صراع النفوذ في اليمن: حبل الحل يلوح في الأفق

صراع النفوذ في اليمن: حبل الحل يلوح في الأفق

يتحرك المعنيون بالملف اليمني، من قوى دولية وإقليمية حالياً، باتجاه تنشيط المسار السياسي للأزمة، لكن في اتجاهات متباينة إلى حدٍّ ما، خصوصاً في ما يتعلق بمسألة الحكومة الجديدة المراد تشكيلها..

 

هذه هي نقطة الخلاف الظاهرة على السطح، والتي تتجلى في صلاحيات الرئيس، وتشكيلة الحكومة القادمة، لكن الخلافات الحقيقية، متعلقة بتحصيل النفوذ داخل اليمن في المرحلة المقبلة، وهو ما بدأ يظهر حتى قبل الشروع بتشكيل حكومة جديدة..

مبادرة تحسين الأوضاع

المبادرة الأساسية التي جال بها المبعوث الدولي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ، على الدول الـ18 المعنية بالملف اليمني، هي المبادرة الأكثر وزناً ودعماً بعد تبنيها الواسع، وتحريكها في الإقليم بيد وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري.

ولا تخرج هذه المبادرة، المسماة خارطة الطريق، عن سياقات قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بالأزمة اليمنية 2216، لكنها أكثر تفصيلاً. والأكثر جدلاً من بين التفاصيل، هي قضية تعيين نائب لرئيس الجمهورية، تؤول إليه صلاحيات الرئيس، عبد ربه منصور هادي، إضافة إلى فكرة تسليم الأسلحة الثقيلة لطرف ثالث يتم الاتفاق عليه.

جماعة «أنصار الله» وحلفاؤها، مصرون حتى الآن على إبعاد الرئيس هادي عن أي تفاهم سياسي، حتى في حال تعيين نائب له يتسلم صلاحياته، وهو موقف سياسي بسقوف عالية، من المرجح أنه ورقة ضغط أولية قبل الشروع بمفاوضات جديدة.

لكن جناح الرئيس هادي، الأكثر تضرراً من بين الأطراف اليمنية سياسياً، تحرك مؤخراً واستبق زيارة وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، إلى العاصمة العمانية، مسقط، وعرض رئيس الوزراء، أحمد بن دغر، عبر تصريح لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، على «أنصار الله» سلاماً بصيغة «لا غالب ولا مغلوب»، داعياً الجماعة للمشاركة في إدارة الفترة الانتقالية، إلى حين انتخاب رئيس جديد، مقابل انسحابهم من المدن وتسليم الأسلحة لطرف ثالث موثوق، والقبول ببقاء هادي إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية.

وتبدو عروض جناح الرئيس هادي هزيلة بالنظر إلى مستوى التنسيق الدولي فيما يخص مبادرة ولد الشيخ، لكنها محاولة لتعديل بعض البنود في المبادرة، وتحديداً فيما يخص الوضع المستقبلي للرئيس هادي.

الإمارات تصطدم بالسعودية

بالعودة إلى مسألة تحصيل النفوذ داخل اليمن بعد الاتفاق على الحل، فإن الموضوع يبدو معقداً في ظل تعدد الجهات التي شاركت عسكرياً واستخباراتياً وسياسياً طوال عمر الأزمة. والتعقيد في حسابات النفوذ والتحكم بإعادة ترتيب الوضع اليمني، وعلاقاته مع الخارج، يمكن أخذه بالنظر فقط إلى طموحات السعودية والإمارات في اليمن على سبيل المثال.

فعلى الرغم من تصدّر الجانبين للحملة العسكرية الكبيرة على اليمن، فإن محاولات الإقصاء لأطراف محسوبة على الجانب الإماراتي بدأت قبل الحديث عن نهاية عمليات «التحالف العربي»، وتحديداً في المنطقة الجنوبية، التي تشهد تنازعاً على النفوذ، ويحاول كل من الطرفين تثبيت العناصر اليمنية المدعومة من قبله في مراكز القرار العسكرية أو المدنية.

الضربة الأولى للإمارات جاءت بإقالة نائب الرئيس، خالد البحاح، فيما تستمر السعودية في دعم حزب «الإصلاح»، المحسوب على جماعة «الإخوان المسلمين»، والمعادي للإمارات تاريخياً، إضافة إلى تنازع الولاءات المستمر في تلك المنطقة على صعيد التعيينات. بالتالي، فإن مثل هذه الخلافات يمكن رصدها لاحقاً كنتاج لمرحلة طويلة من التدخلات الخارجية، عززها وسمح بها تأخير الحل السياسي، وتدخل قوات «التحالف العربي» بقيادة السعودية في الصراع الدائر في البلاد.