لبنان يحتفل بتحرير أسراه الأبطال.. ويستعيد جثامين الشهداء: المقاومة.. الخيار الوحيد للإنتصار
تؤكد الوقائع والأحداث من جديد أن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد في مواجهة الاحتلال والعدوان.. ولم يكن يوم التاسع والعشرين من كانون الثاني الماضي يوماً عادياً.. إنه استمرار ليوم تحرير الجنوب اللبناني في الخامس والعشرين من أيار الذي اعتبر عيداً للتحرير.. فقد عاش لبنان يوماً فريداً، فيه الكثير من حرارة يوم التحرير الشهير. وفيه الصورة المتداخلة بين المشهد الإنساني في استقبال الأسرى المحَّررين واستعادة جثامين شهداء سقطوا منذ سنوات بعيدة، ليواروا الثرى في مناطق متفرقة من محافظات لبنان، ويرسمون لوحة على امتداد خارطة الوطن..
وعلى الرغم من الصلف الصهيوني، نجحت المقاومة الوطنية اللبنانية في البدء بعملية تحرير أسراها واستعادة رفات شهدائها.. ولم يكن ذلك ممكناً دون استمرار نهج المقاومة الذي أثبتت أنه اللغة الوحيدة في مواجهة المعتدين..
ارتفعت راية المقاومة
وكانت عملية التبادل قد بدأت فجر يوم 29/1/2004 ، حيث وصلت الطائرة الألمانية التي تقل الأسرى المحررين الى مطار بيروت عند المكان المخصص لها خلف صالون الشرف..
ومن جديد ارتفعت راية المقاومة الوطنية اللبنانية لتوحد اللبنانيين باتجاه عدو مشترك..
وفي استقبال رسمي وشعبي احتشد الآلاف على طول الطريق المؤدية الى المطار ومنه الى الرويس حيث اقيم احتفال شعبي ضخم. ألقى خلاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خطابا، بينما جلس الأسرى الى جانبه وظل كرسي شاغرا وضعت عليه صورة كبيرة لعميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار.
وقال نصر الله في كلمته: «نحن لم ننس ولم نتجاهل ولن ننسى ولن نتجاهل إخواننا في السجون، وهذا الانجاز ينتسب الى ثقافتنا وحضارتنا وديننا وقيمنا، فنحن امة تؤمن بكرامة الإنسان الذي له حرمة عندنا سواء كان حياً او ميتاً، وإذا لم نكن كذلك فنصبح أجانب عن هذه الأمة.. عندما نتحدث عن تبادل الأسرى، في الحقيقة ما يصح قوله أن ما حصل في هذه الأيام هو مبادلة أسرى برهائن، أسرى خُطفوا من ارض لبنانية محتلة برهائن خطفوا من بيوتهم، هذه هي المعادلة الصحيحة».
المقاومة مستمرة..
وأضاف: البعض في هذه الأيام قال إن عملية التبادل تؤكد بأن الوسائل السلمية ناجحة، ومنتجة، أنا أقول لهذا البعض أن الوسائل السلمية المعتمدة على المقاومة، الوسائل السلمية التي تأتي بثلاثة جنود في عملية عسكرية وبضابط احتياط في عملية أمنية هي التي يمكن أن تنتج. أما الوسائل السلمية المرتكزة على الضعف والخنوع وتقبيل أعتاب السفارة الأميركية في عوكر، هذه الوسائل لا يمكن أن تؤدي الى نتيجة. نحن في هذا التبادل قمنا بعملية إنسانية بحتة، ليس لها علاقة بالسياسة. نحن طيلة مدة المفاوضات لم نتحدث في المسائل السياسية مع الوسيط الألماني، كنا في موقع قوة، نفاوض لنحصل على شيء، في الميدان، من يتعدّ على بلدنا فسنواجهه وسيدفع الثمن.. أرضنا ما زالت تحت الاحتلال، ما زال هناك أسرى لبنانيون في السجون الإسرائيلية، ما زال العدو يعتدي على بلدنا براً وبحراً وجواً، ما زال لبنان في دائرة التهديد بسبب وبلا سبب، وهنا يحزننا، بعض الذين يتحدثون عن سحب الذرائع من العدو، وهل كان هذا العدو في يوم من الأيام في حاجة الى ذرائع عندما تقتضي مصالحه الى العدوان على لبنان أو سورية أو أي بلد آخر. ولذلك أقول لكم المقاومة ملتزمة بالدفاع عن وطنها وملتزمة بالمساهمة في الدفاع عن أمتها ومقدساتها وحقوقها.
