النفط يقطر دماً!! شعوب العالم تحاكم أمريكا كمجرم حرب

أثبت تقريرا هانس بليكس ومحمد البرادعي في جلسة مجلس الأمن يوم 14 شباط، خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل. كما أثبتت تلك الجلسة الفريدة أن أكثرية أعضاء مجلس الأمن تصفع واشنطن ولندن، وتؤيد المضي في عمليات التفتيش وإعطاء المفتشين المهلة الكافية لإنجاز مهامهم بعيداً عن ضرب طبول الحرب ومنطق الهيمنة على الأمم المتحدة وشعوب العالم قاطبة.

وهكذا وللمرة الأولى منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء صيغة الحرب الباردة تعجز أمريكا عن تسخير مجلس الأمن لإضفاء مشروعية على عدوانها المبيت ضد شعب العراق، يكون مدخلاً للهيمنة الأمريكية المطلقة على الشرقين الأدنى والأوسط والتحكم بما عليهما وما فيهما من ثروات عل ذلك يساعد أمريكا في الخروج من أزمتها الاقتصادية العميقة ويساعدها كذلك في معركة التنافس على اقتسام النفوذ والثروة مع غيرها من التكتلات السياسية والاقتصاديةالأخرى.

مشروع مجرم حرب

وهكذا تحول مجلس الأمن للمرة الأولى إلى ما يشبه المحكمة الدولية لمحاسبة الإدارة  الأمريكية وتابعها البريطاني وكأنهما «مشروع مجرم حرب»، خرج ويخرج على شرعة حقوق الإنسان، وميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وليس صدفة أن يحدث توافق فرنسي ـ روسي ـ ألماني ـ سوري ـ مكسيكي ـ باكستاني ـ أنغولي ـ غيني ـ  كاميروني ـ يعزل كولن باول وجاك سترو ويجعلهما في قفص الاتهام وبالسير نحو الحرب بعكس إرادة المجتمع الدولي وبالتعارض المطلق مع مصالح شعوب العالم...

خطاب الشرع كان الأوضح

في الوقت الذي غاب فيه عن ألسنة الخطباء في مجلس الأمن ما يجري على أرض فلسطين من مذابح يومية تنفذها حكومة السفاح شارون، كان وزير خارجية سورية فاروق الشرع الوحيد الذي أعاد الربط السياسي بين الحرب الأمريكية الجديدة المتوقعة بأية لحظة ضد الشعب العراقي وبين الحرب الإسرائيلية الدائمة والمدعومة أمريكياً ضد شعب فلسطين.

كما كان الوزير الشرع  الوحيد بين الخطباء، والذي أدان صراحة سياسة المعايير المزدوجة التي تتبعها الإدارة الأمريكية إزاء قضية الشرق الأوسط، حيث قال: «إن من يعطل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بالعدوان الإسرائيلي المفتوح على الأمة العربية هو نفسه الذي يحاول الآن تسخير مجلس الأمن لتشريع عدوان على الأمة العربية عبر العراق..» كما أظهر الوزير الشرع وبوضوح أن سورية ومعها الجماهير العربية ترفض الحرب وطالب بضرورة تطبيق القرارات الدولية بحظر أسلحة الدمار الشامل على الكيان الصهيوني الذي يجاهر علناً بامتلاكه لجميع أنواع أسلحة التدمير الشامل ويهدد باستخدامها مستفيداً من الحماية الأمريكية الدائمة له.

من مجلس الأمن إلى شوارع العالم

في اليوم التالي لجلسة مجلس الأمن والاستماع إلى تقريري بليكس والبرادعي كان الرأي العام العالمي على موعد مع يوم الملايين ضد أمريكا وضد حروبها المعلنة و المتوقعة وضد عولمتها الوحشية. وليس هناك أعمق دلالة على إدانة العقلية الشريرة والفاشية ـ الكونية، التي تتحكم بصانعي القرار في البيت الأبيض من الشعارات نفسها التي رددتها عشرات الملايين من البشر في شوارع العالم وبلغات تتجاوز المئة لغة، وأبرز هذه الشعارات هي مع أسماء المدن التي قيلت فيها:

■ النفط يقطر دماً! سيدني + نيويورك.

