واهم من يعتقد بأنه يمكن إركاع سورية!

«الرئيس الأمريكي يريد الحرب، لا العدالة»!. هكذا بالحرف جاء عنوان المقال الافتتاحي في صحيفة «الأندبندت» البريطانية منتقدة هوس الرئيس الأمريكي جورج بوش بخيار الحرب ضد كل من يقاوم أو يعيق نهج العنجهية الأمريكية على العالم، ففي العشرين من هذا الشهر أعلن بوش عن عقيدة عسكرية جديدة عدوانية خالية حتى من اية دبلوماسية، ألا وهي «خيار الضربة الاستباقية ضد أي دولة في العالم قد تشكل الآن أو في المستقبل خطراً على الولايات المتحدة»!!

إن إعلان أمريكا عن عقيدة عسكرية جديدة هو انعكاس في نهاية المطاف لأزمتها الاقتصادية المستعصية التي تنذر بأفول نجمها كأقصر الإمبراطوريات الشمولية عمراً في تاريخ البشرية. وهذا ما يؤكده تآكل فوائض القوة التخيلية ـ الأمريكية الرامية إلى فرض النموذج الأمريكي على العالم أجمع.

 ومن هنا فإن ما يسمى بـ «قانون محاسبة سورية» لم يأت خارج سياق الحملة الأمريكية على الشعوب، ولامن خارج الخيار العسكري الأمريكي ضد العديد من دول العالم ضمن سلسلة من الأولويات المنوي إنجازها في القريب المنظور والمستقبل المتوسط. فحين أفصح جورج بوش قبل عام أنه سيخوض «حرباً صليبية» ضد أعداء أمريكا لم يزل به اللسان، بل جاء السلوك الأمريكي اللاحق يؤكد بأن الإدارة الأمريكية الآن بدأت فعلاً حرباً صليبية عنصرية ضد الشعوب، خصوصاً إذا ما أدركنا أن الصهيونية العالمية ـ ممثلة بحكومة شارون ـ تلعب دور الشريك المقرر في الحملة الأمريكية المعادية للشعوب قاطبة من أفغانستان حتى أمريكا اللاتينية مروراً بالعالم العربي  الذي له النصيب الأكبر من  المخططات العدوانية المباشرة وليس أقلها ضرب العراق والعدوان على سورية ولبنان وصولاً إلى تغيير لون الخرائط في المنطقة دون أن يُستثنى من ذلك «صديق أو حليف» واهم بديمومة المظلة الأمريكية فوق رأسه.

 من نافل القول أن دولة خارجة عن القانون الدولي وأول منتهكة له مثل الولايات المتحدة التي قامت أصلاً على إبادة الهنود الحمر وقتل ثمانية ملايين إنسان في حروبها ضد الشعوب، لايحق لها أن تحاسب أحداً، بل إنها مدينة للبشرية جمعاء بالدم إلى  يوم الدين. ومن نافل القول أيضاً أن أمريكا وعقلية رعاة البقر التي تتحكم بدوائر اتخاذ القرار فيها، تجهل أو تتجاهل تاريخ سورية الوطني وسجلها في مقاومة الضغوط والمؤامرات التي سبق للدوائر الاستعمارية ـ الإمبريالية ـ الصهيونية أن مارستها ضدها ومازال شعب سورية يحفظ تاريخ أسلافه الميامين في مقاومة العدوان ولديه من ثقافة الاستشهاد والاستعداد لممارسة هذه الثقافة الآن ما يكفي لردع العدوان ومقاومة جميع أشكال الابتزاز الأمريكي الصهيوني رغم الفارق في العدة والعدد.. ولذلك فلتسن أمريكا ما هو معهود منها من قوانين تتناقض وابسط مفاهيم القانون الدولي والحضارة الإنسانية، لأن الشعب السوري، وكما قد سبق لأحد ممثلي قادة العالم الرأسمالي، الجنرال ديغول، أن وصفه بعبارته الشهيرة: «واهم من يعتقد بإمكانية إركاع سورية»!..

 مثلما يؤكد الشعب الفلسطيني كل يوم بأنه القادر على حصار من يحاصره من الصهاينة، فإن سورية قادرة كذلك على التمسك بخيار المقاومة الشاملة الذي لا خيار لنا سواه لمواجهة الهجمة الأمريكية ـ الصهيونية على البشرية جمعاء. ونحن في سورية سيكون لنا شرف الدفاع عن الوطن حتى الاستشهاد. ولهذا لن تزيدنا حملة الكراهية الأمريكية ضد سورية إلا صموداً عبر تعزيز الوحدة الوطنية الشاملة وإعلاء دور المواطن والجماهير الشعبية في المواجهة الراهنة والمستقبلية.

 فمن يتجاهل منطق التاريخ ودور الشعوب، سيكون مصيره كمن سبقه من الطغاة والإمبراطوريات التي آلت إلى زوال.