون أن تفعل شيئاً.
وعقب تفجيرات عاشوراء ظهر الجنرال جون أبي زيد إلى شاشات التلفزة وصرح بشيء مشابه، قائلاً إن القوات الأمريكية كانت تمتلك معلومات عن ذلك، وبالرغم من الغضب الشعبي الذي أثاره هذا الموضوع إلاّ أنه سرعان ما تم إغلاق الموضوع، تاركاً سؤالاً بجواب واحد أنه إن لم تكن هناك أياد أمريكية تقف مباشرة وراء هذه الأحداث فإنها تركتها تمر وفي الأوراق التي تنشرها قاسيون ربما إضاءة تزيد من وضوح الرؤية للوحة العراقية التي تتشكل، والسيناريوهات التي يتم وضعها لا للعراق فقط بل للمنطقة كلها، وتتركز هذه الأوارق والأبحاث حول سيناريوهات الاحتلال البريطاني الأمريكي للعراق ومجموعة المحافظين الجدد بقيادة نائب الرئيس ديك تشيني ومخططاتهم للعراق والمنطقة فيما يخص القضية الطائفية ودور حليفهم أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي في ذلك، بالإضافة إلى قصة أبي مصعب الزرقاوي وهويته ومن وراءه وصحة علاقته بهذه الأحداث. موضحة نقاطاً قد تغيب عن ذهن متابع الأحداث، والزرقاوي هو أُردني يشتبه بعلاقته التاريخية بالمخابرات الأردنية التي لها دور في غرفة العمليات العسكرية السرية الأمريكية الإسرائيلية، والتي يديرها المتطرف اليميني الجنرال بويكن حسب نظرية العمليات ذات الكفاءة المنخفضة.
السيناريو الأميركي الكلاسيكي القادم إلى العراق
يبدو أن اميركا بدأت تفقد الكثير من قدراتها الإبداعية. فالسيناريو الذي ستقرؤونه تم نشره بعيد التفجيرات بقليل وجاءت العديد من التفاصيل التي ستقرؤونها مطابقة لتحركات الأمريكيين: والسيناريو بكلاسيكيته هو:
1- يتم اتهام القاعدة أو أبو مصعب الزرقاوي بالتفجيرات وهو(character) شخصية تدأب أميركا على بناء اسطورته بمساعدة وسائل الإعلام المرتبطة بالمحافظين الجدد منذ عدة شهور.
2- يتم ربط الزرقاوي ببعض عملاء أو ضباط مخابرات نظام صدام السابق ممن ارتكبوا جرائم بحق الشيعة في زمن النظام. والذين يمكن شراء ذممهم بسهولة سواء بالترهيب أو الترغيب ووضعهم في الصورة في الأيام التي تلي الهجمات الإرهابية ليعترفوا بأنهم بالتعاون مع الزرقاوي وبدعم وحماية من شخصيات ومواطنين من «المثلث السني» خططوا ونفذوا تلك العمليات الإجرامية. مع الأخذ بالعلم أن الجهة التي تتولى جمع المعلومات من ضباط مخابرات نظام صدام السابق هي مجموعة مرتبطة بأحمد الجلبي والمؤتمر الوطني العراقي.
3- يتم بعد ذلك وضع سُنة العراق في قفص الاتهام باعتبارهم «حماة للإرهابيين قتلة الشيعة». وستتم هذه العملية وسط حملة إعلامية مكثفة تستهدف بالذات القادة الدينيين للسنة في العراق لعدم قيامهم بأي شيء عملي للكشف عن شبكات الإرهابيين، واتهامهم «بذر دموع التماسيح على الشيعة» وإعلانهم الاستنكار والشجب والتبرع بالدم «للتغطية على نواياهم السيئة».
وبدئ بالفعل بتطبيق السيناريو الأمريكي بحذافيره فخرج في يوم الأربعاء 3 مارس، جون أبي زيد، رئيس القيادة الوسطى للجيش الأمريكي بتصريحاته بـ: 1( كشف علاقة الزرقاوي بالتفجيرات، 2) وجود معلومات استخبارية مسبقة لدى الأمريكيين بوجود خطط التفجير يوم عاشوراء.. ونجاحهم في وقف بعضها على الأقل. ليرد بعد ذلك في نفس الليلة خبر إلقاء القبض على ضابط أمن عراقي سابق في مدينة النجف اعترف بعلاقته بالزرقاوي والتفجيرات.
