مولدافيا وبلغاريا تصوتان: لا لواشنطن..!

مولدافيا وبلغاريا تصوتان: لا لواشنطن..!

خرجت الانتخابات في كل من مولدافيا وبلغاريا ثقيلة على الاتحاد الأوروبي، حيث أن مرشحي البلدين، المحسوبين ببرامجهما الاقتصادية والسياسية على الاتحاد الأوروبي، والعلاقات مع واشنطن، قد مُنيا بهزيمة من العيار الثقيل. 

 

في مولدافيا، خسرت المرشحة، مايا ساندو، المتمسكة بالتكامل مع الاتحاد الأوروبي في الانتخابات الرئاسية، لمصلحة منافسها الاشتراكي، الذي تصفه القنوات الإعلامية بالقريب من روسيا، إيغور دودون، والذي وعد بأن تكون أول زيارة خارجية له لموسكو.

أما في بلغاريا، فقد خرجت مرشحة الحزب الحاكم، تسيتسكا تساتشيفا، المؤيدة للاتحاد الأوروبي، من السباق الانتخابي. وعلى الرغم من أن منصب رئيس الدولة، الذي ذهب لمصلحة الحزب الاشتراكي، هو منصب «شرفي» في بلغاريا، إلا أن النتائج تؤكد شعبية الحزب الاشتراكي البلغاري المقرب من روسيا، الذي استطاع أن يوصل مرشحه، رومن راديف، إلى رأس السلطة.

لماذا يتراجع المشروع الأمريكي في شرق القارة؟

تعد نتائج الانتخابات في بلغاريا ومولدافيا هزيمة قاسية ومزدوجة لفكرة التكامل والاتحاد حول برنامج الاتحاد الأوروبي الحالي في شرقي القارة.

أما العوامل التي أدت لتلك الاختيارات فهي، أولاً: فشل مشروع التنمية الأوروبي على مستوى دول محيط أوروبا، خاصة في شرقها، بما فيه في بلغاريا التي انخفض عدد سكانها بأكثر من مليوني نسمة، منذ دخول الاتحاد الأوروبي، وهاجر أكثر من مليونين بعدما أصبحت البلاد تطرد سكانها، بسبب سوء نسب النمو، بالرغم من أن 7،7 مليار يورو كانت قد حصلت عليها بلغاريا من الاتحاد الأوروبي، لكنها قد وجهت في قطاعات الخدمات، ولم يستفد منها الشعب البلغاري.

أما مولدافيا، فهي أقل اندماجاً بالغرب، وظلت القوى اليسارية تقاوم التكامل مع أوروبا على أساس المصلحة الأمريكية. فالدولة راوحت في العلاقات بين أوروبا وروسيا، حتى حسمت فيها الأمور، بحكم أن الرئيس المولدافي الجديد قد قرر الانضمام إلى الاتحاد الأوراسي.

وثانياً: الفراغ الناشئ عن التراجع الغربي العام الذي أصبح أمراً ملموساً، خاصة على مستوى الولايات المتحدة التي تستقبل الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، في أوائل العام المقبل، رئيساً جديداً للدولة التي عليها أن تواكب الموازين الجديدة في العالم.

ومن شأن ذلك أن يترك أثراً وفراغاً في وزن الاتحاد الأوروبي، الذي يبدو أن شعوب القارة قد قررت القفز منه، كما فعل البريطانيون، قبل أن يغرق. هذا عدا عن التكاليف الباهظة لعضوية الدول الأوروبية في حلف الناتو، والأحلاف والمشاريع الأخرى على المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية.

روسيا: الاتحاد الأوراسي هو البديل

إن معالم المشروع الأوراسي، والعمل الحالي للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، هي الخطوة المتقدمة التي تأتي كنتيجة لحسن قراءة الدول المنضوية فيه للمعطيات الدولية ولواقع التراجع الغربي.

وتساهم هذه المشاريع في تشكيل تجمعات سياسية واقتصادية بديلة عملياً عن الاتحاد الأوروبي، وارتباطاته الأمريكية، بهدف تسهيل عملية عودة الدول التي انسلخت من فضائها السياسي والاقتصادي في شرق القارة إلى هذا الفضاء، فاسحة المجال بهذا الاتحاد لتسهيل عملية انتصار القوى السياسية في شرق القارة، التي تريد الانفكاك من الاتحاد الأوروبي، ومن سياسة التقشف.