اليابانيون ووعود هاتوياما في التغيير..
على وقع استيائهم من مفاعيل الأزمة الرأسمالية العالمية على واقعهم الاقتصادي القائم أصلاً على استنزاف الطاقات البشرية، ومن شدة معسول وعود التغيير التي أطلقها زعيم الحزب الديمقراطي انقلاباً على آثار أكثر من نصف قرن من حكم «المحافظين» والحزب الديمقراطي الليبرالي، منح الناخبون اليابانيون يوكيو هاتوياما ضوءاً أخضر لتشكيل حكومة جديدة وتنفيذ وعوده بالالتفات للشأن الداخلي وإتباع مسار دبلوماسي أكثر استقلالاً لليابان.
وبينما أثارت إمكانية وصول إدارة من الحزب الديمقراطي للسلطة في اليابان بعد 54 عاماً من حكم المحافظين الذين يضعون الشراكة مع الولايات المتحدة في قلب موقفهم الأمني قلقاً في واشنطن من انحراف اليابان عن التحالف، لا يتوقع معظم المحللين أن يطرأ تغير كبير بعد تولي هاتوياما لرئاسة الوزراء في 16 الجاري، ولكن مستثمرين أبدوا قلقهم من احتمال دخولهم في طريق وعر، في حين سارعت واشنطن عبر سفيرها في طوكيو جون روس إلى إجراء محادثات مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة واتفقا على تعزيز العلاقات، بل وتوسيعها، حسب روس «لتشمل الموضوعات العلمية والثقافية» لأن «البلدين لديهما قيم ومصالح مشتركة».
وجاء هذا الاجتماع عقب اتصال هاتفي حاول هاتوياما خلاله طمأنة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن العلاقة بين البلدين ستظل محورية بالنسبة لدبلوماسية طوكيو، علماً بأن الديمقراطيون في حملتهم الانتخابية تعهدوا بخلق شراكة أكثر ندية مع واشنطن وإقامة علاقات أكثر دفئاً مع دول آسيوية مجاورة مثل الصين، وكذلك مع كورية الجنوبية وروسيا.
غير أن واشنطن استبقت ذلك كله معلنة غداة ظهور نتائج الانتخابات استبعادها «إعادة التفاوض مع طوكيو على الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان بشأن القواعد الأمريكية على الأراضي اليابانية»، وأعلنت بنَفَسٍ متعال جسده المتحدث باسم بيتها الأبيض روبرت غيبس أنها «أقامت على الدوام علاقة قوية (مع طوكيو) وتعتقد أن هذه العلاقة ستستمر كائناً من كانت الحكومة التي تحكم» اليابان.
ورغم الفوز الكبير في انتخابات مجلس النواب يحتاج الحزب الديمقراطي إلى تعاون الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الشعب الجديد المحافظ الأصغر حجماً ونفوذاً ليحتفظ بالأغلبية في مجلس المستشارين بحيث يتسنى تمرير القوانين بسهولة.
وتعهد الحزب الديمقراطي بالتركيز على الإنفاق على المستهلكين والحد من سلطة البيروقراطيين في وضع السياسات.
ويخشى بعض المحللين من أن تزيد خطط الإنفاق الخاصة بالحكومة المقبلة من حجم الدين العام الذي يمثل بالفعل نحو 170 في المئة من إجمالي الناتج المحلي وهو الأعلى بين الدول المتقدمة.
كما تعهد هاتوياما بعدم زيارة ضريح «ياسوكوني» لقتلى الحرب حيث دفن زعماء يابانيون أدينوا كمجرمي حرب. وتعتبر دول آسيوية كثيرة الضريح المقام بطوكيو رمزاً مزعجاً للعدوان العسكري الياباني في الماضي. وقال لاحقاً «إن الحكومة اليابانية القادمة تملك الشجاعة لمواجهة التاريخ الماضي»، واعداً من ناحية ثانية بالعمل على «قوننة» مبادئ عدم امتلاك اليابان للقوة النووية والتي تعود إلى عام 1967، في انقلاب ظاهري منه على إشارات من المحافظين خلال السنوات القليلة الماضية تعكس رغبتهم في التخلي عن مفهوم اليابان الخالي من القوة النووية، تحت ذريعة تطور القدرات النووية الكورية الشمالية، ما دفع بالعديد من اليابانيين إلى الشك بأن الحزب الديمقراطي الليبرالي سمح للطائرات والسفن الأمريكية الحاملة للأسلحة النووية بالتوقف على الأراضي اليابانية.