11 أيلول: صدام بين نهجين للهيمنة العالمية أحداث كبرى لم تقع بعد في الولايات المتحدة الأمريكية
■ ثروة أغنى 3 أشخاص = ثروة 48 بلداً فقيراً
■ يُفرض على العالم تدمير ذاتي لاقتصاده
■ محكمة لاهاي وغوانتانامو جزء من آلة القمع العالمية
■ القوة الضاربة للنظام العالمي الجديد نحو 500 شخصاً فقط!!
■ C.I.A والموساد تحكمتا بالقاعدة وطالبان
■ السلطة هي بضاعة يجب أن تكون بحوزة من يمتلك أكثر
■ لقد اختاروا طريقاً غير أخلاقي لحل الأزمة
■ من تقرر له مصير الفناء سيلجأ الى الحلول القصوى
أجرت صحيفة «روسيا السوفييتية» في عددها الصادر في 1/ تموز 2002 لقاءً مع اللواء إيفاشوف رئيس أركان سابق للجيش الروسي نائب رئيس الأكاديمية الجيوسياسية، ننشر مقتطفات منه:
■■ قمة الكريملين تشد روسيا بما يسمى المجتمع الدولي، والوضع هناك غير مناسب وشعورنا أن الوضع يتجه نحو ازدياد الفوضى في العالم ـ نحو انهيار القواعد العالمية المتراكمة حول قواعد العلاقات الدولية المتبادلة، كما يزداد الطابع الإجرامي للسياسة الدولية، فماسبب ذلك؟
■■ قبل كل شيء هو تمركز الثروة في قطب والفقر في قطب آخر، فحسب معطيات الأمم المتحدة، يملك ثلاثة أشخاص الأكثر غنى في العالم ثروة تعادل الدخل الوطني لـ48 بلداً فقيراً، كما أن عائلات 360 ملياردير تملك، كما يملك 3.2 مليار إنسان في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهذه العائلات هي التي تتحكم بالاقتصاد العالمي وتمارس سلطة عالمية غير معلنة الاسم.
إن التناسب بين دخول الـ 20% الأفقر في العالم والـ 20% الأغنى لأول مرة وصل في تاريخ البشرية إلى الرقم 1 ـ 75….. وببساطة يشتد النهب للبلدان الواقعة خارج إطار المليار الذهبي.
■■ لكن يبدو أنه ليس هناك أي نهب رغم أن اللامساواة تزداد كثيراً. فماهي الآليات التي يجري اتباعها في ذلك؟
■■ يحاول الغرب شرعنة هذا النهب عبر فكرة العولمة، وفرض أفكار الليبرالية الجديدة على العالم، كما يجري الإخضاع المبرمج لمعظم البلدان لمصالح الطغمة المالية العالمية أي «مصالح المافيا» عبر الروافع الاقتصادية المالية حيث تجري إدارة العمليات السياسية والاجتماعية في هذه البلدان.
ورغم ما تدعيه حول الحفاظ على سيادتها، فإن هذه البلدان يفرض عليها أن تدمر ذاتياً نموذجها الاقتصادي، وفي الوقت ذاته تجري محاولات المقاومة المنظمة لهذه الأفكار، إن النخبة… العالمية تقوم بصنع مجتمع تراتبي موحد الشكل على الأرض يشبه معتقلاً عالمياً «حضارياً»، مع كل نظام إدارة ومؤسسات تحدد أشكال التصرف وأدوات القمع ممثلة بالقوات المسلحة الأمريكية والناتو والمجهزة بجهاز عالمي قوي، ولهذا الجهاز العالمي محاكمه الخاصة «محكمة لاهاي» وسجونه الخاصة «غوانتانامو» وستكون القوة الضاربة لهذا النظام شريحة مقلصة من الرأسماليين الكبار لا يتجاوز عددهم ما بين 500 ـ 600 شخص في العالم.
■■ إذا كان الأمر كذلك، فأين هو موقع المنظمات الإرهابية وشركات الاتجار بالمخدرات وتجار السلاح وشبكة بنوك غسل الأموال القذرة؟ فهؤلاء جميعاً يملكون قوة اقتصادية كبيرة جداً.
■■ من المنطق أن يُدخل هؤلاء في هذه اللوحة رد الفعل المباشر على ذلك هو حركتا طالبان والقاعدة اللتان أنشأتهما المخابرات المركزية الأمريكية، والمخابرات الباكستانية والموساد. فهذه المنظمات كان يوجهها بشكل وثيق ومباشر الأجهزة الاستخباراتية التي أشرنا إليها.
ولكن بعد أحداث 11 أيلول 2001 تحولت هذه المنظمات إلى قوة احتياطية، ومع ذلك تُرى: من يقف وراء أحداث 11 أيلول؟ أعتقد أن نيويورك أصبحت ضحية لا لأسامة بن لادن بل ضحية الصدام بين مجموعتين قويتين وبين نهجين متباينين للهيمنة العالمية، إحداهما إدارة بوش والقوى التي تقف وراء ذلك النهج.