أما تتمة السيناريو الذي تابعتم فصولاً منه خلال الأيام السابقة وربما ستتابعون أجزاء أخرى منها قبل صدور هذا العدد من جريدة قاسيون ستكون بالشكل التالي:
1- ستتم حملة إعلامية موازية تستهدف المملكة العربية السعودية وسورية باعتبارهما الداعم الرئيسي للإرهاب «الوهابي» داخل العراق.
2- يقوم المحافظون الجدد ووسائل الإعلام المرتبطة بهم منذ فترة بالتحضير لهذه الحملة. كما ستشمل هذه الحملة موضوع «اضطهاد الوهابيين السعوديين والبحرينيين للأقليات الشيعية» في هذين البلدين.
وبالفعل صادق الأمريكيون وبيادقهم في العراق على هذا السيناريو. ففي يوم الخميس 4 آذار أجرت إذاعة راديو سوا، المدعومة من وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكتين، لقاءين إذاعيين الأول مع أحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي والثاني مع نبراس الكاظمي مدير مركز الأبحاث في المؤتمر الوطني العراقي أنظر وقد وضعا في هاتين المقابلتين دلائل حرفية على النوايا المشار إليها أعلاه.
بطل بريطاني من نفس النوع
وبما أن القوات الأمريكية بحاجة إلى ساتر تقوم من خلفه بتوجيه عملياتها والسيناريو المعد للمنطقة لم تجد أفضل من أحمد الجلبي لذلك والجلبي مواطن بريطاني قضى الأربعين عاماً الأخيرة من حياته في بريطانيا وأمريكا وهو نوع جديد من الفاشيين الجدد مطور وتم تجميعه خصيصاً للمنطقة، من نفس فصيلة ريتشارد بيرل وبول ولفووتز ودجلاس فايث ووليام كريستول وأبرام شولسكي ممن يسمون المحافظين الجدد. فكرتهم الرئيسية تقوم على تحويل الولايات المتحدة إلى إمبراطورية دكتاتورية عسكرية عالمية بالاشتراك مع كل من بريطانيا وإسرائيل..
اقتراحات الجلبي للقضاء على «الإرهاب»
بدأ أحمد الجلبي مباشرة بتنفيذ المخططات وفيما يلي جزء من حديث أدلى به لصحيفة الشرق الأوسط ليساعد القوات الأمريكية على التخلص من الإرهاب في المثلث السني بمساعدة «ميليشيات شيعية»:
■ تحتاج قوات التحالف إلى أن تتحرك سريعا لاعتقال واستجواب آلاف الأشخاص من البعثيين وفدائيي صدام والأعضاء السابقين في أجهزة الأمن والجيش بالإضافة إلى إخوانهم وأبنائهم وأبناء اخوانهم وأبناء عمومتهم. ويستطيع المؤتمر الوطني العراقي والمجموعات الأخرى المؤيدة للتحالف أن تقدم قوائم بأسماء هؤلاء الأشخاص وأماكن وجودهم وتساعد على استجوابهم.
■ إجراء مسح أمني شامل في البلدات حيث تتركز المقاومة: يجب على قوات التحالف أن تحيط بهذه البلدات وتمنح السكان مهلة 48 ساعة كموعد أخير لتسليم الأسلحة غير المشروعة يتم بعدها تفتيش مكثف من بيت لبيت، وإذا ما عثر على مخبأ أسلحة في المنزل، فإن كل سكان المنزل من الرجال بين أعمار 15 و50 عاماً يجب اعتقالهم. وستكون عمليات التفتيش هذه مفيدة في العثور على المجرمين الفارين…
■ إن بعض هذه الخطوات سيؤدي إلى مضايقات لأبرياء كما سيتسبب في بعض عمليات الاستياء قصيرة الأمد تجاه قوات التحالف لكن يجب اتخاذها. وأي إرجاء لهذه الخطوات سيؤدي إلى المزيد من الانفلات في الوضع.