الحمقى لا يستفيدون
من أخطاء الماضي
وتابع قائلاً: في موضوع المعتقلين، هناك ثلاثة ملفات تخص سمير القنطار ويحيى سكاف ونسيم نسر... بالنسبة الى موضوع سمير بالتحديد، إذا كانوا ينكرون وجود يحيى سكاف ويقولون إن نسيم يحمل الجنسية الإسرائيلية فسمير لا يمكن القول أنه غير موجود وهو لبناني ولا يحمل أي جنسية إسرائيلية، الإسرائيليون في مسألة الأخ سمير قنطار كانوا حمقى ومخطئين، وتلطيفا للجو قليلا سمعت أن أحد المحللين السياسيين في إسرائيل قال إنه ثبت أنهم يمشون على الأربعة، هم حمير و«حزب الله» يركب عليهم، أقول لهم صحيح والدليل إنكم احتفظتم بسمير القنطار، هؤلاء الحمقى لا يستفيدون من أخطاء الماضي،عندما خرجوا من لبنان تركوا مزارع شبعا واحتفظوا بالإخوة في السجون وعندما خرجوا من لبنان لو أطلقوا سراح الإخوة هل كان هناك من قضية بين لبنان وإسرائيل اسمها الأسرى؟ وكان يمكن أن يكون الباب مقفلاً على العربي والفلسطيني، هم الذين فتحوا لنا الباب، والآن هم حمقى لأنهم احتفظوا بالأخ سمير القنطار. شهر، اثنان، ثلاثة ماذا سيحدث، سيظهر لاحقاً أنه كان يجب أن يطلق سراحه، ولأنه لم يفعل أنا أؤكد لكم انه سيندم في المستقبل.
عيداً للحرية
أعود الى سمير، الى بقية الإخوة المعتقلين في سجون العدو الى أسرى الجولان، أعود الى بقية الإخوة المعتقلين من ارض 1948، الى الإخوة الفلسطينيين خصوصا المحكومين بالأحكام العالية وأصحاب الحالات المستعصية والصعبة، الى بقية العرب، الى الإخوة الأردنيين الذين سوف ننتظر ماذا سيحصل من الآن الى عيد الأضحى، الى عائلات الإخوة الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة المفقودين في لبنان، أقول لهؤلاء جميعا ولسمير الذي هو العنوان الأكبر الآن، ولا احتاج الى أن أقسم إننا لا نترك أحداً منهم ولن ننسى أحدا منهم.
وأشار الى انه إذا كان يوم الخامس والعشرين من أيار يوما وعيداً للتحرير فيجب أن نعلن يوم التاسع والعشرين من كانون الثاني يوماً وعيداً للحرية..
العمليات مستمرة..
وفي فلسطين أفرجت سلطات الاحتلال في الوقت نفسه عن 401 أسير فلسطيني في إطار عملية التبادل، توجه العشرات منهم الى مقر الرئيس الفلسطيني الذي جدد توجيه الشكر لحزب الله على جهوده. ومر السجناء المفرج عنهم الى مناطق الحكم الذاتي عبر خمس نقاط تفتيش عسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفيما كان لبنان يحتفل بعودة الأسرى، أقامت السلطات الصهيونية استقبالاً حزيناً لجثث جنودها الثلاثة.. وفي حفل الوداع الرسمي، تحدث شارون عن احتمال تعرض جنوده لعمليات أسر جديدة..
