إسرائيل تغازل أذربيجان لضرب إيران
هل تسعى كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إلى إقامة علاقات إستراتيجية مع دول الجوار لإيران, وذلك بانتظار شن هجوم محتمل على طهران? لقد جاءت الإجابة الأكيدة على هذا التساؤل في الخامس عشر من شهر أيار الماضي, عبر الصحيفة الإسرائيلية يديعوت احرونوت, على ضوء التصريحات التي أدلى بها وزير البنيات التحتية الوطني بنيامين اليعازر, في المعهد الإسرائيلي للطاقة والنفط, اثر عودته من زيارة قام بها إلى باكو. حيث كان مما قال: «أذربيجان دولة مسلمة ذات أكثرية شيعية, وهي متاخمة لإيران. ونحن مهتمون بتقوية العلاقات معها. وقد حققنا مجموعة من النجاحات الهامة فيما يخص قضايا الطاقة, ومواضع اخرى كذلك». وكان يوحي من خلال ذلك إلى مناقشة بعض المسائل الآنية الساخنة مع الرئيس الهام اليي , وقريبه, الذي يشغل في الوقت نفسه منصب مدير المؤسسة النفطية الأذرية, والمقصود هنا ناتج اليي.
وتحتفظ إسرائيل منذ سنوات عديدة بعلاقات مميزة مع أذربيجان, البلد المعروف بانتهاكاته الكثيرة لحقوق الإنسان, واللجوء إلى استخدام القبضة الحديدية في تعامله مع المعارضة, بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي المتنامي, فإن بعض الشركات الإسرائيلية, المتخصصة في المجال الأمني, هي التي تقوم منذ مدة بالعمل على تدريب وحدات أذرية خاصة على استخدام التكنولوجيات الحديثة.
وكان اهتمام تل أبيب بأذربيجان, ومن خلفها واشنطن قد تصاعد متزامنا مع تفاقم الأزمة المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. فمن المعلوم أن مواجهة المشكلة تتم بشكل رسمي عبر الجلوس على موائد الدبلوماسية الدولية, في الوقت الذي تعمد فيه إسرائيل وأمريكا إلى العمل من خلف الستار على التحضير لشن هجوم محتمل على المفاعلات النووية الإيرانية وقد انتهى الأمر بالعاصمة الأذرية باكو، كي تحتل إحدى المراتب الأولى في قائمة الأوليات بالنسبة للأمريكان والإسرائيليين, وذلك منذ إن رفضت تركيا السماح باستخدام قواعدها الجوية من اجل تنفيذ الغزو الأمريكي - الانجليزي للعراق. رفض من المحتمل أن تكون قد كررته في حال شنت غارات جوية على إيران. وان كان بالإمكان استخدام قواعد أذرية, فسيعمل ذلك بكل تأكيد على حل أي من المشاكل التي ستواجه أمريكا وإسرائيل, بحيث تتم عملية تسهيل إقلاع الطائرات المطاردة القاذفة من مرابض لها تكون قريبة من الأرض الإيرانية.
وأكدت يديعوت احرونوت في تقريرها الخاص بزيارة بن اليعازر إلى باكو, على أن أذربيجان, بالرغم من امتلاكها لموارد طاقية ضخمة بحيث تسمح لها بالتصدير, إلا أنها تبقى دولة فقيرة بحاجة إلى المزيد من الاستثمارات الخارجية, كي تستطيع تأمين مستويات تطور ذات دلالة. وعليه, فإن من الممكن أن يكون التعاون الاقتصادي بمثابة المفتاح الصحيح لمسألة إقناع الزعماء الأذريين لعمل ما هو أكثر في مجال التعاون العسكري. وكما هو معروف, فإن من أكثر الممرات الطاقية في العالم, هي المتمثلة في أنبوبي النفط والغاز, باكو - تبليزي - شيهان (المسيطر عليهما من قبل شركة بريتيش بيتروليوم BP). وإسرائيل هي شريك قوي فيما يخص خط باكو - شيهان, الذي من المقدر له أن يكون مرتبطا في نهاية المطاف, بالموانئ وخطوط أنابيب النفط العائدة للدولة العبرية. وفي حقيقة الأمر, فإن المسافة ما بين شيهان وميناء عسقلان, القائم على البحر المتوسط لا تتعدى 400 كيلومتراً. وتتطلع إسرائيل في اللحظة التي يصل معها النفط إلى عسقلان, إلى أن يكون باستطاعتها العمل على ضخه عبر أنبوب نفطي (هو ممدود أصلاً) وصولا إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر, ليصار إلى شحنه من هناك إلى الهند, ولمختلف البلدان الآسيوية. ويتم في أثناء ذلك إقامة تحالفات عسكرية هامة بين مجموعة الشركاء. وعلى ما يبدو, فإن طهران كانت قد أدركت الغاية من هذه الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية, المنجزة أو هي في طريقها إلى الانجاز, مما جعلها ترد على ذلك من خلال كيل الكثير من التهم. وقبل عدة أيام, كان السفير الإيراني لدى أذربيجان, أفشر سليماني, قد صرح قائلا إن من مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل العمل على تصعيد حدة التوتر في إيران, ما بين الأكثرية الفارسية, والأقلية الأذرية, وذلك في إشارة واضحة للاحتجاجات التي اندلعت مؤخرا في تبريز, المدينة الرئيسية في أذربيجان الإيراني. وتذكر إيران أنها لن تبقى مكتوفة الأيدي, في حال تم العمل على توريط باكو في الخلافات الدائرة حول البرنامج النووي.