لعبة القط والفأر في واشنطن ثنائي تشيني ورامسفيلد... وهوس توسيع صلاحيات الرئيس
ها نحن ندخل عاماً جديداً، لكن خوفاً قديماً يظل جاثماً على صدورنا. كيف لا والأمر يتعلق بديك تشيني، نائب الرئيس الذي يؤمن بالتنصت غير المحدود على الأمريكيين حتى دون تفويض قضائي.
وقد بلغت به الرغبة في الحفاظ على سريته إلى درجة أنك لو طلبت من محرك ''جوجل'' على الانترنت البحث عن محل الإقامة الرسمية لنائب الرئيس في واشنطن، فإنك لن تحصل سوى على صور غير واضحة تم العبث بها عمداً لإخفاء المقر، في حين تستطيع بسهولة مشاهدة صور ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية للبيت الأبيض والبنتاجون ومقر الكونجرس، إلا أنك لن تعثر على عرين ملك العالم السفلي، ديك تشيني.
ولقد أثبت الثنائي رامسفيلد وتشيني أن ما يعتمل في صدريهما من نوايا يفوق بكثير فورة النساء عندما تقع. فقد كانت سنوات خدمتهما في إدارة الرئيس الأسبق جيرالد فورد والضعف الذي كانا يشعران به يومئذ جراء افتقادهما للصلاحيات الكبيرة كفيلة بتأجيج مشاعر الانتقام لديهما والرغبة في احتكار السلطة التنفيذية. ففي ظل المناخ الجديد الذي أعقب فضيحة ''ووترجيت'' وتقلص صلاحيات السلطة التنفيذية بتنفيذ عمليات سرية فقد كل من رامسفيلد الذي كان كبير الموظفين في إدارة فورد ثم أصبح وزيرا للدفاع، وتشيني الذي خلفه في منصب كبير الموظفين السلطات التي كانا يرغبان فيها بعدما مالت كفة السلطة مجددا لصالح الكونجرس. وجاء ذلك متزامنا مع العصر الذهبي للصحافة خلال السبعينيات حيث وصلت ذروة قوتها عندما ساهمت في تشكيل الرأي العام إزاء حرب فيتنام، ولعبت دوراً أساسياً في كشف فضيحة ''ووترجيت''. حينها كان المراسلون يتمتعون بحرية أكبر في الحصول على الأسرار الحكومية محتمين بقانون حرية المعلومات. وبالطبع لم يكن الأمر ليروق كثيراً للثنائي رامسفيلد وتشيني اللذين اعتقدا بأن الكونجرس يحتكر سلطات ترجع في الأصل إلى البيت الأبيض. لذا قضى صديقانا ثلاثين عاماً مضت يحلمان بإعادة نفخ عضلات البيت الأبيض. وعندما أعلن تشيني نفسه نائبا للرئيس استقدم معه رامسفيلد لتكتمل الحلقة في أكثر الإدارات الأميركية تضخما في قوتها. ولم يكن بوش ليعترض على ذلك ما دام يتشبث بشعار العائلة ''نحن نعرف أفضل، ثقوا بنا''·
ولعل أول ما قام به وصيا الحكم تشيني ورامسفيلد هو إعادة عقارب الساعة إلى حقبة نيكسون مستلهمين منها الإفراط في استخدام السلطات الرئاسية، والأكثر من ذلك جاء وزير العدل السابق جون أشكروفت ليدشن العهد الجديد لتشيني ورامسفيلد من خلال إجهازه على قانون حرية المعلومات. وبرر تشيني التنصت على المكالمات الهاتفية دون تفويض قضائي بقوله: إن التهديدات التي تعيشها الولايات المتحدة اليوم، هي نفس التهديدات التي كانت قائمة خلال الحرب الباردة ولذلك لابد أن تبقى سلطات الرئيس الدستورية قوية، خصوصا فيما يتعلق بالأمن القومي.(!!؟) والرسالة واضحة لا لبس فيها وتدعو الكونجرس والصحافة بصريح العبارة إلى البقاء في الصفوف الخلفية وترك الملعب خاليا للثنائي تشيني ورامسفيلد كي يرتعا فيه دون مضايقات من أحد. وللتأكد من خطورة الموضوع انظروا إلى القصة التالية: عندما كان نيلسون روكفيلير نائبا للرئيس فورد وضع خطة حكومية تهدف إلى تطوير مصادر بديلة للطاقة تضمن عدم الاعتماد على النفط الأجنبي. لكن من تظنون قام بإفشال الخطة؟ لم يكن سوى نائب الرئيس الحالي ديك تشيني الذي مازال كما كان رجلا خطيرا للغاية.
■ مورين داود/ بتصرف