الأشجار تعود لترابها
وما أن أنهى اللبنانيون احتفالهم بعودة الأسرى المحررين من سجون الاحتلال، حتى احتشد الآلاف من رأس الناقورة حتى بيروت يستقبلون نحو ستين شهيداً وصلت جثامينهم التي شيعت في مواكب تلف لبنان من أقصى جنوبه في بلدة عيترون الحدودية حتى عكار، مروراً بالمتن وبيروت والبقاع، وفي مواكب نظمتها القوى السياسية كان الشهداء ينتمون إليها أثناء قيامهم بالعمليات التي استشهدوا خلالها. وكان الآلاف قد احتشدوا منذ ساعات الصباح الباكر قرب رأس الناقورة حيث جرى تسلم جثامين الشهداء الذين جُللت نعوشهم بالعلم اللبناني ووضعوا في ثلاث شاحنات مكشوفة، وبعد احتفال رسمي قصير، سار الموكب مخترقاً الطريق الساحلي حتى صور فصيدا ثم بيروت، وقد أقيمت احتفالات استقبال على طول هذا الطريق، قبل أن تبدأ في ساعات المساء عملية فرز المعروفين منهم عن الآخرين، ونُقل شهداء الحزب الشيوعي اللبناني الى مستشفى النجدة الشعبية قبل نقلهم إلى قراهم وبلداتهم لتشييعهم.. هذا التشييع الذي يعكس مرة جديدة الصورة الوطنية الحقيقية التي لا تشبه في حرارتها البرودة التي لفت الاستقبال الرسمي في المطار.. بعد أن جرى استبعاد الحزب الشيوعي اللبناني من مراسم الاستقبال!!.. مع العلم أن الحزب الشيوعي اللبناني كان أحد المؤسسين الأساسيين لحركة المقاومة الوطنية اللبنانية لمواجهة الاحتلال الصهيوني.. وأكثر من نصف الشهداء الذين جرى تسليمهم في المرحلة الأولى من التبادل من أعضائه.. وبالرغم من الاستبعاد شارك الحزب بفاعلية في استقبال الأسرى المحررين ورفات الشهداء. وقام بتوزيع ملصق يمثل خارطة لبنان التي تضم شهداء الحزب على امتداد الوطن اللبناني..
استنكار وإدانة لاستبعاد الشيوعي اللبناني عن الاستقبال
وقد استنكرت القوى الوطنية والعديد من الشخصيات والمسؤولين عملية الاستبعاد. فقد تلقى الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني د. خالد حدادة اتصالا من رئيس مجلس النواب نبيه بري هنأه فيه بالإفراج عن الأسير البطل أنور ياسين والإفراج عن رفات شهداء الحزب والمقاومة، واتصالاً من الوزير جان عبيد هنأ بتحرير الأسرى وقدم التعازي بالشهداء وأبدى أسفه لاستبعاد الحزب عن مراسم استقبال الأسرى المحررين، كما تلقى اتصالاً مماثلاً من الوزير غازي العريضي، ومن عاطف ادريس باسم التيار الناصري.
كما تلقى حدادة برقية من نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الدكتور دريد ياغي هنأه فيها بعودة المناضل ياسين وبعودة رفات الشهداء. واستغرب ياغي «التغييب المشبوه للحزب الشيوعي عن الاحتفال الرسمي لاستقبال الاسرى». كذلك ابرق الدكتور عبد الرحمن البزري معزياً بالشهداء ومهنئاً بعودة المناضلين من سجون العدو. وتلقى حدادة برقيات تهنئة من العديد من الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية.
وزار مقر الحزب في حي الوتوات والد الشهيد جمال ساطي وعدد من أفراد العائلة، قدموا التهاني بتحرير الأسرى..
واستنكر وزير الثقافة غازي العريضي تغييب الحزب الشيوعي اللبناني عن حفل استقبال الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية في مطار بيروت، وأشاد بالدور النضالي للحزب في المقاومة الوطنية اللبنانية وفي تحرير الأرض والأسرى والمعتقلين. وقال: إن قرار استبعاد هذا الحزب غير ذكي على الإطلاق، وهو قرار غير ايجابي ويشكل نقطة سلبية في مراسم استقبال الأسرى والمعتقلين.
