(-1914 1918/ 1939 - 1945 / 2001 -... الأزمة الاقتصادية والحروب العالمية

ليست الحرب سوى استمرارٍ وعاقبةٍ لأزمة الرأسمالية.

لا يمكن فصلها عن تلك الأزمة، ولا يمكن البحث عن حلّ للسلام بمعزلٍ عنها.

ليس بوسع جميع خطط إعادة التنظيم الرأسمالي وجميع خطط الفاشية إلاّ أن تسرّع من اندلاع الحرب.

هذا صحيحٌ بالنسبة لماكدونالد أو هتلر بمقدار ما هو صحيحٌ بالنسبة لروزفلت.

الحرب لا تندلع فجأةً نتيجة حدثٍ خارجي؛ وهي ليست تهديداً غائماً في المستقبل يمكن أن تطرده مؤامرةٌ خاصة؛ بل هي في جوهرها موجودةٌ ضمناً في العوامل القائمة، في القوى المهيمنة الحالية، في الخطط الحالية للرأسمالية.

إنّ جميع الخطط الحالية للرأسمالية هي خطط تحريضٍ على الحرب؛ وهي تميل إلى التنظيم المتزايد للكتل الإمبريالية؛ إنها حرب الرسوم الجمركية، حرب الذهب؛ إنها حرب جريان المال؛ هي الحرب بجميع الأسلحة الممكنة: الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية. وليست المسافة بعيدةً من هناك إلى المرحلة النهائية، أي الحرب المسلحة.

جميع الخطط الحالية للرأسمالية يهيمن عليها بشكل مطرد هدف التدمير.

الرأسمالية قوّة لتدمير المجتمع

إنّ جميع هذه المظاهر الحديثة الأكثر نمطيّةً، بدءاً من الرسوم الجمركية الفائقة ومن استعباد بلدانٍ بأكملها، ووصولاً إلى إتلاف المنتجات الغذائية بحرقها وإتلاف مزارع القطن، ومن تدمير المصانع والآلات وصولاً إلى الحكم بالمجاعة على ملايين البشر القادرين والأكفياء – تشكل برهاناً جيداً على استمرار خطة تدمير جهد البشر وعملهم، وإفناء الإنتاج وتدمير الحياة.

الحرب امتداد الاحتكار

ما من حاجةٍ لإنفاق الملايين لشراء آلاتٍ بهدف تدميرها، وإنفاق الملايين لإنتاج مدافع وزوارق حربية وذخائر ستنثر في الهواء.

ليست المسافة بعيدةً بين الحكم على ملايين البشر بالموت البطيء المتمثّل بالبطالة – فهم "فائضون" – وبين الحلّ النهائي المتمثّل في قتلهم بالقنابل والغازات، والمستفيد الأكبر هو مجموعة رأسماليين يعيدون تقاسم العالم فيما بينهم بعد المجزرة.

لكنّ هذا لا يعني أنّ الحرب، ولا الفاشية، تمثل الحل النهائي لأزمة الرأسمالية. بل بالعكس. فالحرب، كما الفاشية، هي حالياً مآل تناقضاتٍ متفاقمة داخل الرأسمالية السائرة نحو التفكك؛ لكنّ ذلك لا يحلّ التناقضات. فهذه وتلك تحملان تلك التناقضات في نقطتها القصوى؛ وبسببها تتمكن الفاشية والحرب من أن تنظّما نفسيهما، وتحجبا الأسباب العميقة لانحلال نظامٍ يؤدي إلى تدمير كلّ أمّةٍ وجميع أمم العالم.

 

● الصفحة 120 من كتابٍ راهنٍ على نحوٍ مدهش في العام 2006: «الفاشية والثورة»، لمؤلفه بالم دات، منشورات باريس، 1936.