دردشات كلهم مجرمون
اعتداءات إسرائيل ومجازرها الوحشية ضد الشعب العربي الفلسطيني، لا تهدأ ولا تستكين. تمارسها بعنجهية وصلف، مستهترة بكل الشرائع الدولية، والقيم الأخلاقية، كأنها في حرب إبادة جماعية، والشعب الفلسطيني، يقدم الشهداء والجرحى والأسرى دون حساب، وهو يعصب الجرح بالملح، ويعاني مرارة الحصار والتجويع والحرمان، من أجل استمرار مقاومته الباسلة إلى أن تحقق إزالة نير الاحتلال الصهيوني في أراضيها.
أما القادة العرب، فيكذب من يقول بأنهم صامتون دائماً صمت القبور. لأن ماكينة تصاريحهم وبياناتهم، تهدر أحياناً بجعجعة الاستنكار والإدانات البالية، ذراً للرماد في العيون، وتبرئة ذمة أمام شعوبهم. في حين تقتضي الضرورة الوطنية إلى توجيه الإدانات والعداء بأكثر من إسرائيل، إلى من يقف وراءها ويبرر عدوانها وجرائمها.
إن إسرائيل تشكلت من لملة يهود من عشرات الدول والقويمات، قامت على التقتيل والعنف والإبادة، بحق العرب من سكان فلسطين الأصليين، وشردتهم في مختلف أصقاع العالم، فأصبح التقتيل والإجرام والعنف، من مبررات وجودها. فأية إدانة تنفع معها، خاصة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي نصير الشعوب، وفي عصر وحدانية القطب الأمريكي على العالم؟
إن الدول الغربية وفي مقدمتهم الإمبريالية الأمريكية، التي تؤيد جرائم إسرائيل وتغطيها في المحافل الدولية، وتدعمها بالمال والسلاح، هي أكثر إجراماً من إسرائيل بحق الشعب العربي الفلسطيني. والأكثر إجراماً من أمريكا وإسرائيل، هم القادة العرب الذين ساروا في طريق التطبيع العلني مع إسرائيل، وعلى رأسهم، وريث الخيانة وسمسار أمريكا الكبير في المنطقة، ومن ثم سليل الخيانة العربية المعروف. والأكثر إجراماً من هؤلاء جميعاً، هم القادة العرب الذين يتشدقون بشعارات الوطنية والقومية، ويمدون أيديهم من تحت الطاولة لإسرائيل.. إن جميع هؤلاء يبررون جرائم إسرائيل.
لذا فقضية فلسطين، التي قيل عنها مركزية بالنسبة للعرب، جرى التخلي عنها، وأوكل أمرها إلى أصحابها الفلسطينيين. والتضامن العربي، غرق في بحر المصالح الأنانية والذاتية للحكام العرب. والدفاع المشترك المنصوص عنه في ميثاق الجامعة العربية، اهترأ بالتآكل والصدأ. ومؤثرات القمة العربية يخيم عليها طيف أمريكا الذي يحول دون اتخاذها قرارات صريحة جريئة مصالح الشعب العربي الفلسطيني ضد إسرائيل.
وهكذا يكون كل القادة العرب، المطبعين مع إسرائيل علناً أو سراً، والمتاجرين معها، بالإضافة إلى أمريكا، هم شركاء حقيقيين لإسرائيل في جرائمها واعتداءاتها على الشعب العربي الفلسطيني، لأنهم بمواقفهم الخيانية، يشرعنون جرائم إسرائيل.
قبل نصف قرن قال الشاعر العربي الكبير عمر أبو ريشة:
لا يلام الذئب في عدوانه
إن يك الراعي عدو الغنم
من هنا يبدو جلياً للشعوب العربية المغلوب على أمرها بأحكام وحكام قمعيين، بأن حل قضية فلسطين، أنيطت بها أكثر من أي وقت مضى، وتمر عبر معاداة الإمبريالية الأمريكية، ومعاقبة قادة دول التطبيع العلني والسري على حد سواء.
وألف تحية للمقاومة الفلسطينية الباسلة، التي تشكل مع سائر المقاومات في المنطقة، رأس رمح ضد المخطط الأمريكي للسيطرة على العالم.