في مواجهة الإرهاب الصهيوني والسلاح الأمريكي.. الانتفاضة تثأر لشهدائها: العمليات الاستشهادية تهز "إسرائيل" الصهيونية

يوم 29/11/2001 تحول مطار بن غوريون على غرفة عمليات عسكرية حيث عقد شارون اجتماعاً مطولاً مع وزير حربه ورئيس أركانه وقادة أجهزة الأمن الإسرائيلية، قبل أن يتوجه إلى واشنطن.

وكل ما رشح عن ذلك الاجتماع "أن شارون أعطى تعليماته بتصعيد أعمال الجيش الإسرائيلي ضد الانتفاضة الفلسطينية ومتابعة سياسة اغتيال قادتها الميدانيين وكادرها السياسي بغض النظر عن الفصيل الفلسطيني الذي ينتمون إليه"!!

مباحثات "صفة الإرهاب"
وكان من المقرر أن يعقد شارون يومي 3و4 من الشهر الجاري مباحثات مع الرئيس الأمريكي جورج بوش، كان البيت الأبيض قد استبقها بتصريحات تؤيد توجهات شارون الاستراتيجية والحرب على الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة الوطنية اللبنانية والإعلان عن قائمة جديدة تتضمن إعلان "صفة الإرهاب" على مجموعة من الفصائل الفلسطينية داخل الوطن وفي الشتات، رغم كل التهافت الذي أظهرته بعض الأنظمة العربية لإرضاء واشنطن وتنفيذاً لطلباتها ومنها إعلان التبرؤ من دعم الانتفاضة أو مساندة شعب فلسطين والمقاومة الوطنية اللبنانية والسورية.

إرغام شارون على قطع الزيارة
لقد توهم شارون بأن إعطاء التعليمات لأركان حربه قبل صعوده الطائرة إلى واشنطن بتصعيد الحرب على الانتفاضة واغتيال قادتها، قد يخيف المقاومين الفلسطينيين البواسل ويضمن نجاح زيارته حتى قبل أن تبدأ.
لكن شارون كأي إرهابي ومجرم حرب تناسى أن شبان الانتفاضة وقادتها الميدانيين قد أقسموا على التمسك بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي مهما كانت التضحيات. فالهدف المقدس للانتفاضة هو تحرير الأرض من قيود الغزاة والوصول إلى حق العودة وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس...

عرب أمريكا يتجرعون الإهانة
وإذا كانت معظم الأنظمة العربية لم تتجرأ على رد الإهانة التي وجهها كولن باول للعرب جميعاً عندما وصف الانتفاضة بـ "الإرهاب" وطالب بوقفها، فإن شبان الانتفاضة البواسل قرروا رد الإهانة إلى نحر قائلها، متمسكين بواجب المقاومة لأن كل المبررات الوطنية لوجودها ما زالت قائمة. فالاحتلال ما زال قائماً وحكومة شارون تمارس سياسة إرهاب الدولة وسياسة الأرض المحروقة وكل أنواع الحصار والتوسع وتتحالف مع الإمبريالية الأمريكية وتغتال خيرة القيادات والمناضلين بالأسلحة الأمريكية، لذلك لم يعد أمام الانتفاضة إلا المواجهة رغم عدم التكافؤ في موازين القوى، إلا في إرادة الاستشهاد من اجل الحرية ورسم خريطة فلسطين حتى ولو بدماء الشهداء في مواجهة التحالف الصهيوني ـ الإمبريالي وكل قوى العولمة...

وعود شارون تتهاوى..
مع وصول شارون إلى أمريكا صرح "بأنه اكتشف الطريقة المناسبة لإخماد الانتفاضة وجلب الأمن للإسرائيليين" وأكد بأنه لن يقبل بعودة المفاوضات مع الفلسطينيين "إلا بعد هدوء مطلق لمدة سبعة أيام من جانب الفلسطينيين"، لكن شارون لم يستطع البقاء في زيارته إلا لثلاثة أيام من أصل خمسة واضطر للعودة واضطر البيت الأبيض أيضاً لتقديم موعد لقاء شارون مع الرئيس جورج بوش، لكنهما امتنعا عن التصريح للصحفيين عما دار من مباحثات بينهما.
وهنا يجب التأكيد إلى الذين ترتعد فرائصهم من الرد العسكري لشارون على العمليات الاستشهادية في  القدس وحيفا أن شارون وحكومته ماضون في سياسة الإبادة والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني حتى ولو لم تقع أية عملية استشهادية ضد الاحتلال، فالبرنامج التوسعي لشارون وطغمته العسكرية لا تعوزه المبررات والحجج لمتابعة سياسة المجازر ضد الشعب الفلسطيني
ويكفي التذكير أن رد شارون على إعلان السلطة الفلسطينية عن وقف إطلاق النار من جانب  واحد كان اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى وثلاثة عشر من خيرة القادة الميدانيين ونشطاء الانتفاضة...
فالعمليات الاستشهادية الجديدة لم تظهر فقط عجز حكومة شارون عن إخماد الانتفاضة ، بل أظهرت عجزه عن تأمين الأمن للتجمع الاستيطاني ـ الصهيوني رغم كل ما تمتلكه إسرائيل الصهيونية من أسلحة دمار شامل وتقليدية وأجهزة تجسس وتقنيات ترصد المقاومين للاحتلال.. وهذا ما جعل بعض المحللين السياسيين يتوقع رحيل شارون وسقوط حكومته دون أن يتمكن من إخماد الانتفاضة، لأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأقل من إعادة حقوقه الوطنية المشروعة في الاستقلال وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

فشل الرهان على حياد أمريكا..
إذا كان بعض العرب قد هلل وزين "إطروحة" كولن باول وشمعون بيريز حول فكرة إقامة الدول الفلسطينية ـ ولكن بدون فلسطين ـ فإن جماهير الشعب الفلسطيني ترفض المؤامرة الأمريكية ـ الصهيونية الجديدة التي تتحدث عن دولة ما للفلسطينيين "منزوعة السلاح، بلا حدود، بلا سيادة، بلا اقتصاد،  بلا اتصال مع محيطها العربي، وبدون القدس مع بقاء كتل المستوطنات اليهودية داخلها مع إغفال حق العودة للاجئين في حين تتحدث حكومة شارون عن مخطط جلب مليون مهاجر يهودي  في السنوات العشر القادمة...
كذلك لم تعد هناك أية أوهام لدى جماهير الشعب الفلسطيني حول حياد أمريكا في الصراع العربي ـ الصهيوني. فمثلما تطلب إسرائيل من السلطة الفلسطينية وقف الانتفاضة واعتقال قادتها، كذلك تطلب أمريكا من الحكام العرب "إن شرط التبرؤ من الإرهاب وتبعاته هو التنصل الصريح من مسؤوليتهم عن دعم الانتفاضة!!! لقد سقطت جميع الأقنعة عن طبيعة التحالف الصهيوني ـ الأمريكي ضد شعوب المنطقة  وضد العرب بوجه خاص . وبحجم مخاطر ذلك التحالف يجب أن يكون الرد من جانب جماهير حركة التحرر العربية لأن "الإرهاب  صهيوني والسلاح أمريكي" ولا شفاعة لمن يراهن على حياد أمريكا أو على "وجود خلافات" بين شمعون بيريز وأرئيل شارون"!