إن من يقرأ صيغة هذا الخطاب لن يستطيع أن يميز بينه وبين خطاب أي مسؤول في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين، نفس الألفاظ، نفس الطريقة التعسفية بالتعامل مع الأمور، كما أنها تقدم طبقاً من ذهب لإشعال حرب طائفية أهلية في العراق.
إن السيناريو الأنجلو-أمريكي الإسرائيلي الذي يروج له أحمد الجلبي وجماعته هو الذي
سيمهد لإشعال فتيل حرب أهلية مستحيلة حاليا لكنه يخدم عدة أهداف هي:
1. إثبات فرضية الإدارة الأمريكية المحاصرة بأكاذيبها اليوم، أن ادعاءها بوجود علاقة بين صدام حسين وتنظيم القاعدة هو صحيح.
2. إيجاد الرابط بين السنة والقاعدة لبدء التصفية الجسدية للسنة خاصة علماء الدين المعتدلين منهم، ويمكن أن يترافق مع ذلك تصفية علماء دين وقادة سياسيين شيعة معتدلين.
3. تحقيق أهداف إسرائيل والمحافظين الجدد الأمريكيين بتقسيم العراق إلى ثلاثة كانتونات متناحرة وقد روج لهذه الفكرة هنري كيسنجر في مقال مؤخرا.
4. إشعال صراع إقليمي بين الدول الإسلامية في المنطقة تحت اسم «الصراع الشيعي السني» في السعودية والكويت والبحرين وإيران والباكستان وتنشيط الحملة الإعلامية والسياسية ضد السعودية.
5. كل هذا سيؤدي إلى استمرار بقاء الاحتلال الأنجلو أمريكي في العراق ووجودها في المنطقة واستمرار «حرب بوش ـ تشيني ضد الإرهاب» إلى ما بعد الانتخابات القادمة.
تقسيمات ودويلات
لا يربط الجلبي أياً من الطوائف والقوميات الموجودة داخل العراق في أحاديثه بكلمة عراقي، فهناك السني وهناك الشيعي وهناك الكردي وهناك العرب السنة وهناك أقليات أخرى، ولا يربط هذه الكلمات بالعراق، بل هي مفردة طائفية مجردة تتكرر في أحاديثه ليتم تثبيتها، ولا يتوقف عند حدود العراق في حديثه الطائفي بل يخرج إلى حديث عالمي فيقول: هناك هجمة عالمية ضد الشيعة في العراق وكذلك في باكستان وغيرها من المناطق. وهناك اضطهاد للشيعة في البلاد المجاورة للعراق والتي فيها أقلية من الشيعة. في العراق فالأكثرية هم الشيعة. وعلى الجميع أن يأخذوا موقفا واضحا جدا من أننا في حرب ضد الإرهابيين الذين يقومون بإرهاب الشيعة في العراق، ويجب علينا أن نوضح بشكل دقيق وعلى جميع القوى السياسية والقيادات الإسلامية من سنة وشيعة في العراق أن يقولوا أن هناك حربا ضد الإرهاب التي يقودها المتطرفون الوهابيون المسلحون. وفي مكان آخر من نفس اللقاء تبدو التقسيمات التي يطلقها الجلبي في حواره أكثر حدة ويكرر في حواره مفردة الشيعة أكثر من مرة لا كطائفة بل كتقسيم طائفي واضح الأهداف ويؤكد في حواره في أكثر من مكان عن حرب عالمية ضد الشيعة مركزها العراق فيقول: تجري عمليات إرهابية ضد الشيعة. لكن الشيعة في العراق لديهم أفكار سياسية مختلفة تظهر عندما ينتهي الإرهاب وتنتهي عمليات الاضطهاد في العراق. الشيعة في العراق محبون للحرية ويدعون إلى الديموقراطية ويدعون إلى الانتخابات ويدعون إلى الدستورية وهم يريدون التعايش بشكل واضح وصريح وسلمي مع كل أبناء العراق. الشيعة العراقيون يجنحون نحو السلم بشكل عام ولكنهم سيدافعون عن أنفسهم إذا تعرضوا للاعتداء والإرهاب. وأنا أعتقد أن من يريد أن يمنع أي شيعي في العراق أن يكون له الدور المفتوح أمام كل عراقي آخر سياسيا أو في المجالات الأخرى فإنه يرتكب خطأ كبيرا، لأن الشيعة لن يقبلوا بعد اليوم أن يكونوا عرضة للاضطهاد.