أما المجموعة الاخرى فهي الطغمة المالية مافوق القومية. فالمجموعة الأولى ـ النظام الذي يقف خلفه يقول كما نعتقد بأن على الولايات المتحدة أن تقف على رأس العالم كدولة مسيطرة، في حين أن الشركات ما فوق القومية سيكون دورها وفق رؤية المجموعة الأولى فقط المساعدة في ذلك ـ أي الهيمنة ـ أما المجموعة الثانية فترى أن يقود أثرياء العالم، ألا وهم الشركات مافوق القومية، وأدوات التمويل العالمية الذين جمعوا الرساميل حسب العمليات المالية الافتراضية وفي هذه الحالة، على الولايات المتحدة أن تتحول إلى أداة قاطرة تستطيع أن تكسر جميع الحواجز الحدودية وأن تقضي على أية مقاومة وتتابع طريق السيطرة العالمية.
إن مدير مركز العلوم الإنسانية التابع لجامعة موسكو يوري أوسيبوف يتحدث عن وجود أكثر من منظمة مافيوية ذات طابع تآمري تحل الآن محل الدولة، ولتأمين الأساس العلمي الأيديولوجي لمثل هذه العمليات نلاحظ أن مجلس السياسة الدولية في الولايات المتحدة خلق المعادلة التي تقول: السلطة هي بضاعة، وحتى أغلى شيء وأقدس شيء يمكن أن يكون بضاعة، وهذا يعني أن البضاعة يجب أن تكون في حوزة الناس القادرين في الكرة الأرضية.
■■ كيف يتطور الصراع والتناقض بين هذه الاتجاهات؟
■■ إن أول صدام جرى بين هذه الاتجاهات برز خلال سير الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة، حيث انتصر فريق جورج بوش الصغير.
وهنا أتت أحداث 11 أيلول 2001 كخطوة جوابية لخصوم بوش، وإذا كان شارون أصبح لا يستمع إلى واشنطن الرسمية، فهذا يؤكد بأنه يلعب مع الفريق الآخر، معتمداً على قوى هائلة كما يعتمد الرئيس الأمريكي على قوى أخرى، وهذا يوحي بأن أحداثاً كبرى لم تقع بعد في الولايات المتحدة نفسها.
■■ لكن العالم الذي يزيد على 4 مليارات إنسان، لن يقبل باستمرار هذا النهب.
■■ طبعاً فإن العالم لن يقبل بقواعد اللعبة الموضوعة في واشنطن ونيويورك. إن الطغمة المشوهة والتي تسيطر على 80% من مجمل الإنتاج العالمي في الكرة الأرضية لا ترغب في فقدان موقعها، لكن الوضع لا يتراكم في صالحها. فهناك الازدياد الكبير للسكان على الأرض وتنمو بسرعة الصين والهند وإيران وبلدان جنوب شرقي أسيا كما ويزداد مستوى احتياجات هذه البلدان. وفي الوقت ذاته تنخفض موارد الكرة الأرضية. فالاستراتيجية المعلنة للأمن القومي الأمريكي للقرن الواحد والعشرين والواضحة في تقرير مجلس الأمن القومي الأمريكي وأبحاث الاقتصاديين الأمريكان يجري التركيز على ثلاث مسائل رئيسية ستواجهها الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت القريب:
1. ازدياد النمو السكاني في الكرة الأرضية.
2. مضاعفة معدل الاحتياجات «خاصة في مجال موارد الطاقة» بالنسبة لبلدان العالم الثالث.
3. انخفاض موارد الكرة الأرضية.
إن الولايات المتحدة الأمريكية والرأسمال ما فوق القومي من الواضح أنهما غير جاهزين لاقتسام مستوى استهلاكهم مع أحد واختاروا طريقاً لا أخلاقياً لحل هذه المسائل.
وجوهر هذه الطريق اللاأخلاقي هو إحكام السيطرة على المناطق المفتاحية في العالم بالنسبة للموارد، وفي الوقت نفسه إعاقة مستوى تطور البلدان التي تنافس الولايات المتحدة، والسمة الثالثة، وهي الأخطر هي التخلص من السكان الزائدين عن اللزوم في العالم.
إن وسائل حل هذه المعضلات كثيرة من وجهة نظر الأمريكان وهي: الإخلال باستقرار مختلف مناطق العالم، بما في« ذلك افتعال الحروب ودفع أزلامها إلى السلطة والإخلال بالأمن الوطني..إلخ وعلى الأرجح أن المجتمع العالمي لن يقبل بذلك.
إن الناس الذين قُرِر لهم مصير الفناء جاهزون للقيام بالحلول القصوى ونرى ذلك في الشرق الأوسط، كما نتوقع مواجهة أوسع في الغرب وغيره ضد العولمة مما سيعمق التناقضات وحتى في الولايات المتحدة يتعاظم فهم الأمريكيين كافة بأنهم وضعوا مصيرهم بيد المافيا المالية المعولمة التي يبلغ حجم أعمالها اليومي 3 تريليونات دولار افتراضي ولا يمكن إلا أن يقلق الأمريكيون من تركيب اقتصادهم حيث يحتل الاقتصاد الافتراضي 80 % منه، أماالإنتاجي فلا يشكل أكثر من 20% منه.