الحل اليمني مقرر.. والتنفيذ معلق على ملفات أخرى
يعرض المبعوث الدولي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبادرته الجديدة على أطراف الصراع اليمني، متضمنة بعض الطروحات التي تلاقي رفضاً من جانب حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، كونها تتضمن البحث في موضوع الرئاسة من حيث التمثيل والصلاحيات.
تعاطت القوى السياسية الموجودة في صنعاء، من «أنصار الله»، و«حزب المؤتمر الشعبي»، بحدة أقل مع مبادرة ولد الشيخ، وتوقفت كما جرت العادة في المبادرات السابقة عند مسألة أولويات الخطة، وترتيبات التنفيذ والضمانات المقترحة في الخطة.
مواقف حيال المبادرة
حسب التسريبات التي تناقلتها وسائل إعلام عديدة، فإن الخطة تتضمن الاعتراف بالرئيس عبدربه منصور هادي، «رئيساً انتقالياً بسلطات محدودة»، واختيار نائب جديد للرئيس بتوافق الأطراف السياسية جميعها.
كما تضمنت المبادرة تشكيل لجنة عسكرية وأمنية عليا، تتولى الإشراف على الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية بالمناصفة بين «أنصار الله» وحلفائها، و«الحكومة الشرعية» وحلفائها من جهة أخرى.
وتنص المبادرة أيضاً على تعديل مسودة الدستور الاتحادي، وفقاً للتوافقات التي تمت خلال مؤتمر الحوار الوطني. وبالعموم، فإن المبادرة تأتي من روح قرار مجلس الأمن رقم 2216 الخاص بالأزمة اليمنية، والذي يعد المرتكز لهذه المبادرة وما سبقها، لكن تبدو مسألة بحث مسألة الرئاسة هي الجديد في هذا الصدد.
وفي عرضه لردود الأفعال حول المبادرة، قال ولد الشيخ في جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي حول اليمن: إنه «ما من سلام دون تنازلات، وما من أمن دون توافقات»، واعتبر أن اليمنيين باتوا رهينة قرارات سياسية شخصية بعد 18 شهراً من الحرب، معرباً عن قلقه من تدهور الوضع الاقتصادي الذي يفاقم الأزمة الإنسانية.
يبدو الموضوع أبعد من الارتهان لتوجهات سياسية محددة في اليمن، بالنظر إلى التدخلات الخارجية الكبيرة في الساحة اليمنية، حيث أن المبادرات المتكررة حتى الآن تتضمن محتوى متقارب بشكل كبير، أي أن الحل اليمني أصبح منجزاً بالمعنى النظري إلى حد بعيد، لكن تبقى القضية رهناً بإرادة الأطراف التي تحمل علناً على عاتقها مسؤولية حل النزاع في اليمن، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا، ومعهما السعودية المستمرة في تسعير الصراع.
في هذا الصدد، يمكن القول فيما يخص السعودية، أنها تعيش بعقلية رائجة ضمن الأوساط السياسية في المنطقة، حول الرهان على التغيرات في الإدارة الأمريكية، وأن الانتظار حتى وصول الرئيس الجديد في الولايات المتحدة هو ضمن الأولويات، قبل الشروع بأية خطوات جدية في هذا الملف أو ذاك. وعليه، فإن مبادرة ولد الشيخ الأخيرة لم تلق اهتماماً كبيراً من الجانب السعودي الذي يكثف قصفه الإعلامي حالياً على سير المعارك في اليمن.
بريطانيا خلف الكواليس
بالعودة إلى الدراسات المتعلقة بتاريخ اليمن السياسي في القرن الماضي، لا تخلو أية دراسة من التطرق إلى دور بريطانيا في الحروب الأهلية المتعاقبة، بغض النظر عن تقييمات المستشرقين في هذا الإطار، وتبدو بريطانيا الأكثر خبرة في زرع وتنشيط الفوالق السياسية والاجتماعية في المنطقة، وتستفيد من هذه الميزة في الاستحواذ على دور وازن في الملف اليمني، حتى أنها «تتصدر» إلى جانب الولايات المتحدة مسألة حل النزاع اليمني تحت مظلة مجلس الأمن.
هذا الدور المبطن لبريطانيا وغير المفيد في حل الأزمة اليمنية، لم يكن مثار نقاش طوال الأزمة، بحكم التصدر السعودي للمشهد. لكن الأزمة الدبلوماسية مؤخراً بين روسيا وبريطانيا، دفعت بالمندوب الروسي في مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، إلى وصف بريطانيا بالمستفيد الأكبر من الحرب الدائرة في اليمن، داعياً إياها إلى التخلي عن إشرافها على الملف اليمني في مجلس الأمن الدولي.
وقال تشوركين- في معرض اجتماعات المجلس حول الوضع في اليمن يوم 31/تشرين الأول الماضي- أن بريطانيا التي تعد عادة مشاريع قرارات وبيانات حول اليمن، لا يمكن أن تشرف على هذا الملف في مجلس الأمن الدولي، بسبب مصلحتها في استمرار الحرب، مشيراً إلى أن لندن منذ شهر آذار لعام 2015، صدّرت أسلحة إلى المنطقة يقدر ثمنها بما يقارب 5 مليارات دولار.
وأضاف تشوركين أن دولاً جديدة تستعد الآن للانضمام إلى مجلس الأمن الدولي، ومن الممكن أن يتولى أحد الأعضاء الجدد في المجلس الإشراف على الملف اليمني في مجلس الأمن الدولي.