أكاذيب استخبارات
ولم تتوقف أكاذيب أحمد الجلبي على حدود العراق بل توسعت إلى خارجه لتشمل بلداناً بالاسم وأخرى تركت دون أن تسمى، فاتحاً بذلك باب الترشيحات ، كي تقوم أميركا بالإشارة إليها لتسمى لاحقاً: فيقول الجلبي في لقاء آخر: هناك شيء واضح، هناك هجرة وتسلل للإرهاب إلى العراق من بعض الدول العربية وهذا الأمر يقودني إلى القول أن هناك بعض الدول العربية لا تتمنى الخير لهذه التجربة الديمقراطية في العراق ولا تريد لها النجاح. هم يعتقدون أن ما يجري في العراق سيؤثر عليهم. وإذا نجحت التجربة الديمقراطية فذلك سيقود الكثير من أبنائهم بالمطالبة بالديمقراطية في بلادهم. وكان هذا التخوف موجوداً منذ زمن، ومع الأسف بدأ يظهر جليا في كيفية تعامل هذه الدول مع العراق وهناك أدلة كثيرة. كثير من هذه الدول تمول محطات إذاعة وفضائيات تلفزيونية وتبث هذه المحطات دعوات طائفية وتحاول أن تظهر الشيعة وكأنهم يتنكرون للعرب. هذا الأمر يشجع الإرهاب في العراق.
وليس هناك رادع أمام أحمد الجلبي حين يتهم بلداناً عربية بتمويل الإرهاب بشكل صريح فيقول: هناك أدلة أن بعض أجهزة المخابرات في الدول العربية المجاورة والتي ليس لها حدود مباشرة مع العراق تشجع الذين يقومون بالعمليات الإرهابية. لم يحن الوقت الآن لإعطاء التفاصيل ونحن على اتصال بهم لعلهم يرتدعون عن القيام بهذه العمليات. لم يأت الوقت الآن لإعطاء التفاصيل، ولكننا نعلم بالتفاصيل.
وبكل ذلك يهيئ الجلبي لنفسه حتى يكون شريكاً حقيقياً، وقد أصبح الآن محط تحقيقات مكثفة في الولايات المتحدة بسبب الأكاذيب التي لفقها هو ومؤتمره حول أسلحة العراق وفرض تلك الأكاذيب عن طريق تشيني، على الرئيس بوش والكونجرس والشعب الأمريكي.
التلاعب النفسي للتهيئة للحرب وتصدير الفتنة الطائفية
لم يتأخر مدير مركز الأبحاث في المؤتمر الوطني العراقي، نبراس الكاظمي، عن اللحاق بركب زميله الجلبي في العمل فسجل موقفاً أكثر خطورة حين حذر السنة في العراق من خطر اندلاع حرب أهلية إذا لم يقفوا مع الشيعة الذين يتعرضون للهجمات الإرهابية بطريقته الخاصة قائلاً: «لا نريد من السنة العرب مواقف رمزية مثل التبرع بالدم لكن نريد نتائج ملموسة مثل التبرع بمعلومات عن هذه الشبكات التي تناصر غزو الجراد القادم من خارج الحدود وتوفر له حيز التخفي والتحرك ليحرق الأخضر واليابس. وإذا لم يحصل هذا فإن القامات التي يستخدمها الشيعة العراقيون في مواكب التطبير سيجدون لها استخدامات أخرى وستقع الحرب الأهلية وسيحصل ما سيحصل». لينتقل بعد ذلك منتقداً الأصوات الشيعية التي تدعي بأن لأميركا مصلحة بما يجري من عنف في العراق:
«إلى متى ستبقى القيادات الدينية الشيعية تردع أشباح الحرب الأهلية بكيل اللوم على الأمريكان. لولا الأمريكان ودحرهم لصدام، أكان للشيعة تأدية مراسيم عاشوراء في أجواء الحرية والانفتاح؟ لا».