وأصدرت «حركة التجدد الديمقراطي» بيانا قالت فيه إن مناسبة وطنية كهذه كانت تستحق من بعض أطراف السلطة وقفة مسؤولة تنأى بنفسها ولو موقتاً عن منطق احتكار الوطنية وإقصاء الآخرين، الذي مورس بشكل فجّ مع أحد أبرز أركان المقاومة الوطنية ضد إسرائيل، الحزب الشيوعي، باستبعاده عن الاحتفال الرسمي لاستقبال الأسرى.
أول عملية ضد الاحتلال
كما أجرى وزير الإعلام ميشال سماحة اتصالا بالأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حداده مهنئا الحزب بالانتصار المتمثل بعودة الأسير أنور ياسين وكل الأسرى الأبطال والفخر بعودة جثامين الشهداء الى الأرض التي حرروها. وأكد الوزير سماحة على الدور الوطني للحزب الذي أطلق أول عملية ضد الاحتلال.
وقال بيان للحزب: إن الأمين العام شكر سماحة على اتصاله معبرا عن الألم الذي يعتصر الشيوعيين من التمادي في محاولات طمس الدور الذي لعبه الشيوعيون في إطلاق المقاومة ومتابعتها، وعن إصرارهم على المضي في هذا النهج المقاوم في تعاطيهم مع كل القضايا الوطنية. وأعرب عن قناعته بأن هذه المحاولة لا تسيء الى الحزب بقدر ما تسيء الى الطابع الوطني للاستقبال الرسمي الذي يجري في المطار وتعيده الى حجمه الرسمي في أحسن الأحوال.
فصيل وطني مقاوم
وأشار البيان الى أن النائب د. أسامة سعد «اتصل مستنكرا هذا التصرف المعيب، الذي يجري مع هذا الفصيل الوطني المقاوم»، واعتبر أن هذا «لا يضير الحزب بقدر ما يضير أصحاب هذا التصرف».
كما اتصل رئيس الرابطة المارونية الوزير السابق ميشال اده معتبراً أن استبعاد الحزب الشيوعي يسيء الى التاريخ الوطني للمقاومة وينتقص من الاحتضان الرسمي القيادي للمقاومة الوطنية، مشيدا بتضحيات الحزب في عملية التحرير مهنئا بإطلاق الأسير أنور ياسين وكل الأسرى، ومفتخراً بالإفراج عن جثامين الشهداء.
شهداء قيد الاعتقال!!
وأعرب حدادة عن اعتقاده «أن جثامين الشهداء التي تنتمي الى كل التنظيمات اللبنانية المساهمة في أعمال المقاومة ليس عددها 59». مشيراً الى أن العدو لازال يحتفظ بجثامين كأوراق لمفاوضات مقبلة. وصرَّح لتلفزيون «المستقبل»: «نحن مدعوون والإخوة في حزب الله والقوى التي مازال لديها جثامين داخل الأراضي المحتلة الى تهيئة الملف كاملا لمساعدة المفاوض اللبناني الذي هو حزب الله في تقويم هذا الملف من جل إتمام المرحلة الثانية بصورة تشمل الأسير سمير القنطار والكشف عن مصير يحيى سكاف وجثامين الشهداء المتبقين». وأشار حدادة الى أن لدى الحزب شهيدتين قيد الاعتقال هما: إنعام حمزة من عبيه ويسرى إسماعيل من زوطر.
واستنكرت «حركة الشعب» في بيان لها استبعاد الحزب الشيوعي عن مراسم استقبال الأسرى، والتنكر لتضحيات مناضليه واعتبرت «أن سلوك السلطة لا يشكل إساءة بشعة للحزب بل للشعب اللبناني وللمقاومة بكل فصائلها».
وصدر بيان عن الأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية أدان استبعاد الحزب ولجنة المتابعة لدعم قضية المعتقلين عن الاستقبال، كما أدان الاستبعاد رئيس لجنة الدفاع عن الحريات العامة والديمقراطية المحامي سنان براج، مذكّرا بنضال الحزب وتضحياته وتاريخه النضالي.
