الفشل الأمني الأمريكي في العراق وانعكاساته المختلفة
ماكان ليخطر ببال الرئيس بوش وفريقه أن احتلال قواته للعراق سيتحول إلى جحيم لايطاق. لقد أخذت تبرز بوضوح مظاهر الفشل الأمني على القوات الأمريكية بأشكال متعددة:
1. ازدياد حالات الانتحار بين الجنود الأمريكيين أو إيذاء أنفسهم بإطلاق النار على أجزاء من أجسامهم حتى يعادوا إلى وطنهم، مما ينعكس سلباً على معنويات الجنود الآخرين كافة، وأن ما لايقل عن ثلاثة عشر جندياً قد ماتوا انتحاراً، كما أن كثيراً من الجنود الأمريكيين المأذونين لا يعودون إلى العراق، وذكرنا ناطق عسكري أمريكي، أن ما لايقل عن 28 جندياً أمريكياً لم يعودوا إلى العراق بعد انتهاء إجازتهم.
2. كما أن الفشل الأمني ترك فراغاً سياسياً، إذ دفع عدداً من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي إلى مغادرة البلاد بعدما زادت التهديدات باستهداف حياتهم.
3. ومن مظاهر الفشل الأمني كذلك هي عدم الثقة بالشرطة العراقية التي عينتها قوات الاحتلال ودربتها. فرجال الشرطة بمدينة الفلوجة أصبحوا واقعين بين سندان الأمريكيين ومطرقة أهالي مدينة الفلوجة الغاضبين.
4. إن الفرقة 82 المحمولة جواً اتخذت من الفيلا التي يقطنها عدي صدام حسين مقراً لها، ولكن منذ أن استهدفتهم هجمات متعددة دامية لم يعد العسكريون الأمريكيون يغامرون بالتصدي للسيارات المفخخة. وقال أحد رجال الشرطة بعد كل هجوم على الأمريكيين يلزم جنودهم مقراتهم ساعات، حتى يأتوا برافعة لإجلاء العربات المحترقة.
5. دفعت الخسائر الأمريكية اليومية، الحاكم العراقي «بريمر» إلى الطلب من الجنود الأمريكيين أن يبادروا إلى إطلاق النار فوراً على بعض اللصوص، دون أن يأتي على ذكر رجال المقاومة. بينما كان وزير الدفاع رامسفيلد أصرح منه، حين قال: «إن قوات الولايات المتحدة ستستخدم عضلاتها للتأكد من أن الناس الذين يحاولون إيقاع الفوضى يوقفون أو يعتقلون أو يقتلون» ولكنه لم يفسر معنى الفوضى.
6. وعلى صعيد تصدير النفط عبر مصدر في وزارة النفط العراقية عن شكوكه في إمكانية ضخ النفط عبر الخط الشمالي الذي يمر من تركيا إلى البحر المتوسط، وقال: «لا أعتقد أن خط الأنابيب يمكنه العمل في المستقبل المنظور لأن أعمال «التخريب» أي تفجير أنابيب النفط لن يتوقف».
7. ومن نتائج الفشل الأمني انعكاسه سلباً على الشعب الأمريكي الذي أخذ يشعر بالخطر على حياة أبنائه الذين أرسلوا إلى العراق، وما تظاهر آلاف الأمريكيين يوم 25 تشرين الأول في العاصمة واشنطن ضد الحرب واتهام بوش بالكذب حين سوق مبررات للعدوان على العراق، إلا تعبير عن القلق الشديد.
8. لم يدر في خلد قوات الاحتلال الأمريكي البريطاني أنها ستواجه ظواهر حديثة، مثل جماعة مقتدى الصدر التي تتحدى قوات التحالف ومجلس الحكم ومعهم «الحوزة الشيعية» الصامتة والمتهمة بمهادنة الاحتلال وترفع شعار إخراج القوات الأمريكية سلمياً، وتشارك في مجلس الحكم الانتقالي وهذا يعد بداية تشقق صفوف الشيعة في الشارع.
خفض قوات الاحتلال
إن كل هذه الهواجس الأمنية دفعت واشنطن مرغمة إلى البحث عن حل للتقليل من خسائرها اليومية وتجلى هذا الحل:
■ بالضغط على العديد من البلدان ـ ترهيباً أو ترغيباً ـ لإرسال قوات عسكرية إلى العراق للحلول محل قواتها، في الوقوف وجهاً لوجه أمام المقاومة.
■ خفض عدد أفراد الجيش الأمريكي تدريجياً إلى 50 ألفاً على أن يبدأ الانسحاب بدءاً من الفصل الثاني عام 2004.