ويتهم الكاظمي السنة في العراق بأنهم ساعدوا المنظمات الإرهابية التي ضربت الشيعة في مراقدهم المقدسة. متسائلاً: «أنا أحمِّل السنة العرب في العراق المسؤولية عن الفاجعة التي حصلت في الكاظمية وكربلاء. هل يعقل بأن هؤلاء الانتحاريين القادمين من اليمن والسعودية وأفغانستان يستطيعون الدخول إلى العراق والتواجد والتخفي ومن ثم تحديد الهدف والتهيؤ للعمليات الإرهابية بدون وجود شبكة يديرها عراقيون وربما ضباط مخابرات محترفون ليختاروا البيوت الآمنة وليجمعوا المعلومات وليتكفلوا بالتنقل وإخفاء العبوات الناسفة؟ كلا، لا يعقل هذا الكلام ومن يعاوض على الحقيقة ويقول أن السنة العرب لا يمكن أن يكونوا مضطلعين بضرب الأماكن ذات القدسية لكل العراقيين ويتناسون بأن الحرس الجمهوري الخاص قام بدك ضريحي الحسين والعباس عليهما السلام بالصواريخ أثناء الانتفاضة التي حصلت عام 1991 وكانوا يخطون على دبابتهم ومجنزراتهم عبارة «لا شيعة بعد اليوم». هل نسينا هذا الماضي القريب والمؤلم ونحن مازلنا متربين بغبار المقابر الجماعية في الجنوب. دعونا لا ندور في حلقات مفرغة من بيانات الاستنكار والاستهجان لهذه العمليات. دعونا نتكلم بجدية ووضوح. هناك مشكلة سنة وشيعة في العراق.
وحذر الكاظمي السنة في العراق إلى أنهم سيكونون أول الخاسرين إذا اندلعت الحرب الأهلية في العراق!!
مع تحرير العراق انقلبت كافة الموازين وأدت إلى انهيار مؤسسة الحكم السني في العراق والمتوارثة من أيام الاحتلال البريطاني. والسنة لم يستفيقوا من هول الصدمة لحد الآن ومازالوا يتصرفون بعدم اتزان وبدون حسبان للنتائج. ألا يعلم الإخوان من السنة العرب بأن غايات البعض منهم جر العراق إلى حرب أهلية سوف تؤدي حتما إلى قيام تحالف شيعي كردي ينتصر فيه الكرد في معركة كركوك ويظفر الشيعة بالعاصمة بغداد وبالتالي يقسم العراق إلى ثلاث دويلات. وممّ سيعتاش السنة العرب في مثلثهم؟ هل على أكوام الحصى في سامراء أم على مناجم الفوسفات في الشرقاط أم على موسم الكمأ في الأنبار؟ إذن مصير العرب السنة ومصير أجيالهم القادمة يصان مع إدامة الترابط مع النسيج العراقي والبقاء ضمن إطار الوطن الواحد وإلا فإن جريمة التفجير داخل حرمة الإمامين الجوادين في الكاظمية هو استفزاز وتحدٍ غير مسبوق في تاريخ العراق والعلاقات بين الشيعة والسنة. ولعل الوحيد في وجه المقاربة بين ما حصل وبين الغزوة أو بالأحرى الجريمة الوهابية التي اقترفت قبل مئتي عام في مدينة كربلاء وأدت إلى انتهاك حرمة الأضرحة وذبح خمسة آلاف نسمة في غضون سويعات وكانت يقودها أمراء آل سعود في ذلك الحين».
يُحسد الأمريكيون على الكاظمي والجلبي، فليس هناك أوفى وأسرع منهما في تلبية المصالح الأمريكية، إن من يتابع تسلسل الأحداث ودقة تتابعها منذ تصريحات تشيني انتقالاً إلى إعلان الجنرال أبي زيد، مروراً بتصريحات ولقاءات (الجلبي /الكاظمي)، سيجد سرعة وتفانياً في تنفيذ هذا السيناريو الذي غدا كلاسيكياً بحذافيره، ربما لما تنضج أوراق بقية السيناريو بعد ولم تطفُ إلى السطح إلاّ أن الحقائق التي تكشفت إلى الآن تنذر بالأسوأ، وبالرغم من أن رد فعل العراقيين على المجزرة، وتكاتفهم، لم يكن متوقعاً داخل هذا السيناريو فإن تراص صفوف الشعب العراقي ووقوفه بجانب بعضه بعضاً لا يزال مطلوباً... حتى النهاية.