«مشهد ناقص الرمزية»
وتحت عنوان: «مشهد ناقص الرمزية» كتب سعد كيوان في صحيفة السفير قائلاً: مشهد الاستقبال على ارض المطار جميل، معبر، مؤثر. مناضلون أسرى يعودون الى أرضهم، الى أهلهم، الى ذويهم. من حقهم أن يلقوا ترحيب من احتضنهم واحتضن قضيتهم، قضية الحرية. وفي مقدمة هؤلاء يقف بلا شك أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله الى جانب رئيس الجمهورية وأركان الدولة.
لكنه مشهد ناقص. لقد كان أكثر جمالاً وأكثر تعبيرا وأكثر تأثيرا وأكثر رمزية لو أن أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني خالد حداده وقف الى جانب نصر الله. فكيف أمكن استبعاد، نعم استبعاد، من أطلق الرصاصة الأولى ضد الاحتلال قبل ثلاثة وعشرين عاماً وأربعة أشهر؟ من أطلق المقاومة بدءاً من بيروت وتصعيداً وتكثيفا في الجنوب طيلة نحو عقد من الزمن، بغض النظر عن تقييمنا لمسارها وعن العوامل والخلفيات التي حالت دون استمرارها، نعتقد أنها باتت معروفة لدى الجميع. ثم ألم يكن الشيوعيون المبادرين الأوائل الى خيار المقاومة في نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات وكان لهم أول الشهداء في الجنوب؟
استبعاد (صاحب الدعوة)؟..
كيف أمكن استبعاد من خاض مع قوى أخرى غمار «مقاومة وطنية» بمعناها الأسمى وبخيارها السياسي واللاطائفي واللافئوي واللامناطقي؟ وبأي حق يتم دعوة جميع فئات السلطة ممن يعنيهم ومن لا يعنيهم هذا الحدث، ويستبعد (صاحب الدعوة)؟..
نريد أن نقدم فقط أرقاما، ولو بشيء لا يخلو من البرودة. أليس هناك بين الأسرى المحررين أسير شيوعي يدعى أنور ياسين، وهو الذي قضى أطول مدة في السجن مقارنة برفاقه المحررين، أي 17 سنة. أليس بين الجثامين التي سلمت هذا الصباح عند معبر الناقورة 16 جثة لشهداء من الحزب الشيوعي اللبناني. لماذا هؤلاء لا احترام لهم؟ لماذا لا احترام لخيارهم السياسي الذي من أجله استشهدوا أو استعدوا للاستشهاد على أرض الوطن؟ أوليس هناك احترام لحريتهم، حرية الاختيار بغض النظر عن رأينا فيه، حرية واحترام هذا الخيار تتجسد هذا اليوم في من اختاروا هم، أي الحزب الشيوعي اللبناني، بغض النظر عن رأينا اليوم في هذا الحزب الأعرق بين الأحزاب اللبنانية والذي كان متجذراً في عمق ضمير الشعب اللبناني. ترى ماذا كان لسان حال أنور ياسين عندما نزل سلم الطائرة وسلم وعانق هذا الجمع من الرسميين ولم يعثر على أي رفيق له من مسؤولي الحزب الشيوعي. أليس هذا مؤذيا لمشاعر أنور الانسانية والعاطفية؟
نأمل أن لا يكون المقصود بذلك الاستمرار في إضفاء، عن قصد أو عن غير قصد، الطابع المذهبي والفئوي ليس فقط على المقاومة، بل على سلوك دولة المحاصصة والارتجال على كل المستويات. نأمل أن لا تكون هناك سباب أخرى «نجهلها».
نأمل أن يكون ذلك «سقط سهوا»!
انتصار يؤسس للانتصار!!
لقد كان إجبار العدو الصهيوني على القيام بعملية التبادل انتصاراً لحركة المقاومة الوطنية اللبنانية بكل ألوانها وفئاتها.. إنه انتصار، ويبقى انتصاراً، وإن كان صغيراً، لكنه يؤكد ويؤسس لاستمرار المقاومة كخيار وحيد لابديل له في مواجهة العدوان الصهيوني والغطرسة الإمبريالية الأمريكية بحق الشعوب..
وتبقى المقاومة هي القمة!..
■ كمال مراد
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
الأسير المحرر أنور ياسين مع أم عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار