هناك عفونة تتجاوز الدانمارك مهزلة الناتو بخصوص حرية التعبير وحلفاؤه في حركة السلام

من الناحية الفكرية فإن العنصرية التي تنضح بها الرسوم الدانماركية سيئة الصيت واضحة للغاية. وإن استنكار هذه العنصرية يتنامى وهو أمر مؤكد. لكن وفيما يتعلق بالقوى التي تنظم وتحشد فعلياً لشيء مظلم تماماً من خلال ما يزعم بأنه رسم كاريكاتوري عن نية طيبة ويتعلق بـ «حرب» بين رسامي الكاريكاتور، فإنها تلزمنا جميعاً وبجدية للنفاذ إلى دلالاتها السياسية.

إن ما يجري تنظيمه من خلال الإعلام الدانماركي ليس أقل من رافعة للرأي العام الذي لا يعد متعصباً دينياً في عنصريته. إنه رافعة للرأي العام تتجاوز البعد الهتلري في مسعاها لتبرير القضاء عملياً على المليارات من أقراننا من بنى البشر على وجه البسيطة. ولقد كان هذا الأمر على جدول أعمال القوات العسكرية الغربية منذ زمن، وحتى أن القوى السياسية التي طالما حسبت على خانة «حركة السلام» دخلت في تسوية لخدمة هذا الموضوع أو أنها يجري إدخالها في تلك التسوية.

قبل أشهر عدة وبعد ظهورها الأول وبروز ردود الأفعال عليها من جانب المسلمين في أوربا، بدت الرسوم الكرتونية الدانماركية مشاحنة عنصرية لا شأن لها كثيراً.

غير أنه وخلال الفترة الفاصلة منذ ذاك التاريخ وحتى الآن، طُلب من حلف الأطلسي توسيع جدول أعماله القائم على المحق والإبادة في أفغانستان على اعتبار أن ذلك سيمكن الولايات المتحدة جزئياً من سحب أربعة آلاف من جنودها من أفغانستان لزجهم على جبهة العراق. ومن الواضح أن هناك خطة يجري تطبيقها لإعادة طبع تلك الرسوم ونشرها على أوسع نطاق في دول الناتو تحت مسمى «حرية الصحافة»، واستغلال الإساءة للمسلمين وردة أفعالهم الشفهية لتسويغ ذاك النشر من خلال إعادة الطبع.

ويبرز هذا الموضوع بوصفه قضية أساسية بالنسبة لأنصار الحقوق الفلسطينية والحركة المناهضة للحرب على حد سواء.

إن الناتو والولايات المتحدة هما مصدر هذه الهستيريا وأساسها وهما الهدف الأكثر استحقاقاً لغضبة الشعوب. ولا يوجد في هذه القضية ما يمكن الدفاع عنه، ولكن من أجل الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والسياسية للجميع فإنه من الواجب فضح وإدانة «حرية التعبير» بالنسبة للصهاينة الذين يبيدون الفلسطينيين أو بالنسبة للجيوش الأطلسية التي تنزع نحو ممارسة الإبادة الجماعية والقضاء على العالم الإسلامي.

■ غاري زاتسمان

 

www.dissidentvoice.org