أي «إصلاح» ممكن في لبنان؟
كمال سعيد كمال سعيد

أي «إصلاح» ممكن في لبنان؟

ميشال عون رئيساً للبنان، بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي الناتج عن التجاذبات الحاصلة بين القوى السياسية في البلاد، وفي المنطقة والعالم. في الشكل، كانت الدفعة القوية لعون، من «تيار المستقبل» صاحب أكبر كتلة نيابية في البرلمان اللبناني، على أن يستحوذ «المستقبل» بدوره على رئاسة الحكومة. فهل يشهد لبنان التغيرات التي يطرحها عون في مشروعه الإصلاحي؟

 

لم تطل الاستشارات النيابية أكثر من يومين، قبل أن يكلف الرئيس اللبناني الجديد يوم الخميس 3/تشرين الثاني، رئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري، بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد حصوله على أصوات 112 نائباً من أصل 126 خلال الاستشارات التي قام بها الرئيس عون.

يردد التيار السياسي الذي يمثله ميشال عون: أنه يحمل مشروعاً إصلاحياً، ويأمل في قدرته على ضمان استقرار البلاد، أمنياً وسياسياً، فإلى أي مدى يمكن أن ينجح في تغيير واقع يزداد سوءاً من النواحي السياسية والاقتصادية؟

على المستوى الداخلي، وبعيداً عن العوامل الإقليمية والدولية الفاعلة في المسألة، فإن وصول عون إلى الرئاسة، قد مرَّ عبر منظومة المحاصصة السياسية الطائفية، ولذلك فهو مضطر لإيجاد توافقات مع الكتل النيابية التي أوصلته إلى منصبه، ومن المحتمل أن يحاول إحداث تغيرات سياسية من داخل هذه المنظومة، في مواجهة مع كتل الفساد داخل أجنحة 8 و14 آذار، لكن السؤال: هل يمكن ذلك دون مواجهة منظومة التحاصص ذاتها؟

من جهة أخرى، فإن عون يدرك الكم الهائل من المهمات التي تنتظره على الصعيد الاقتصادي، فهو رئيس لدولة الـ70 مليار دولار دَين! وشوارع لبنان طافحة بالنفايات، وبتعطيل سلسلة الرتب والرواتب، وبقضية المياومين، والكهرباء، أي جملة من القضايا التي لا تزال تلقى ممانعة شرسة من قوى الفساد اللبناني أمام حلها. فهل يستطيع عون بمفهوم «الإصلاح»، وضمن توافقاته مع الكتل الأخرى الوصول إلى حلول لتلك المشكلات؟

المؤكد أن إصلاح هذه المنظومة السياسية المتهالكة، وما تنتجه من سياسات اقتصادية- اجتماعية تساهم في إفقار الغالبية الساحقة من اللبنانيين، بات أمراً عصياً بالمطلق. لكن في المقابل، وبوجود استحالة إصلاح النظام السياسي اللبناني، هل سيكون عون جزءاً من جبهة جديدة ضد الفساد، من أي مكان، مستفيداً من حالة السخط الاجتماعي المتفاقمة في لبنان؟

جزء كبير من اللبنانيين يترقب بحذر خطوات عون الإصلاحية ذات الخطوط العريضة حتى الآن، ليبقى السؤال المطروح برسم التحركات التي سيقوم بها الرئيس الجديد في المرحلة المقبلة، لا سيما في القضايا التي قد تشكل مرحلياً نقطة توافق بين عدد كبير من الكتل السياسية، كقانون الانتخاب المعتمد على النسبية.