■ هذه الحرب ليست باسمنا! لندن

■ أمريكا + بريطانيا «مشروع مجرم حرب»! باريس

■ محور الشر يمر عبر البنتاغون ، روما!

■ لا شيء يبرر الحرب ـ بانكوك!

■ لا للحرب مقابل النفط ـ أمستردام!

■ شرودر ليس جندياً لدى بوش ـ برلين!

■ الديمقراطية لا تنتقل بواسطة القنابل ـ جنيف!

■ ماذا تريدون؟ سلام. متى؟ =الآن ـ نيويورك!

■ اليوم العراق وغداً من ؟ دمشق

■ لا خيار إلا المقاومة.. دمشق.

■ النظام العربي مهزوم والشارع صوته خافت!!

إن نظرتنا للنظام الرسمي العربي تنطلق من المثل الشعبي «فالج لا تعالج» فمن يهن يسهل الهوان عليه، فكيف نطلب من النظام الرسمي العربي مواجهة العدوان ونحن نعلم أن معظم الحكام العرب صمتوا وساهموا فيما وصلت إليه مأساة شعب فلسطين، و كيف نطلب شيئاً من الحكام الذين يتوسلون الحلول من البيت الأبيض الذي أعطى شهادة للسفاح شارون بأنه رجل سلام!! ألا يكفي كل هذا حتى نوقف خداع الذات ونقلع عن المراهنة على النظام الرسمي العربي القابل بوجود 13 قاعدة عسكرية أمريكية تتوزع بين دول المشرق والمغرب والخليج ومدخل القرن الأفريقي، ناهيك عن المياه والأجواء العربية ا لمستباحة بحاملات الطائرات والبوارج وطائرات التجسس التي لاتغيب عن أجوائه.. النظام المصري يدعو لقمة طارئة في شرم الشيخ ويأمر أربعة آلاف شرطي لمحاصرة ألف متظاهر في حي السيدة زينب في القاهرة، ووزراء الخارجية العرب التقوا في القاهرة بعد جهد جهيد واتفقوا على ألا يتفقوا!! ولا بأس أن نذكر عشية القمة التي دعا إليها مبارك، أن شارون اجتاح الأراضي الفلسطينية 29 آذار 2002 عشية قمة بيروت التي تبنت ما يسمى «بمبادرة السلام»!

أيها الشارع العربي ...

العراق في خطر!!

لولا مظاهرات دمشق وحلب وبيروت لقلنا إن الشارع العربي لا يختلف كثيراً عن النظام الرسمي العربي ـ مع كل إدراكنا ورفضنا لما يواجهه الشارع العربي والجماهير العربية من قمع وبطش وغياب للحريات وانتزاع السياسة من المجتمع على أيدي جلادي الأنظمة العربية، فإن الوطن ووجودنا كشعوب في خطر الآن جراء ما تخططه الإمبريالية والصهيونية من عدوان يبدأ بالعراق ولا ينتهي عنده أبداً... ومن هنا ليس أمامنا كجماهير إلا خيار المقاومة وردع العدوان وهذا سيساعد  الجماهير على التخلص من جلاديها... لا أحد معجب بالنظام الدموي في العراق، لكن العراق وشعبه بعربه وكرده، بسنته وشيعته ومسيحييه وسائر الملل والنحل مهدد بالقتل الجماعي، أما النظام ومستقبله فهو متروك للشعب العراقي الذي سيختار البديل بإرادته وليس على صهوة الدبابة الأمريكية..

وإذا كانت جماهير هولندا هتفت في يوم الملايين: «أغرقوا بوش في نفطه» فإن واجبنا كجماهير يزيد عددنا على 280 مليون النزول إلى الشوارع ليس لاستقبال الجنود الأمريكيين والبريطانيين ومن معهم بالورد والأرز ـ كما فعل البعض ـ  وإنما بالرصاص والعبوات الناسفة وآلاف الاستشهاديين ولن نهرب من المواجهة ولن ندفن سلاحنا  بالتراب، وإنما سندفن الغزاة في التراب إن هم فكروا بغزو أرضنا... وتبقى المقاومة هي القمة....!؟

■ حمزة منذر

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.